التضامن مع المحامين يتحول صدامات: ضرب ملحم خلف بالهراوات

ليست المرة الأولى التي تتعمد فيها العناصر الأمنية الاعتداء على المحتجين (علي علّوش)
ليست المرة الأولى التي تتعمد فيها العناصر الأمنية الاعتداء على المحتجين (علي علّوش)


أمام المدخل الرئيسيّ لقصر عدل بيروت، اعتدت عناصر من الجيش اللبناني على نقيب المحامين السابق، النائب ملحم خلف، وضُرب بالهراوات، بعد مطالبته بمرافقة مجموعة من المحامين إلى داخل النقابة قبل جلسة التحقيق معهم.


وقفة تضامنية..

وكانت مجموعات من الناشطين قد نظمت وقفة تضامنية، اليوم الثلاثاء 12 آذار، أمام قصر عدل بيروت، لمساندة بعض المحامين وهم: واصف الحركة، علي عباس، بيار الجميل، إثر ملاحقتهم قضائيًا بتهمة "تحقير القضاء". وما لبثت أن تحولت الوقفة التضامنية إلى مشهد صادم لعناصر أمنية تتعمد ضرب جميع المحتجين، لمنعهم من الاقتراب من الباب الرئيسي لقصر عدل بيروت، خوفًا من "اقتحام" العدلية.

والحال، فإن نقابة المحامين قد حققت مع المحامين في التهم المنسوبة إليهم، واستمعت إلى أقوالهم، وستقرر بعد اجتماع مجلس النقابة خلال الأيام المقبلة، إن كانت ستعطي الإذن للقضاء اللبناني بملاحقتهم أم سترفض ملاحقة أي محامي.

وبالعودة إلى تاريخ الثالث من آب العام 2023، قبل يوم واحد من الذكرى السنوية الرابعة لتفجير المرفأ، دخلت مجموعات طلابية إلى قصر عدل بيروت، وفُرشت قاعة الخطى الضائعة بصور المدعى عليهم في قضية المرفأ، ووُضعت الصور على الأرض، وذكّر الطلاب بالعدالة المفقودة. حينها، كان القاضي غسان عويدات، مدعيًا عامًا تمييزيًّا، فوُضعت صورته على الأرض وبجانبها صورة النائب غازي زعيتر، ومجموعة من الشخصيات الأمنية والقضائية والسياسية. وما هي إلا دقائق حتى أقبل المحامي محمد زعيتر وسحب صور والده وخاله (غسان عويدات) عن الأرض وغادر القاعة.


"تحقير القضاء"؟

وبعد مرور سبعة أشهر على هذا "الحدث"، قرّر المحامي العام الاستئنافي، القاضي زاهر حمادة "الدفاع" عن القضاء اللبناني، ومُلاحقة كل من يلحق الإهانة بالجسم القضائي، فادعى على المحامين: واصف الحركة، علي عباس، بيار الجميل، بجرم "تحقير القضاء"، متهمًا إياهم بمساعدة الطلاب في الدخول إلى قصر عدل بيروت من الباب الخلفي وإهانة القضاة.

وفي مضمون الادعاء، أفاد حمادة أن المحامين أقدموا على الدخول "من الباب الخلفي" إلى داخل قصر عدل بيروت حاملين صورًا لعدد من الشخصيات السياسية والأمنية والعسكرية، وعلى هذه الصور كتبت عبارة "لبنان يحكمه فارون من العدالة"، وبعد وضعها على الأرض، داسوا عليها بأحذيتهم. لذلك، إلتمس حمادة من هذا التحرك إهانة قاسية للقضاء اللبناني العاجز عن تحقيق عدالة تفجير المرفأ، وطلب من نقابة المحامين إعطاء الإذن لملاحقة المحامين بجرائم المواد 383، 386، 388 من قانون العقوبات.

على هذا الأساس، نُظمت وقفة تضامنية مع المحامين أمام قصر عدل بيروت، وشارك فيها مجموعة من المحامين، وبعض الشخصيات السياسية وهم: ملحم خلف، بولا يعقوبيان، ياسين ياسين، نجاة صليبا، إبراهيم منيمنة وفراس حمدان. وعند الساعة الواحدة ظهرًا، اقترب خلف والمحامون من الباب الحديدي للدخول إلى النقابة ومرافقة المحامين أثناء جلسة استجوابهم، إلا أن عناصر من الجيش اللبناني منعتهم من الدخول من هذا الباب، طالبةً منهم التراجع والدخول إلى النقابة من الباب الخلفي، واعتدت على خلف وبعض المحامين بالضرب.

عمليًا، ليست المرة الأولى التي تتعمد فيها العناصر الأمنية الاعتداء على المحتجين، ولن تكون الأخيرة. لكنها أثارت سخط المحامين، فتوجهوا إلى نقابتهم للاعتراض على المهانة التي لحقت بهم، معتبرين أن الأجهزة الأمنية صارت متواطئة على المحامين، وبالرغم من أن قصر عدل بيروت هو "بيت للمحامين" إلا أنهم فقدوا احترامهم وبات من الضروري أن تبدي النقابة موقفها بصرامة.

وحسب مصادر مقربة من نقابة المحامين في حديث خاص لـ"المدن"، فإن مجلس نقابة المحامين سيناقش هذه الملفات يوم الجمعة، ليتخذ قراره بهذا الشأن. ورجحت المصادر أن يكون موقف النقابة صارمًا هذه المرة ولن يتهاون في الدفاع عن المحامين. ومن المتوقع أن ترفض إعطاء الإذن لملاحقة المحامين.

يُذكر أن النقابة حققت مع المحامي بيار الجميل (شقيق الضحية جاك الجميل في تفجير المرفأ) في ملفين منفصلين، الأول يتعلق باتهامه بتحقير القضاء في الثالث من آب 2023، والملف الثاني يتعلق بادعاء النيابة العامة التمييزية على الجميل بتهمة تحقير القضاء أيضًا، بعد أن توجه بكلمة إلى بعض القضاة وهو يحمل الحذاء الأسود خلال مشاركته في وقفة احتجاجه أمام قصر عدل بيروت، اعتراضًا على قرار القاضي صبوح ساليمان بـ"وقف" تنفيذ مذكرة التوقيف الصادرة بحق الوزير السابق يوسف فنيانوس.

وعلى هذا المنوال.. تجري أحوالنا قضائياً وسياسياً وأمنياً.

تعليقات: