جمعيّة «المجموعة» تصرف 60 موظفاً تعسّفاً


في 1 آذار الماضي، تسلّم مهدي، الموظف في جمعية «المجموعة» رسالة أُبلغ بموجبها صرفه تعسّفياً بتاريخ ٢٩ شباط (أي قبل يوم). زميله محمد تبلّغ بفصله وهو في إجازة مرضية، فيما حاول قاسم التفاوض مع الإدارة التي اعتبر عرضها «مجحفاً»، فأتت الإجابة بأن «هذا المتوفر». هكذا دقّ الصرف التعسفي باب عشرات الموظفين الذين كانوا قد بدأوا، قبل نحو عام، المطالبة بتحسين رواتبهم، وصعّدوا حركتهم الاحتجاجية بدءاً من 15 شباط الفائت بالإضراب عن العمل.تُعرّف «المجموعة» التي أُسّست عام 1997 عن نفسها بأنّها جمعية أهلية لا تبغي الربح، هدفها مساعدة الفئات المهمّشة عبر تقديم خدمات مالية (قروض بفائدة 2%) وغير مالية (مشاريع تدريبية ودراسات جدوى) لمشاريع إنمائية تنفّذها «المجموعة» بتمويل جهات مانحة («البنك الدولي»، «UNICEF»، «USAID»، «DRC» «mercy corps»...) وبطبيعة الحال تستفيد الجمعية من المشاريع مالياً.

قبل 2019، كانت الأصول المالية للجمعية في السوق تقدّر بحوالي 100 مليون دولار، ممنوحة كقروض لنحو 90 ألف مستفيد. ومع تدهور العملة، دخلت «المجموعة» في أزمة بسبب استيفائها القروض بالليرة، ما دفعها إلى إقفال 15 فرعاً من أصل 30، وخفض عدد الموظفين الى 200. وبعدما تقرر قبل عام ونصف عام تسليف الأموال واستيفائها بالدولار، افترض الموظفون أنّ الأمور تتجه إلى التعافي. إلا أن 60 من الموظفين تبلغوا تباعاً قرار صرفهم تعسفياً من الخدمة الشهر الماضي، وعرضت الإدارة، مقابل توقيع هؤلاء استقالاتهم، مبلغاً مالياً «يأخذ في الاعتبار مهلة الإنذار والأقدمية وفقاً لنظام حسابي اعتمدته الجمعية»، من دون تفسير ما هو هذا النظام، وكيفية الاحتساب، وما هي قيمة بدلات أشهر الإنذار، وقيمة تعويضات نهاية الخدمة.

قبل 51 موظفاً بالعرض مقابل إبراء ذمّة «المجموعة» بسبب ظروفهم المعيشية الصعبة وفقدان ثقتهم بقدرة «الدولة» على تحصيل حقوقهم، فيما لجأ تسعة إلى مجلس العمل التحكيمي ووزارة العمل، باعتبار أنّ «المبلغ المعروض يسدّ رواتب أشهر الإنذار ولا يغطّي أيّ تعويضات»، وفق أحد المصروفين. فضلاً عن أنّ الجمعية لم تدفع المنح المدرسية عن العامين الدراسيين الحالي والماضي. أما الرواتب التي كانت قبل الأزمة تُدفع بالدولار وتمّت تجزئتها إلى ليرة ولولار ودولار، فإن الجزء المسدّد بالدولار لا يدخل في تعويض نهاية الخدمة، وغير مصرّح عنه للضمان.

وبحسب معلومات، فإنّ «الجمعية لا تزال تستفيد من مشاريع مموّلة خارجياً، وتمكّنت من تكوين محفظة مالية بقيمة 5 ملايين دولار خلال عام ونصف عام»، غير أن المدير التنفيذي لـ«المجموعة» يوسف فواز يؤكد أنّ «التمويل شهد شحّاً ملحوظاً بعد الحرب الروسية - الأوكرانية». كما أن الأزمة المالية «أدّت إلى تراجع رأسمال الجمعية وعدد المستفيدين منها (20 ألفاً حالياً)، وأصبح حجمها شبيهاً بما كان عليه قبل 16 عاماً، ما يعني استحالة الاستمرار بعدد الموظفين والفروع نفسها». وقال إن ما عرضته الجمعية على المصروفين «هو ما يفرضه قانون العمل وحبّة مسك، وإذا حكم القضاء بأكثر فسنلتزم».

وعقدت الثلاثاء الماضي في وزارة العمل الجلسة الأولى من التفاوض بين الموظفين و«المجموعة»، بغياب مديرة شؤون الموظفين ومحامي الجمعية وحضور وكيل عنه طلب تحديد موعد ثانٍ في 17 نيسان. ووفق مصادر معنيّة «عادة يُفضّل هذا المسار على الاحتكام إلى القضاء عبر مجلس العمل التحكيمي، نظراً إلى طول مدّة النظر في الملفات التي تستغرق سنوات». مع الإشارة إلى أنّ «قانون العمل يفرض على المؤسسة الراغبة في صرف موظفيها، إبلاغ وزارة العمل، التي ترسل لجنة تفتيش من شأنها هي أن تسمح بالصرف». وهذا ما لم يحصل في حالة «المجموعة».

تعليقات: