عودة متهمة ب أفعال جنائية إلى السجل العقاري في بعبدا

ما زال ملف أمينة السجل التي أعادها وزير المال إلى عملها في الهيئة الاتهامية في بعبدا (علي علّوش)
ما زال ملف أمينة السجل التي أعادها وزير المال إلى عملها في الهيئة الاتهامية في بعبدا (علي علّوش)


بعد عودة العمل إلى الدائرة العقارية في بعبدا، وبدء المواطنين تسلم سندات الملكية المنجزة يوم الجمعة الفائت، عقب إقفال امتد لأكثر من سنة ونصف السنة، قرر وزير المالية يوسف الخليل، يوم أمس الثلاثاء، إعادة نايفة شبو إلى أمانة السجل العقاري في بعبدا. المذكرة، التي حملت الرقم 469/ص بتاريخ 12 آذار، عللها الخليل بأنها أتت "بناء لضرورات العمل ولحسن سير المرفق العام".


مكافأة شبّو

كف الوزير الخليل بموجب المذكرة أمين السجل العقاري بالتكليف باسم الحسن عن عقارية بعبدا، وأعاده إلى منصبه في صيدا، بعدما أعاد دورة العمل في هذه الدائرة. وفي المقابل كافأ شبو التي صدر بحقها قرار ظني باعتبار أفعالها جناية، في قضية فساد الدوائر العقارية، التي ضج بها البلد منذ نحو سنة ونصف السنة. هذا رغم أن القضاء لم يبت بالملف.

يوم الجمعة الفائت بدأت عقارية بعبدا بتسليم 1500 معاملة منجزة للمواطنين، كسائر عقاريات جبل لبنان. وعاينت "المدن" المشهد الذي جرى بانضباط تام، حيث منع تواجد أي سمسار، وجرى تنظيم دخول المواطنين لتسلم معاملاتهم باليد. وكان أمين السجل بالتكليف الحسن، الذي أشرف على إنجاز هذه المعاملات، يحرص على عدم وجود أي تجاوز من أي سمسار.


تهم بعقوبات جنائية

في الأسابيع التي سبقت تسلم المواطنين المعاملات، سار العمل الداخلي في عقارية بعبدا طوال المدة الفائتة. أنجزت المعاملات وجرى تسليمها للمواطنين، الذين هم على موعد بحصول هذا الإجراء كل يوم جمعة، إلى حين الانتهاء من العمل على كل الملفات العالقة، والتي يزيد عددها عن عشرة آلاف معاملة. لكن مساء أمس كف الوزير يد الحسن وأعاد شبو إلى أمانة السجل، والذريعة "حُسن سير العمل في المرفق العام"!

منذ سنة بالتمام، أصدر قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان، نقولا منصور، القرار الظني في ملف الفساد في عقارية بعبدا بحق عشرات الموظفين والسماسرة. وادعى على العديد منهم بمواد جنايات وجنح عدم التصريح عن الذمة المالية والإثراء غير المشروع. وادعى على أمينة السجّل العقاري في بعبدا نايفة شبو بالمادة 352 من قانون العقوبات (جنايات)، وبجنحة المادة 14 من قانون التصريح عن الذمة المالية، وبجنح المواد 351، 357، 371 و373 عقوبات. ورغم أن شبو اعتبرت أن إفادات الموظفين ومعقبي المعاملات والسماسرة بحقها، لجهة تقاضي رشاوى لإنجاز المعاملات، مجرد افتراء، فإن ادعاء منصور عليها يستوجب إحالتها إلى محكمة الجنايات في جبل لبنان.


إعادة عقارب العقارية إلى الوراء

وتقول مصادر مطلعة على الملف لـ"المدن"، إنه مر أكثر من عام وما زال ملف شبو في الهيئة الاتهامية في بعبدا ولم يصدر أي قرار بعد. وإذ تستغرب المصادر هذا التأخير المتعمد للملف في الهيئة الاتهامية، تلفت إلى أن قرار الوزير الخليل بمثابة صك براءة لها قبل قول القضاء كلمة الفصل بحقها. فإلى حد الساعة ما زال موظفون صغار، سيقت بحقهم اتهامات وأُسندت لهم أفعال لم يرتكبوها، "يجرجرون" إلى المحاكم، فيما جرى تبرئة رؤوس كبيرة، كانت على رأس فساد العقاريات، وعادوا إلى مناصبهم.

وتضيف مصادر أخرى أن قرار الوزير الخليل بإعادة شبو إلى مركز عملها، من دون أن يسأل عن مصير ملفها القضائي، بمثابة إعلان واضح لإعادة عقارب ساعة الدوائر العقارية إلى ما قبل انكشاف قضية الفساد المستشري في العقاريات. وتسأل: ما هي ضرورات حسن سير المرفق العام التي تستدعي إعادة موظف يفترض أن يحال إلى محكمة الجنايات، في وقت سار العمل في بعبدا وبدأ المواطن يستلم المعاملات؟

وتقول المصادر إنه عندما صدرت مذكرة الخليل مساء أمس بدأت الاتصالات تصل إلى مدير الشؤون العقارية جورج معراوي للاستفسار. وكان جواب الأخير أن لا علم له مسبقاً بهذه المذكرة وأن الوزير الخليل لم يبلغه بها. وإذ تؤكد المصادر بأن مذكرة بهذه الأهمية لا يمكن أن تصدر من دون تنسيق تام بين المدير العام والوزير، تلفت إلى أن تنصل المعراوي أمام محديثه من ذنب إعادة شبو إلى منصبها، خير دليل على مدى فداحة قرار الوزير الخليل.

تعليقات: