القوات فازت مسيحياً وخسرت نقابياً: فادي حنا نقيباً للمهندسين

فاز مرشح التيار العوني لمنصب النقيب وخسرت القوات وحلفاؤها الانتخابات كلها (علي علّوش)
فاز مرشح التيار العوني لمنصب النقيب وخسرت القوات وحلفاؤها الانتخابات كلها (علي علّوش)


في خطوة تشي بإقصاء القوات اللبنانية من مختلف نقابات المهن الحرّة، توافق حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر، وبمؤازرة من الحزب التقدمي الاشتراكي، على توجيه ضربة لـ"القوات" في نقابة المهندسين في بيروت، التي جرت انتخاباتها اليوم الأحد في 14 نيسان. فبعد خسارة "القوات" معركة نقابة المحامين منذ نحو ثلاثة أشهر، أتت نتائج نقابة المهندسين اليوم وكشفت نتائجها عن فوز مرشح التيار الوطني الحر فادي حنا بمنصب النقيب حاصداً 4634 صوتاً، فيما خسر المرشح المدعوم من القوات وتيار المستقبل ومهندسون مستقلون، بيار جعارة، بفارق خمسمئة صوت، حاصداً 4129 صواتاً.


معركة سياسية لا نقابية

توجه المهندسون إلى الانتخابات منذ صباح الأحد لاختيار النقيب وثلاثة مرشحين إلى الهيئة العامة، وعضوين عن الفرع الأول والسابع. ومن أصل نحو 36 ألف مهندس سددوا اشتراكاتهم، اقترع نحو 9000 مهندس، نصفهم من الطوائف المسيحية، بعدما عملت "القوات" اللبنانية بأقصى قواها في التحشيد.

لكن "القوات" المتحالفة مع تيار المستقبل والكتائب اللبنانية خسرت الانتخابات كلها، من منصب النقيب مروراً بالفروع ووصولاً إلى الهيئة العامة، التي فاز فيها مرشح حزب الله ومرشح أمل ومرشح جمعية المشاريع الإسلامية (الأحباش). فيما خسر مرشح القوات الحزبي جاك غصن بفارق بنحو مئة صوت، لمنصب بالهيئة العامة.

فمنذ فشل محاولات التوافق بين الأحزاب على مرشح مستقل، يعفيها من معركة كسر عظم، تكشفت تفاصيل كيفية سير الانتخابات كمعركة سياسية، وليست على أساس خيارات نقابية حول كيفية إنقاذ النقابة من الإفلاس الحالي. حزب الله أرادها معركة لكسر القوات، والأخيرة قررت المواجهة. والمطلعون على مختلف الماكينات الانتخابية الحزبية يؤكدون أن المعركة، بعد فشل التوافق، كانت بهدف معاقبة القوات على خيارها في تسييس معارك نقابات المهن الحرة، وعدم الذهاب إلى توافق مع باقي المكونات. بمعنى أنها قررت أن تعزل نفسها بنفسها. ففي نقابة المحامين ذهبت إلى خيار مرشح مستقل وفشلت، وفي المهندسين كررت التجربة.


إقصاء القوات من النقابات

لكن السؤال: هل جرى نصب فخ للقوات لاستدراجها إلى عدم التوافق على مرشح مستقل، تمهيداً لتوجيه صفعة لها ستنسحب على انتخابات نقابات المهن الحرة المقبلة؟ أم أن القوات تعنتت ورفضت التوافق؟ فقد جرت محاولات لاختيار مرشح مستقل يجمع عليه القوات وحركة أمل والاشتراكي والمستقبل مع إمكانية اقناع حزب الله بالذهاب بهذا الخيار، رغم أن حزب الله أعطى كلمة للتيار الوطني الحر بدعم مرشحه. البعض يشير إلى أن القوات تمسكت منذ البداية بدعم جعارة ورفضت التوافق على غيره، فيما البعض الآخر يلفت إلى أن القوات ربما تسرعت في تبني دعم جعارة، إلا أن حركة أمل تأخرت في الرد على مقترح التوافق. بمعنى أن الأمر مقصود لاستفزاز القوات للتشدد في عدم التوافق. بمعنى جعلها تشعر أن المماطلة هدفها الوصول إلى فرض مرشح مسيحي عليها، في وقت تعتبر نفسها أن صاحبة الكلمة في تسمية المرشح المسيحي، طالما أنها الأقوى مسيحياً. ونجحت الخطة وتم عزلها وإقصاؤها.

بما يتعلق بتحالف القوات مع "المستقبل"، كان عامل الثقة بينهما مفقوداً. فلضمان حشد تيار المستقبل مهندسيه في بيروت للاقتراع لجعارة ولمرشح القوات جاك غصن، مقابل تصويت القوات في الشمال للمرشح لمنصب النقيب مرسي المصري، جرى الطلب من النقيب الحالي في الشمال بهاء حرب تأخير موعد إقفال صناديق الاقتراع في الشمال حتى الساعة السابعة والنصف. فإقفال صناديق الاقتراع في بيروت عند الساعة السادسة، كما سبق وقررت النقابة، يعطي القوات في الشمال هامش ساعة ونصف لاختيار وجهة التصويت والذهاب بكثافة للاقتراع لمرشح المستقبل، في حال حشد التيار الأزرق مناصريه في بيروت. لكن الخطة فشلت بعدما قرر مجلس النقابة في بيروت تأخير موعد الانتخابات في بيروت أيضاً إلى السابعة والنصف.


تشتت أصوات المستقلين

خاضت "القوات" المعركة سياسياً وعلى قاعدة إسقاط مرشح التيار العوني، الذي فاز بالصوت الشيعي. أما المرشح بيار جعارة فقد فاز بالصوت المسيحي، لكنه خسر الانتخابات. وكانت المعركة انعكاس للصراع القائم في الشارع المسيحي ومن يمثله من القوى السياسية المسيحية، وجزء من المعركة السياسية ضد حزب الله وخياراته في لبنان.

أما القوى "التغييرية" والمهندسون المستقلون، فقد تشتتت أصواتهم على أكثر من مرشح، ما أدى حكماً إلى فوز مرشح التيار العوني فادي حنا. فطبيعة المعركة منذ فشل توافق الأحزاب على مرشح مستقل ظهرت على أنها ستكون سياسية بين تحالف الثنائي الشيعي مع التيار الوطني الحر من ناحية والقوات اللبنانية من ناحية ثانية. وأصوات حنا مضمونة ومعروفة ولا ينافسه عليها أي مرشح مستقل، بخلاف بيار الجعارة، الذي أضرته كثرة المرشحين المستقلين ومنافسته على الأصوات.

الصوت التغييري والمستقل (باستثناء المستقلين الذين صوتوا لبيار جعارة) رفض خوض هذه المعركة التي فرضتها الأحزاب، لكنه تشتت بين المرشحين روي داغر (مصممون) وجورج غانم مستقل، وجوزيف مشيلح مستقل أيضاً. فالذين اقترعوا لجعارة يقولون إن تصويتهم هو خيار سياسي بين مرشح قوى السلطة وقوى المعارضة، معتبرين أن المعركة سياسية ضد هيمنة حزب الله. أما الذين صوتوا لجورج غانم، باستثناء الاشتراكي، أو لجوزيف مشيلح، فيعتبرون أن مرشحهم المستقل هو الأفضل، حيال الانقسام السياسي بين استقطابي حزب الله والقوات اللبنانية. وحيال هذا التشتت كانت النتيجة محسومة سلفاً قبل بدء عملية الاقتراع، رغم التنافس الشديد الذي حصل طوال اليوم الانتخابي.



تعليقات: