تتلقى البلدتان ضربات الطيران الإسرائيلي على نحو يومي (المدن)
الهبارية وكفرحمام، جارتان، شريكتان في الزيتون والصنوبر والتين والكرز، تعيشان حلو السنين ومرّها معاً.
يجمع البلدتين الجغرافيا والقرابة ومجاورة فلسطين وسوريا، وسفوح جبل الشيخ، الذي يلفحهما بقرصات البرد في عز الصيف.
اعتادت كفرحمام والهبارية، الواقعتان في قضاء حاصبيا، محافظة النبطية، من عداد قرى العرقوب، أن تكونا في مقدمة البلدات الجنوبية، خصوصاً الحدودية، التي تزود عن فلسطين، منذ النكبة وحتى اليوم. فقدمت خلال مسيرتهما النضالية، ابتداء من أواخر ستينيات القرن الماضي، ثلة من أبنائهما شهداء، مثل جارتيهما، كفرشوبا وشبعا والفرديس وغيرها.
خلال حرب الإشغال والإسناد الحالية، تتلقى البلدتان ضربات الطيران الإسرائيلي، وخصوصاً الهبارية، التي سقط سبعة مسعفين من أبنائها، دفعة واحدة، بغارة على مركزهم في البلدة، بتاريخ 24 آذار الماضي، فيما تسببت الغارات على كفرحمام بتدمير عدد من المنازل ونزوح القسم الأكبر من سكانها. ونجم عن القذائف المدفعية والفوسفورية إحراق مساحات واسعة من الحقول الزراعية على أنواعها، في أنحاء البلدتين.
منذ النكبة
تتربع بلدة الهبارية، التي يناهز عدد أبنائها الستة آلاف نسمة، عند المثلث اللبناني الفلسطيني السوري، وترتفع أكثر من ستمئة متر عن سطح البحر. يعتمد سكانها المقيمين فيها على قطاع الزراعة بشكل رئيسي، والانتساب إلى السلك العسكري والوظيفي.
يؤكد نائب رئيس البلدية قاسم الخطيب، أن الهبارية واحدة من كبرى بلدات منطقة العرقوب، وقد وقفت منذ نكبة فلسطين إلى جانب قضية الشعب الفلسطيني المحقة. وانخرط الكثير من أبنائها في العمل المقاوم منذ اواخر الستينيات، مع بداية العمل الفدائي، الذي انطلق من منطقة العرقوب، فسقط شهداء من أبنائها على هذا الطريق. وتعرضت على خلفية انتمائها إلى اعتداءات إسرائيلية على منازلها في منتصف السبعينيات، وزُج العشرات من شبابها في سجون الاحتلال الإسرائيلي، الذي جثم على البلدة 22 عاماً، من العام 1978 وحتى العام 2000.
ويضيف الخطيب، أن أرض الهبارية شهدت أبشع المجازر، التي ارتكبتها إسرائيل بحق الفريق الإسعافي، من جمعية الإسعاف اللبنانية، فسقط منه سبعة شهداء، جميعهم من البلدة، ومن بينهم شقيقان توأمان، وهم أحمد وحسين الشعار، أحمد الفاروق عطوي، براء أبو قيس، عبدالرحمن الشعار، ومحمد حمود. كما سقط أحد أبنائها الشهيد محمد جمال إبراهيم، بغارة إسرائيلية مسيّرة، وهو من عناصر الجماعة الإسلامية في لبنان- قوات الفجر.
أم الزيتون
وحول الوضع الآني في الهبارية، يوضح الخطيب لـ"المدن"، أنه لا يزال أكثر من 300 عائلة موجودة في البلدة، إضافة إلى 45 عائلة نازحة من كفرشوبا الملاصقة للهبارية، وعدد من عائلات كفرحمام، وأكثر من 130 عائلة سورية. مشيراً إلى تلقي المقيمين والنازحين مساعدات عينية من مجلس الجنوب وجمعيات أخرى.
ويقول الخطيب إن 70 بالمئة من أراضي الهبارية مغروسة بالزيتون، وهو مصدر معيشي لأكثر العائلات، إضافة إلى زراعة الكرز والإجاص حديثاً، في منطقة جبل السدانة الواقع بين البلدة وكفرشوبا. وإن جميع المواسم الزراعية قد حرم منها الأهالي، بفعل الاعتداءات الإسرائيلية الدائمة على البلدة، حيث دُمر وتضرر عدد من المنازل واحترقت الحقول الزراعية.
كفرحمام.. تاريخ
ما تتعرض له بلدة كفرحمام من اعتداءات إسرائيلية يومية، بحكم موقعها الجغرافي عند سفح جبل الشيخ، حيث عدد من مواقع الاحتلال في تلال كفرشوبا ومزارع شبعا المحتلتين، والجولان السوري.. ليس أمراً جديداً. فقد كانت البلدة وجاراتها قرى العرقوب، أول البلدات التي احتضنت العمل المقاوم اللبناني والفلسطيني.
يشير عضو مجلس بلدية كفرحمام المنحلة، نجيب سمور، إلى أن كفرحمام لم تتخل عن تاريخها المقاوم والوطني، ووقوفها إلى جانب قضية الشعب الفلسطيني، حتى نيل حقوقه وعودته إلى أرضه المغتصبة.
وقال لـ"المدن"، إن البلدة تتعرض بشكل مستمر للغارات الإسرائيلية التي دمرت 3 منازل تدميراً كاملاً وتضرر عدد كبير من البيوت الأخرى وحظائر الماشية والحقول الزراعية، التي يعتاش من مردودها أهالي البلدة.
وأشار إلى أن أهالي البلدة نزحوا إلى بيروت وحاصبيا، حيث استأجر القسم الأكبر منهم منازل، ولم يبق فيها سوى 35 شخصاً يرتبطون بأرزاقهم، وخصوصاً أصحاب المواشي، متخوفاً من اندلاع الحرائق، بسبب كثافة الأعشاب في الحقول، تضاف إلى الحرائق التي سببها العدو بقذائفه الفوسفورية.
وذكّر بأن أحد أبناء البلدة الشهيد يحي الخالد، الذي استشهد في صفوف جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية "جمول" في العام 1987 لا يزال جثمانه محتجزاً لدى قوات الاحتلال الإسرائيلي، مطالباً الحكومة اللبنانية والصليب الأحمر الدولي والمنظمات الإنسانية متابعة هذه القضية لاستعادة جثمانه وجثامين رفاقه.
تعليقات: