أقرت المراسيم للعديد من الجامعات لإرضاء القوى السياسية المتحكمة بمجلس الوزراء (عباس سلمان)
وزع مجلس الوزراء في جلسته التي عقدت يوم أمس الثلاثاء، هدايا كثيرة للجامعات الخاصة، ومنح العديد منها تراخيص غب الطلب، شملت غالبية الأحزاب، على رأسها حركة أمل وحزب الله وتيار العزم والمستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي. فقد أقرت الحكومة 30 مشروع مرسوم للترخيص للجامعات باستحداث فروع وكليات واختصاصات وبرامج وشهادات وتعديل تسميات، على اعتبار أنها من الأمور الضرورية والملحة وتدخل في صلب تصريف الأعمال.
القرار الذي أقر هذه المراسيم حمل الرقم 19 وأتى بطلب من وزير التربية عباس الحلبي. والملفت فيه، أن مجلس الوزراء قال إنه اطلع على الموضوع والمستندات المذكورة وقرر منح هذه التراخيص، وذيله بأن الوزراء تنازلوا عن حق طلب إعادة النظر بالقرار لإصداره وكالة عن رئيس الجمهورية. لكن الملفت أن المستندات التي عللت صدور القرار (من مراسيم وتوصيات مجلس التعليم العالي وكتب وزير التربية) عددها بالمئات، وتحتاج لسنوات لمراجعتها، قبل إصدار أي قرار. فهل فعلاً اطلع السادة الوزراء على كل هذه المستندات والتوصيات؟ هل تسنت لهم الفرصة والوقت للاطلاع عليها؟ وقبل هذا، هل بات مجلس التعليم العالي هيئة رسمية لرفع توصيات لإعطاء التراخيص؟ هل رأى مجلس التعليم العالي أن البلد بحاجة لهذه البرامج والاختصاصات، من خلال دراسة وتخطيط؟ أليس هذا دوره الأساسي، قبل رفع أي توصية للترخيص لهذه الجامعة أو تلك؟
إرضاء أحزاب مجلس الوزراء
منحت حكومة تصريف الأعمال الهدايا لجامعات، منها المتورط في بيع الشهادات للعراقيين ومنها من لديه سجل حافل في المخالفات، وذلك على قاعدة إرضاء جميع الأحزاب والطوائف. وأقرت في قرار واحد المراسيم للجامعات المرموقة وتلك التي فرخت على مدى السنوات الثلاثين الأخيرة كمؤسسات تجارية بحت. ووصل ببعضها الأمر إلى حد بيع الشهادات، ليس للعراقيين فحسب، بل للبنانيين، ضج بها البلد في السنوات العشرة الأخيرة.
لكن، يبدو من فحوى القرار أن السادة الوزراء كانوا مسرعين للغاية في مراجعة مشاريع المراسيم (والمستندات؟) ووصل بهم الأمر إلى حد إقرار أحد المراسيم (البند 28 من القرار الآنف الذكر) رغم وجود خطأ فادح فيه يتعلق باسم الجامعة. فقد منح هذا البند "الجامعة الحديثة للإدارة والعلوم" الحق في تسمية كليات وإعادة تنظيم برامج واختصاصات، لكن سها المرسوم عن ذكر اسم الجامعة كاملاً.
إلى هذه الجامعة التي منحت الحق في تعديل تسمية كليات وتنظيم برامج واختصاصات (من دون تحديد أي كلية وأي اختصاص بالاسم، بل غب الطلب) ومرسوم آخر للترخيص لها باستحداث فرع جغرافي في جل ديب، منحت جامعة الكفاءات (نشأت كمعهد فندقي وباتت لاحقاً جامعة) مرسوماً لاستحداث برنامج ماجستير في التصميم الداخلي، وذلك من دون وجود كلية هندسة في الجامعة. ومنحت ترخيصاً لاستحداث ماجستير في إدارة الأعمال. وكذلك منحت حكومة تصريف الأعمال جامعة أخرى مرسوماً لاستحداث "برامج" بمستوى الإجازة الجامعة لكن من دون تحديدها بالاسم أيضاً. كما لو أن الأمر يتم بهذه الطريقة ومن دون أي رقابة، كي لا نتحدث عن التخطيط الاستراتيجي لحاجة البلد للجامعات والاختصاصات.
إهمال الجامعة اللبنانية
المراسيم ترضي القوى السياسية المتحكمة بمجلس الوزراء. وهي بمثابة هدايا للقطاع الخاص للتوسع أكثر فأكثر على حساب الجامعة اللبنانية، التي بات الطلاب يهجرونها للتعلم في الجامعات الخاصة. فهذه القوى السياسية تتعامل مع الجامعة اللبنانية كإدارة عامة للتوظيف الزبائني، كما تدّل كل المفاوضات والصراعات على ملف تفرغ الأساتذة المتعاقدين في الجامعة اللبنانية. بمعنى أوضح، يراد للجامعة اللبنانية أن تصبح صرحاً للتوظيف وشبيهة بالمدرسة الرسمية (إهمال متعمد وتوظيف عشوائي)، فيهجرها اللبنانيون تباعاً. فليس تفصيلاً أن المدرسة الرسمية باتت للفقراء والمعدمين، وأكثر من سبعين بالمئة من اللبنانيين ينفرون منها ويفضلون تعليم الأبناء في القطاع الخاص (المدارس بالمناسبة خاضعة للتبعية الطائفية والسياسية مثل الجامعات الخاصة).
تعليقات: