عيتا الشعب «عيّدت» قبل العيد


رغم العدوان الإسرائيلي، يتحضّر كثر من النازحين عن الحدود الجنوبية لزيارة بلداتهم في العيد الأول الذي يمر على الجنوبيين في نزوحهم الذي دخل شهره السابع. إلا أن أهالي بلدة عيتا الشعب آثروا استباق العيد، و«عيّدوا» أمس في بلدتهم.فقد تداعى أهل البلدة للتوجه في موكب جماعي إلى عيتا، قبل ساعات من موعد تشييع الشهيد أحمد شمس الدين، وهو الشهيد الـ 13 من أبناء البلدة منذ بدء العدوان. عند مفرق كفرا - صربين، اصطفّت طوابير السيارات منذ الصباح الباكر. قبل الموعد بساعتين، حضرت فاطمة الزين مع أولادها وأسر أشقائها. تقول إنها خلال الأشهر السبعة الماضية، لم تفوّت تشييعاً واحداً، إكراماً للشهداء، و«ببركة دماء الشهداء وتضحياتهم والهدوء الذي يسود الأجواء قبيل التشييع، زرت عيتا مرات عدة». الزيارات السابقة كانت تُختصر سريعاً تحسباً لاستهداف الجموع قبل التشييع وبعده، لكنّ زيارة أمس كانت استثنائية بسبب طول مدتها. موكب العيد الذي انطلق من صربين حتى عيتا، جعل أمّ الشهيد علي صالح تستحضر «موكب النصر يوم عدنا عقب عدوان 2006 وكان مشهد الدمار مشابهاً».

لبّى أهل عيتا الشعب الدعوة بكثافة لتزامنها مع عيد الفطر. شوارع البلدة ازدحمت بأهلها الذين زاروا أقرباءهم وقبور شهدائهم. «كأنه يوم الهدنة» قال رجل ستينيّ وهو يسرع الخطى نحو حي أبو لبن «المحظور» بسبب استهدافه الدائم بالغارات. هو وسواه من نازحي البلدات الجنوبية، أملوا في فرض هدنة من العدوان الإسرائيلي خلال أيام عيد الفطر. لكنّ «أهل عيتا لم ينتظروا قرار إسرائيل، نحن فرضنا هدنة العيد عليهم» قالت فاطمة طحيني وهي تتجوّل فوق ركام منزلها ومنازل عمّها وعمتها وأبنائهما. نهار كامل أمضاه الأهالي في أحياء البلدة، حتى تلك الواقعة بجوار الحدود وبمواجهة المواقع الإسرائيلية. منهم من اكتفى بتفقّد منزله للمرة الأولى منذ أشهر، ومنهم من استغلّ الوقت لنقل ما أمكن من أثاث وحاجات. فيما استغلّ عدد من أصحاب المحال والمؤسسات الهدنة لنقل بضائعهم بالشاحنات.

عدد المنازل المدمّرة كلياً بلغ أكثر من مئة فيما بلغ عدد المنازل المتضررة جزئياً أكثر من ألف


كثر لم يتمالكوا دموعهم من هول الدمار والخراب اللذين يتضاعفان أسبوعاً بعد آخر. ملاك رضا ولدت بعد عدوان تموز 2006 بعام واحد. سمعت من أهلها كثيراً عن المواجهات البطولية التي شهدتها بلدتها حينها لمنع جنود العدو الإسرائيلي من الدخول إليها. عندما نشأت، كانت عيتا قد عادت أجمل مما كانت وأكثر ازدهاراً عمرانياً واقتصادياً وزراعياً. «تحولّت حكايا أهلي عن 2006 إلى حقيقة. لكن كلي ثقة بأنها ستعود للمرة الثانية أجمل مما كانت». يشير المهندس محمد طحيني بيده إلى الموقع الجديد لحقل الزعفران الذي يزرعه منذ خمس سنوات: «تحت السقف الثالث في حفرة الركام». غارة واحدة كانت كفيلة بإحالة أربعة منازل بطبقات عدة على الأرض وتغيير معالم الحي.

في إحصاء لجنة «إدارة الأزمة الناتجة عن العدوان الإسرائيلي» في مجلس الوزراء، حلّت عيتا الشعب في الدرجة الأولى بعدد الغارات والقصف المدفعي الذي استهدفها. وقال مصدر في البلدية لـ«الأخبار» إن عدد المنازل المدمّرة كلياً بلغ أكثر من مئة، بعضها مؤلف من أكثر من طبقتين. فيما بلغ عدد المنازل المتضررة جزئياً أكثر من ألف. علماً أن البلدة مأهولة بالسكان طيلة أشهر السنة. ويقيم فيها بشكل دائم 11 ألف شخص من أصل نحو 15 ألفاً. أما عدد المحال والمؤسسات التجارية المتضررة، فبلغ نحو 200.

تعليقات: