طيرحرفا والجبين: طريق النحل والقمح.. ودماء الصحافيين

سيبقى مثلث طيرحرفا- الجبين شاهداً على دماء الشهداء الصحافيين (Getty)
سيبقى مثلث طيرحرفا- الجبين شاهداً على دماء الشهداء الصحافيين (Getty)


سيبقى مثلث طيرحرفا- الجبين شاهداً على دماء الشهداء الصحافيين، فرح عمر، إبنة بلدة مشغرة، وربيع المعماري، إبن طرابلس، ومرافقهما حسين علي عقيل، إبن الجبين.

في تلك البقعة من طيرحرفا تحت شجرة "الزنزلخت" الوارفة، التي استظل بها الفريق الإعلامي من قناة "الميادين"، كانت مأثرة الدفعة الثانية من الشهداء الصحافيين، في الواحد والعشرين من تشرين الثاني 2023. وكان سبقهم على أرض علما الشعب، جارة طيرحرفا، سقوط الشهيد عصام العبدالله، من وكالة رويترز، وجرح خمسة آخرين، في الثالث عشر من تشرين الأول من العام نفسه.

فطيرحرفا والجبين هما من قرى منطقة صور، التي يطلق عليها قرى "الشعب"، الممتدة من الناقورة جنوباً وحتى مروحين شرقاً، والتي تربطها علاقات اجتماعية وتقاليد وعادات. وهي بلدات صغيرة، يعتمد غالبية سكانها على قطاع الزراعة وتربية المواشي.


طيرحرفا: الرابعة جنوباً في حجم الدمار

تتجاور بلدة طيرحرفا مع شمع والناقورة وعلما الشعب والجبين. يفصلها عن مجدل زون، وادي حسن. وكغيرهم من أبناء القرى التي كانت واقعة ضمن ما يسمى بالشريط الحدودي المحتل، الذي حرر في الخامس والعشرين من شهر أيار العام 2000، أعاد أهالي طيرحرفا الروح إلى بلدتهم، فشيدوا منازل وقصور وأعادوا إحياء أرضهم وإنشاء البنية التحتية، من شبكة طرقات ومياه وكهرباء.

تُستهدف طيرحرفا، التي ييلغ عدد أبنائها أكثر من أربعة آلاف نسمة، بشكل مستمر بالغارات الحربية، التي ينفذها العدو الإسرائيلي على منازلها وبنيتها التحتية، حيث سقط على أرضها عدد من الشهداء والجرحى، من بينهم مسعفون في الهيئة الصحية الإسلامية وكشافة الرسالة الإسلامية.

يؤكد رئيس بلديتها قاسم حيدر لـ"المدن"، أن طيرحرفا تحتل المرتبة الرابعة، بعد عيتا الشعب وبليدا وميس الجبل، في أعداد البيوت والمنازل المدمرة والمتضررة. لامس عدد البيوت المدمرة كلياً، خمسين منزلاً، وتضرر أكثر من مئة، والكثير منها لا يصلح للسكن، نتيجة حجم الأضرار، إلى جانب الأضرار الزراعية، ومنها موسم الزيتون، و"الفريك" الذي تعمل فيه عشرات العائلات، وتتميز فيه طيرحرفا. وكذلك مواسم السمسم وسائر أنواع الخضار والفاكهة التي دخلت حديثاً إلى البلدة، مثل القشطة والأفوكا، ومئات أقفار النحل .

ويلفت حيدر، الذي لا ينفك عن معاينة البلدة رغم القصف المتواصل على أحيائها، أن العدو الإسرائيلي لم يستثن من غاراته العدوانية المؤسسات الحيوية في البلدة، وفي طليعتها محطة ضخ المياه في منطقة "عين الزرقاء"، التي أنشأتها الكتيبة الإيطالية العاملة ضمن اليونيفيل، في العام 2023، وتستخدم في ضخ المياه إلى الخزان الرئيسي، الذي يوزع المياه إلى بيوت البلدة، والتي يزيد عددها على 300 منزل. وأيضاً تدمير محطة نظام الطاقة الشمسية، الذي تم إنشاؤه بتبرعات من الأهالي، إلى جانب تدمير استهلاكية وصيدلية وغيرها من المؤسسات، وإصابة شبكة الكهرباء بأضرار كبيرة .

ويخلص حيدر إلى القول "إن مجموع الأضرار في المنازل يفوق الخمسين بالمئة، من إجمالي المنازل القائمة على أرضها. هو رقم كبير جداً بالنسبة إلى بلدتنا، التي تعد بلدة صغيرة". مشدداً العزم على إعادة ما دمر، و"استمرار الوقوف إلى جانب المقاومة".


الجبين: ثلاثة شهداء وعشرات المنازل المدمرة

يعمل غالبية أهالي بلدة الجبين المقيمين فيها قبل بدء العدوان في الثامن من تشرين الأول، وانطلاق عمليات "الإشغال والمساندة لغزة"، في قطاع الزراعة. وهي واحدة من بلدات المنطقة التي تشتهر في إعداد "الفريك". وهو قمح يجري تحميصه وتقليبه، على نيران خفيفة، ثم إعداده للطعام.

يحد الجبين يارين والضهيرة من الجهة الجنوبية، وطيرحرفا من الغرب، وشيحين من الشرق. سقط منها ثلاثة شهداء منذ اندلاع المواجهات على الحدود اللبنانية الفلسطينية، هم حسين أحمد عقيل وعلي محسن عقيل "شهيدان على طريق القدس"، والشهيد حسين علي عقيل الذي سقط إلى جانب الشهيدين الصحافيين، ربيع المعماري وفرح عمر.

ويشير عضو المجلس البلدي محسن عقيل، الذي يتولى إدارة شؤون البلدية، إلى أن الجبين تتعرض بشكل دائم للاعتداءات الإسرائيلية، ولا سيما غارات الطيران الحربي، الذي دمر إلى الآن عشرين وحدة سكنية، وتضرر عشرات المحلات والمنازل الأخرى.

ويقول لـ"المدن" إن أهالي البلدة، الذين يزيد عددهم على الألفين، كلهم نازحون إلى صور وضواحيها، ومن بينهم عائلات أقل من عدد أصابع اليد الواحدة متواجدة في مركز للإيواء في إحدى مدارس صور. والباقون موزعون في أرجاء المنطقة، في بيوت مستأجرة وضيافة، تجري متابعتهم وتفقد أحوالهم من قبل البلدية ووحدة إدارة الكوارث في اتحاد بلديات قضاء منطقة صور .

ويؤكد عقيل بأن أهالي الجبين يعتمدون بشكل أساسي على الزراعات البقولية، لا سيما القمح والشعير والعدس والتبغ والزيتون. وجميع هذه المواسم المفترضة تبددت بفعل العدوان الإسرائيلي، الذي حرم أهلها من زرع وجني محاصيلهم.

تعليقات: