الجماعة الإسلامية
العاصمة #بيروت إلى الواجهة من جديد من باب جديد-قديم هو الوضع الأمني، والسبب عودة المظاهر المسلّحة بشكل علنيّ، بالإضافة إلى انتشار مجموعات تسيطر على الأحياء وتفرض "خوّات"، وتبسط سيطرتها غير الشرعية.
الظهور المسلح الأخير للجماعة الإسلامية أثناء تشييع 3 مقاتلين سقطوا في الجنوب، وما تبعه من سجالات، أعاد فتح الحديث عن العاصمة ومناطق السيطرة، بعد أن كانت همدت منذ سنوات.
من خارج سياق التشييع، ومنذ العام 2005، تنشط تيّارات عديدة في داخل العاصمة تحت أسماء وشعارات عديدة، حيث عمد العديد من الأحزاب إلى عمليات تسليح تحت عباءة جمعيات أو حماية أحياء، تظهّرت بشكل واضح في أحداث 7 أيار واستمرّت بعدها.
لكن المناطق ذات الأكثرية الشيعية هي الأكثر تسليحاً بحكم وجود "#حزب الله" وحركة "أمل". وقد بدأ التسلّح يتمدّد إلى مناطق أوسع أو إلى المناطق السنيّة عبر عدّة مسمّيات كالجمعيات الخيرية وسرايا المقاومة والشخصيات المرتبطة بالحزب، كشاكر البرجاوي وغيره، بالإضافة إلى حضور أحزاب قريبة من سوريا كالقومي السوري الاجتماعي وحزب البعث. هذا الواقع، فرض ما يشبه السيطرة العسكرية من قبل الثنائي وحلفائه على جميع مفاصل المناطق الطائفية، إلّا أنه لم يكتسب أيّ بيئة حاضنة كبيرة، خصوصاً في المناطق السنيّة التي بقي أهلها وسكّانها رافضين لأولئك جميعاً.
بعد ذلك، ظهر ما هو أسوأ، تحديداً بعد حراك الـ2019 وعمليات الانفلات الأمني نتيجة تراخي القوى الأمنية، إذ بدأت الأمور تتّخذ أشكالاً خطيرة، وبدأت المجموعات المسلحة تفرض سيطرتها على الأحياء، مستغلّة القوة والحماية التي تتمتّع بفضل الأحزاب الكبيرة، بالإضافة إلى الدعم المالي التي حصلت عليه واستغلّته في استقطاب الناس أثناء الأزمة الاقتصادية.
وبعد انسحاب الرئيس سعد الحريري من الحياة السياسيّة، وجد الناس أنفسهم من دون مرجعيّة سياسيّة، وهذا ما شكّل عاملاً إضافياً مساعداً لتقوية نفوذ هؤلاء. وعلى الرّغم من هذا كلّه، لم تتوسّع بيئتهم الحاضنة، وفق ما أظهرته واضحاً الانتخاباتُ النيابيةُ الأخيرة، حين ذهبت الناس نحو خيار التغيير المدنيّ، في الوقت الذي لم يفلح فيه الباقون في تعزيز تمثيلهم النيابيّ والحضور السياسي في العاصمة، لغاية الأشهر الأخيرة وحدوث عملية طوفان الأقصى، التي كانت فرصة كبيرة لأحزاب الثنائي، خصوصاً بعد التعاطف السني الكبير مع القضية. وما زاد من تطور الأمور لصالح المجموعات المسلّحة هو التغيير في قيادة الجماعة الإسلامية لتصبح مقرَّبة أيضاً من المحور الممانع، فكان الدخول عبر حزب سنيّ، يحظى بحضور في الشارع ومنظّم، فرصة ذهبية، لا سيّما أن البوابة هي القضية الفلسطينية التي تلاقي أرضية كبيرة، فمُدّت الجماعة بالسلاح، وفُتح لها مجال العمل في الجنوب بما يعزّز مقبوليّتها أكثر في الشارع.
وبعد الظهور المسلّح الأخير، بدا وكأنّ السلسلة اكتملت، وما كان في الخفاء في السنوات الماضية أصبح علنياً اليوم، ولم يعد السلاح حكراً على منطقة واحدة بل أصبح منتشراً بطريقة علنيّة في بيروت، وهو في النهاية بخدمة أجندة واحدة هي السيطرة على العاصمة بل السّلاح.
هذا الامر ترفضه مصادر الجماعة الإسلامية جملة وتفصيلاً، وتقلّل من أهمية حدث الأسبوع الماضي، بل تشدّد على أن الجماعة ترتكز على مبدأ بناء الدولة والدفاع عن الوطن، مؤكّدة على فكرة بيروت منزوعة السلاح.
وعن الظهور المسلّح في التشييع، شدّدت الجماعة على أن ما جرى مشهديّة رمزيّة، وهي حدثت للمرة الأولى مرفقة بحماسة وغضب جرّاء الدماء المهرقة، وإطلاق النار لم يُتّخذ بقرار بمركزيّ بل اتفاقاً مع ما يجري من عادات في التشييع.
وترفض الحديث عن انتشار سلاح أو مسلّحين أو أي مظاهر عسكرية، ليس فقط في بيروت، بل في جميع المناطق التي لها حضور فيها، ونشاطها في منطقة الاشتباكات وسلاحها ليس له أيّ أجندة داخلية مطلقاً. وعليه، فالمصادر تهزأ من الحديث عن السيطرة على العاصمة.
وفي هذا السياق، يرى النائب وضاح صادق أنّ مشاهد السلاح غير مقبولة، خصوصاً أننا أصبحنا في الـ2024، ونحن في الأساس وراء قوى الأمن الداخلي والجيش اللبناني، وليس فقط سلاح الجماعة الإسلامية إنما جميع أنواع السلاح، مشيراً إلى أن العاصمة ليست على الحدود، لا بل بعيدة جدّاً.
ويقول لـ"النهار" إن "السلاح في بيروت لم يستعمل للمقاومة. استعمل في 7 أيار. استعمل لإسقاط سعد الحريري. استعمل من قبل سرايا المقاومة لإخراج بعض المطلوبين من المخافر. اليوم يستعمل من قبل العصابات لفرض خوّات على الناس في مناطق عديدة من بيروت، كالطريق الجديدة وغيرها".
وإذ يرى أن #الجماعة الاسلامية لم يسبق لها أن قامت بهذا الأمر، وربما ما جرى كان استثنائيّاً، يؤكد الصادق أن لا تخوّف من الخطاب المتطرّف، والشارع السني ذاهب إلى الوطنية وليس إلى التطرّف، والشارع يرفض كلّ أشكال التطرف والسلاح، ويرفض إدخاله بأيّ شكل من الأشكال في الصراعات الطائفية، وكلّ حديث بعكس ذلك غير صحيح".
تعليقات: