عمليّة عرب العرامشة.. تقدّم نَوعيّ ضمن قواعد الاشتباك

من عمليّة عرب العرامشة
من عمليّة عرب العرامشة


رفع "#حزب الله" من وتيرة عملياته خلال الأسبوع الحاليّ، بعد الردّ الإيرانيّ، وكثّف عمليّاته على الجبهة الجنوبيّة كمّاً ونوعاً، وخصوصاً في العملية الأخيرة التي استهدفت مقرّ قيادة إسرائيليّاً مستحدثاً في بلدة #عرب العرامشة.

العملية القاسية والجديدة تركت تأثيرها الكبير على مسار العمليات، وأوضحت ضراوة المعركة الاستخباراتية والاستراتيجية والعسكرية بين الطرفين.

للمرة الأولى تعترف إسرائيل بهذا الكمّ من الإصابات (18 إصابة اربعة منهم في حالة خطرة)، فيما اعتمدت أسلوب الحذر وربّما التستّر عن أيّ خسائر جرّاء عمليات "حزب الله".

وما حاول إخفاءه الجيش الإسرائيلي تحدّث عنه الإعلام الإسرائيليّ الذي تناول بشكل واسع الهجوم وخطورته. قال المحلل العسكري في "القناة 12" إنّ "على القوات الموجودة في المنطقة الحدودية معرفة أنّ الطرف الآخر يراقبها وممنوع عليها الاستسهال. الحادثة التي وقعت أمس لا تكسر المعادلة بين إسرائيل و"حزب الله" بعد. وعلى الرغم من النتيجة الصعبة، فإنّنا ما زلنا في إطار الاشتباك نفسه بين الطرفين".

من جهته، علّق المحلل العسكريّ في قناة "كان"، روعي شارون، على العملية بالقول إنّها "من الحوادث القاسية في هذه المنطقة، "حزب الله" علم تمامًا على ماذا يصوّب عندما استهدف مبنى داخل القرية يتواجد فيه جنود احتياط". وأشار شارون إلى أنّه "لليوم الثاني على التوالي، لم تُطلق صفارات الإنذار، وحتّى الآن ليس لدى الجيش الإسرائيليّ أجوبة من أين انطلقت الطائرة المسيّرة، بالرغم من كلّ عمليات الجيش الإسرائيليّ والهجمات، لا يزال لدى "حزب الله" في منطقة السياج ضمن مدى 3 كلم قدرات على إطلاق الطائرات المسيّرة".

كما طرح شارون تساؤلات ترتبط بما إذا كانت المسيّرة المستخدمة في العملية هي من نوع جديد أو تكنولوجيا جديدة، ونجحت في التملّص من قدرات الإنذار أو الكشف والاعتراض؟ وقال "إنّها مسألة خطيرة جدًّا، نحن نرى يومًا بعد آخر كيف أنّ "حزب الله" ينجح في التسبّب بوقوع إصابات".

صحيفة "إسرائيل اليوم" اعتبرت بدورها أنّ "الأيام الثلاثة الماضية أثبتت الصعوبة الكبيرة التي يواجهها الجيش الإسرائيليّ في التعامل مع طائرات "حزب الله" المسيّرة المتفجّرة. أوّل أمس، انفجرت طائرتان مسيّرتان قرب بيت هيلل. تكمن الصعوبة التي يواجهها الجيش الإسرائيلي في اكتشاف الطائرات المسيّرة الصغيرة ذات المقطع الراداريّ المنخفض، وكذلك في اعتراضها".

ورأت الصحيفة أنّ "حزب الله" يستخلص الدروس بسرعة، ويحسن الوسائل القتالية التي يستخدمها ضدّ الجيش الإسرائيلي. وقد تشير نجاحات "حزب الله" في الأيام الأخيرة في ضرب قوات الجيش الإسرائيلي بطائرات مسيّرة، إلى حقيقة أنّ "حزب الله" قد درس أنظمة الجيش الإسرائيليّ، ويتعامل معها".

الإصابات الخطرة التي سببتها العمليّة كانت موضع قلق المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرنوت"، رون بن يشاي، الذي قال إنّها "تشير إلى منحنى تعليمي للمنظمة الإرهابية التي تستغل مناطق "ميتة" لا تغطيها الرادارات أو وسائل الكشف البصري للاقتراب من منطقة الهدف" على حدّ تعبيره، وتابع إنّ "برمجة طائرة مسيّرة كهذه تتطلّب قدرات تقنيّة ومشغّلين ذوي مهارات، و"حزب الله" يعلم ذلك في الفترة الأخيرة".

مقربون من "حزب الله" يعتبرون أنّ العملية تثبت عملية الردع الذي يسعى "حزب الله" إلى عدم تجاوزها ولا علاقة لها بالردّ الإيرانيّ بعكس ما يشاع، فالعملية العسكرية الإيرانية بلغت أهدافها جميعاً وحُقّق المرجو منها وانتهت.

أمّا عملية "حزب الله" أتت بعد ازدياد عمليات الاغتيال والاستهدافات للقادة الميدانيين، وعلى الرغم من أن الاغتيالات غالباً ما تجري خارج خطّ الاشتباك فقد نفّذت المقاومة عمليتها ضمن خطوط الاشتباك وفي منطقة حدودية ملاصقة للشريط الحدودي.

وبحسب هؤلاء فإنّ العملية هي ضرب هيبة الردع والتفوّق التكنولوجيّ عند الجيش الإسرائيليّ، بدءاً من أعمدة الإرسال وصولاً إلى تدمير الرادارات والقبة الحديدة بالأسلحة التي يفترض أن ترصدها الرادارات وتسقطها القبة الحديدية.

ويعتبرون أنّ "حزب الله" أيضاً هذه المرة أثبت قوّته الاستخباراتية الكبيرة في رصد المراكز المستحدثة وضربها ومعرفته بتحرّك الضباط والجنود وأنظمة الحماية.

أمّا الأهم في رأيهم فهو نوعية الأسلحة المستعملة التي يُفاجأ فيها العدو كلّ يوم، فهي ليست المرّة الأولى التي يستعمل فيها المسيّرات، لكنّ نوعية المسيرات وطريقة عملها تختلف، فالمسيّرة الأخيرة "أبابيل" التي استعملت في قصف عرب العرامشة هي من المسيّرات المتقدّمة جدًّا تكنولوجياً، ولديها أدوار في الرصد، بالإضافة إلى سرعتها وقدرتها على حمل أكثر من 45 كيلوغراماً من المتفجّرات، وهناك صعوبة في التعامل معها نظراً لمداها القصير وسرعتها الكبيرة، هذا كلّه بالإضافة إلى صاروخ "الماس" الإيراني المحدّث أي الجيل الثالث الذي يبلغ مداه أكثر من 10 كلم، وكشف عنه "حزب الله" الخميس بعد العملية خلال عملية استهداف رادارٍ للسطع المدفعيّ من نوع AN/TPQ-37 في قاعدة ميرون للسيطرة الجوية التابعة للجيش الإسرائيلي.

وفي النهاية، بدأ "حزب الله" في معادلة جديدة وهي اغتيالات المقاومين مقابل عمليات نوعية تستهدف جنودا إسرائيليين.

إلى ذلك، يرى الخبير العسكري العميد خالد حمادة أنّ "حزب الله" استهدف مركز استطلاع، حدوديّاً قريباً جدّاً ، من مهامه رصد تحرّكات "حزب الله"، وهو ما يجعله هدفاً ثميناً".

وبرأي حمادة، انّ استعمال الحزب للصواريخ المناورة والمسيّرات في الوقت نفسه، ضمن مسافة قصيرة، أعاق تعامل إسرائيل مع العملية.

ويرجّح حمادة أنّ إسرائيل لم تكن تتوقّع اكتشاف الحزب للمركز، فيما تواصل إسرائيل "عملياتها الأمنية والاستخباراتية ضدّ عناصر الحزب، توازياً مع قصفها الجنوب اللبناني، وهذا إثبات على التقدّم المخابراتيّ للحزب.

ويشدّد حمادة على أنّ إسرائيل تستهدف مواقع وبنى تحتية وشخصيات، كما امتدت نارها إلى عمق كبير بلغ محيط بعلبك، أمّا استهداف الحزب، فيقتصر على أهداف عسكرية، تبعد عن الحدود عموماً ما بين 10 و12 كيلومتراً، وهو يحافظ على خطوط الاشتباك المرسومة ويجعل إسرائيل تفكّر مرّتين قبل استهداف قادة الحزب.

تعليقات: