أظهرت مقاطع فيديو إنتشرت الأسبوع الماضي أجساماً غريبة مضيئة في سماء لبنان، مما أثار العديد من التساؤل حول طبيعتها، حيث اعتبر كثيرون أن المشهد هو صور لإعتراض مُسيّرات من قبل "إسرائيل"، فيما رأى البعض الآخر أن ما بدا هو ظواهر فلكية.. لكن الحقيقة أن ما شُهد هو اشعارات لأجهزة الأقمار الإصطناعية المخصصة لتوفير خدمة "ستارلينك"، وتم تفعيلها في سماء المنطقة.
بنية الإتصالات التحتية في لبنان سيئة
يقول الخبير التكنولوجي رامز القارا لـ"المدن"، إن "ستارلينك" هي شركة انترنت عبر الأقمار الإصطناعية، تم تطويرها عبر شركة Space X ، التي يملكها إيلون ماسك، وهدفها الأساسي كان تأمين الإنترنت إلى الأماكن النائية التي تفتقر إلى البنى التحتية الجيدة. ويضيف: "يمكن أن نعتبر لبنان هو من الأماكن التي تعد بنيتها التحتية سيئة. ويمكن إستجرار الخدمة بالبداية عبر الحصول على ترخيص من الدولة اللبنانية، ومن ثم شراء المعدات من شركة "ستارلينك"، وهي سهلة التركيب يمكن أن يقوم بها الفرد بنفسه".
ومع أن خدمة "ستارلينك"، غير متوفرة، قانوناً في لبنان، إلا أن وزارة الإتصالات في لبنان أقرّت بوجود أجهزة "ستارلينك" عاملة في لبنان بلا ترخيص، وبأنها وفقاً لخطة الطوارىء قد حصلت على هبة من منظمة غير حكومية اسمها " P Foundation" للأجهزة لمدة ثلاثة أشهر على سبيل الإعارة.
طلب متزايد
ويتزايد الطلب اللبناني على "ستارلينك" بالنظر الى أن شبكة الإتصالات متوقفة عن التطوير والصيانة منذ العام 2019، وكذلك مشروع الألياف البصرية "الفايبر أوبتك" الذي وصل إلى مشتركين محددين وأماكن محددة. وهناك غياب كامل لشبكة الجيل الخامس (5G) للقطاع الخليوي. وعانى قطاع الإتصالات في لبنان من إنقطاع الإتصالات وغياب الإنترنت بشكل كامل لعدم القدرة على تأمين المحروقات لمحطات الإرسال، وتعرض المحطات أيضاً إلى السرقة، والإضرابات المتتالية التي قام بها الموظفين للإستحصال على حقوقهم.
ومنذ بداية الحرب في جنوب لبنان، شهد لبنان إنقطاعاً لإتصالات وتوقف لخدمات الإنترنت ليس فقط في القرى الجنوبية جراء تعرض محطات الإرسال للقصف وعدم قدرة الفرق الفنية على إصلاح الأعطال، بل طالت الأعطال العاصمة بيروت والبقاع، فيما لم توضح الإدارات المشغلة للقطاع أسباب الإنقطاع وتردي الخدمة.
خطة بديلة
وينظر البعض الى ان "ستارلينك" ستكون حلاً بديلاً في لبنان لتوفير الإنترنت في فترات الأزمات. لكن مدير المحتوى الرقمي في "سميكس" عبد قطايا يقول في حديثه لـ"المدن"، إنه لا يمكن الوثوق بأن خدمة "ستارلينك" ستكون خطة بديلة لعدم الإنقطاع عن العالم، فتحكم شركة إيلون ماسك بتشغيل الأقمار الإصطناعية، هو إستنسابي يخضع أيضاً لإعتبارات سياسية وضغوط الدول الكبرى، تماماً كما حصل في غزة، حيث مُنع بطلب من "إسرائيل" من استخدام خدمات "ستارلينك" في قطاع غزة، ولا سيما الهيئات الإغاثية والمستشفيات، وسُمح فقط للمستشفى الإماراتي في غزة بتفعيل "ستارلينك" لديها.
من هنا يقول قطايا، "نحن لا نعلم القدرة على تحكم شركة Space X على قطع الإنترنت فوق بعض المناطق والمستشفيات في وقت الأزمات، فيمكن أن يتم إطفاء الخدمة فوق الضاحية الجنوبية لبيروت والبقاع والمستشفيات التابعة لجهات حزبية.
كيف تتوفر الخدمة في لبنان؟
يؤكد قطايا أن هناك أجهزة موجودة فعلاً في لبنان بطريقة غير شرعية وأبرزها لدى مسؤولين كبار في الحكومة اللبنانية والأجهزة الأمنية، تعمل عن طريق الـ roaming، وتستخدم تردادات من قبرص، ويبلغ عددها المئات. ويوضح: "يمكلها فقط المتمولون الكبار، لا سيما الذين يملكون يخوتاً بحرية يحتاجون بجولاتهم في المنطقة إلى هذه الخدمة"، مشيراً الى ان "استخدام ستارلينك بهذا الشكل هو مخالف للقانون 431 للإتصالات، الذي يضع حصرية الترددات الأرضية والتزود بالإنترنت للدولة اللبنانية عبر وزارة الإتصالات، وهي ليست فقط بحاجة إلى ترخيص بل إلى تعديل قانون".
أسعار ستارلينك مرتفعة
ويرى البعض أن "ستارلينك" أفضل من الإنترنت المتواجد حالياً، وذلك يعود الى سرعة الإنترنت التي توفرها الخدمة، إلا أن كلفة الأجهزة لتفعيلها مرتفعة السعر، فسعر الجهاز للأفراد يناهز الـ 500 دولار أميركي، والإشتراك الشهري يبدأ من 40 دولاراً أميركياً ليصل إلى 120 دولاراً أميركياً، وفق ما يقول قطايا.
ويتمكن الأفراد من استلام المعدات وتركيبها والعثور على مكان مناسب لإستقبال الإشارة والتشغيل للوصول الفوري إلى الإنترنت. وتوفرّ الخدمة سرعات انترنت تترواح من 50 ميغابايت وتصل إلى أكثر من 200 ميغابايت في الثانية.
بدوره يقول القارا إن سيئات "ستارلينك"، "هي كلفتها الإقتصادية المرتفعة لا سيما لعدم تناسبها مع قدرة المواطن اللبنانية الشرائية، ما يعني أن فئات إجتماعية ستكون مهمشة ولا تستطيع الولوج إلى الإنترنت. كما أن الخدمة قد تتعرض لقطع كبير من الإنترنت في الشتاء والعواصف".
بيانات شخصية
وتترتب مخاطر على استخدام "ستارلينك"، تتعلق بحماية البيانات الشخصية التي تدعي "ستارلينك"، بأنها فعلاً تحمي البيانات الشخصية للمستخدمين، ولا يوجد تأكيد عن طرق وأساليب الحماية الرقمية. ويشير القارا الى ان "التحدي الأكبر هو عند حصول إختراق لستارلينك، فالجهة المخترقة قد تستفيد من موضوع البيانات ولا يوجد دليل عن كيفية استخدامها".
تعليقات: