امريكا التي سخَّرت كل مواردها ، لتُعَولِمَ نموذجها الإستهلاكي المتعلق بالرفاهية الفارغة من المضمون الإنساني ، ومن العلاقات الأخلاقية الرحيمة ، على حساب المستضعفين والمقهورين ، والمعتدى على كراماتهم وارزاقهم ، في مشارق الأرض ومغاربها ، ها هي غزَّة اليوم ، في مقابل هذه العولمة الغربية العابرة للقارات ، تتوج ملحمة طوفان الأقصى التي أطلقتها مقاومتها الشريفة في السابع من تشرين الأول ، تتوجها بطوفان المشاعر الإنسانية المخلصة والصادقة ، المتعاطفة معها والمناصرة لمظلوميتها ، وبذلك تنجز غزَّة الأبية اليوم مشروع عولمة يقظة الضمير الإنساني على امتداد العالم ، كل العالم ، من أقصاه إلى أقصاه وبدون أي استثناء ، حتي في عقر دار أعدائها وأعداء الإنسانية ، في شوارع وجامعات أميركا والعالم الغربي ، حيث أعلن طلاب الجامعات هناك رفضهم للعولمة والرفاهية الفارغة من المضمون الإنساني ، هذا المضمون الذي بدونه لا يعود هناك معنى للحياة ، أعلن الطلاب الشرفاء المخلصون في أميركا والغرب عن تمردهم وعصيانهم ، على أجهزة التضليل الإعلامي الجهنمية لبلادهم ، وأعلنوا تمردهم على سردياتها المنافقة والكاذبة ، وأعلنوا حربهم على التوحش الصهيوني السادي ، المدعوم بالسلاح والخبرات الأمنية والعسكرية لأميركا والغرب الجماعي ، الذين عملوا بكل صلف وعنجهية ووقاحة ، على تعطيل دعم المؤسسات الدولية للقضية الفلسطينية العادلة والمحقة ، وهكذا تنجز غزَّة بمظلوميتها ومقاومتها الشريفة والطاهرة ، إنتصاراً أخلاقياً جديداً ، يهز عرش سلطة الهيمنة الغربية على العالم ، ويقدم دليلاً ملموساً جديداً ، أنَّ الصدق المجرد أقوى من الكذب المدجج بالسلاح وبالإعلام المنافق ، وأن روح الإنسان الثائرة ضد الظلم والإستضعاف ، أقوى من كل أدوات القمع والقتل والتخويف والإرعاب ، التي يستخدمها ويمارسها المستكبرون المتغطرسون والمتوحشون الذين لوثوا حياة الإنسان بفسادهم وطغيانهم وملؤا الدنيا ظلماً وعدواناً وطمساً للحقائق ونشراً للضلال والإنحراف ، وهذا الإنتصار الرائع والإبداعي الجديد لغزَّة يقربها من يوم خلاصها وانتصارها الموعود ، ويقرب الكيان الصهيوني المكابر والمُنكِرِ للواقع ، من هزيمته المحققة والموعودة ، ويقرِّب امريكا وغربها الجماعي من الإعتراف بشيخوختهم وضعفهم وفقدان سيطرتهم على النظام العالمي وعلى المنطقة ، وسيظل العالم ينتظر ويترقب من غزَّة ابداعات وانتصارات جديدة تدهش العالم وتسر الناظرين المترقبين.
ع.إ.س
باحث عن الحقيقة
28/04/2024
تعليقات: