بعدما بدأت خدمة الضيافة التي تقدّمها تطبيقات مثل Airbnb وVrbo بالاستحواذ على حصّة سوقية كانت حكراً على الفنادق، خرج النزاع السوقي إلى العلن. رئيس اتحاد النقابات السياحية بيار الأشقر رأى أن هذه التطبيقات تمثّل تهديداً موازياً للتهديد الذي تمثّله الحرب على قطاع الفنادق والشقق المفروشة لأنها «تقوم بمنافسة غير عادلة من شأنها الإضرار بالفنادق والعاملين فيها». ووصف الأشقر، نموّ قطاع الضيافة الموازي عبر التطبيقات الإلكترونية الذي يدير منازل ضيافة وشققاً تحتوي على أكثر من 10 آلاف غرفة، وفقاً لإحصاءات غير رسمية، بـ«العشوائي وغير المنظّم». لكن هذا القطاع المستجدّ، ليست لديه جهة رسمية تمثّله، ولا إحصاء رسمي واضح بعدد الغرف أو المنازل المعروضة للإيجار، بينما تشير إحصاءات وزارة السياحة إلى أن 334 فندقاً في لبنان فيها أكثر من 15.5 ألف غرفة بـ26 ألف سرير بنسبة شغور بلغت 80%.لا تقدّم الشقق والغرف المستأجرة عبر تطبيق Airbnb أيّ خدمات منافسة للفنادق والشقق المفروشة، إذ لا خدمة غرف فاخرة أو وجبات ساخنة، إنما تؤمّن في المقابل مساحات إقامة بأسعار متهاودة جداً مقارنةً بالفنادق. في منطقة الأشرفية في بيروت مثلاً لا يزيد إيجار الغرفة الواحدة عبر Airbnb على 50 دولاراً لليلة الواحدة، وكلفة الإقامة في الشقة المستأجرة عبر التطبيقات، تبلغ 140 دولاراً كحدّ أقصى. في المقابل، لا تقل كلفة الغرفة الفندقية الواحدة في المنطقة نفسها عن 122 دولاراً لليلة الواحدة، وتصل كلفة الجناح (شقة فندقية) إلى 250 دولاراً. أما في البترون، حيث يقوم عدد كبير من أهل المنطقة بعرض بيوتهم للإيجار على التطبيق ذاته، فتراوح كلفة الإقامة بين 40 دولاراً للغرفة الواحدة، و150 دولاراً للمنزل الكامل المؤلّف من 4 غرف مع الخدمات الأساسية الكاملة. أما إيجار الغرفة الفندقية فيبدأ من 100 دولار، ويتجاوز في بعض الأحيان 200 دولار.
5.731
هو عدد الأمكنة المعروضة للإيجار عبر تطبيق Airbnb في لبنان في 8 مناطق سياحية، وفقاً لموقع AirDNA
«خدماتنا أغلى ثمناً»، يجزم الأشقر، و«الفنادق وAirbnb يأكلان من الصحن ذاته، إنّما بأكلاف تشغيلية متفاوتة». ويعيد الأشقر السبب في ارتفاع كلفة الإقامة الفندقية إلى «دفع الفنادق مبالغ تشغيلية كبيرة من ضرائب ورسوم لا يدفعها العاملون على تطبيق Airbnb، بالإضافة إلى أجور عشرات العاملين في كلّ فندق. أما الغرف المعروضة على التطبيقات الإلكترونية، فلا خدمات فندقية فيها». ويشير الأشقر أيضاً إلى تقصير البلديات في متابعة العقارات المؤجّرة ضمن نطاقها، إذ «لا تحولها من سكنية إلى تجارية، ما يبقي القيمة التأجيرية للمنزل على حالها، ويفوّت على الدولة مبالغ يمكن تحصيلها كرسوم بلدية». ويحذر الأشقر من الخطر الأمني الذي تسبّبه هذه التطبيقات لأنّ «الفنادق ترسل مباشرةً إلى الأمن العام صور جوازات سفر المقيمين فيها، في حين يبقى مستخدم تطبيق Airbnb مجهولاً للجهات الأمنية»، لافتاً إلى «جريمة قتل الصراف محمد سرور في بيت مري التي تمّت في فيلا مستأجرة بواسطة التطبيق».
في هذا السياق، يبدو أن الفنادق والشقق المفروشة تعاني من تراجع نسب الإشغال لأسباب أبرزها الحرب. ففي السنة الماضية لم يكن بال أصحاب الفنادق مشغولاً من منافسة التطبيقات لهم، ربطاً بالتوقّعات عن صيف واعد. الآن الوضع مختلف. فبحسب أرقام وزارة السياحة انخفض عدد السياح القادمين إلى لبنان بنسبة 13.52% في الربع الأول من عام 2024، إذ بلغ عدد الوافدين إلى مطار بيروت 238 ألفاً حتى شهر آذار من عام 2024. بالمقارنة، وصلت الأعداد في الفترة نفسها من العام الماضي إلى 275 ألفاً. ووفقاً لتصنيف «إرنست ويونغ» الخاص بمتابعة حال الفنادق، وصلت نسبة الإشغال في الفنادق في لبنان من فئة 4 و5 نجوم إلى 19.7% بحلول شهر كانون الثاني من عام 2024، علماً أنّ النسبة للفترة ذاتها من العام الماضي بلغت 37%. ويرجع التصنيف الانخفاض في الإشغال إلى الحرب على غزة وتداعياتها على لبنان. لكن، بحسب التصنيف نفسه ارتفع إيجار الغرفة بنسبة 188% ووصل إلى 145 دولاراً، كما ارتفع مردود الغرف الشاغرة في الفنادق بنسبة 54% ليصل إلى 29 دولاراً لشهر كانون الثاني من عام 2024، وهو مقياس يُستخدم لمعرفة متوسط إيرادات الفنادق المتولّدة لكل غرفة شاغرة خلال فترة زمنية محدّدة.
لا يزيد إيجار الغرفة الواحدة عبر Airbnb على 50 دولاراً لليلة الواحدة
حال القطاع السياحي الذي يعاني جرّاء الحرب الدائرة في غزة وجنوب لبنان أدّى بالأشقر ليقولها صراحةً بـ«أن لا مجال للقبول بمنافسة Airbnb إلا عندما تكون السياحة رائجة في البلاد، لا عندما نأكل بعضنا». بعد سحب السفارات الأجنبية لرعاياها، وإحجام السياح العرب عن المجيء إلى لبنان «نتناتش المغتربين»، يقول الأشقر، و«هؤلاء لا يعوّضون الفارق، فالسياحة لا تتمثل بالمغترب القادم إلى لبنان، بالأجنبي». وتعليقاً على البيانات الصادرة عن مطار بيروت ووزارة السياحة التي تتكلم عن زيادة أعداد الوافدين عبر مطار بيروت، لفت الأشقر إلى «تحوّل مطار بيروت إلى مطار لبنان وسوريا، والقادمون عبره ليسوا بسائحين، بل سوريون بمعظمهم يستخدمون المطار كترانزيت للعبور»، مستشهداً بعام 2010 عندما بلغت أعداد السائحين 2.2 مليون سائح، بحسب أرقام البنك الدولي، وهو أعلى الأرقام التي سُجّلت في 30 سنة، حينها «لم تُحتسب لا أعداد المغتربين ولا السوريين»، يختم الأشقر.
طفرة Airbnb
تشهد عدّة مناطق في لبنان طفرةً في عدد الشقق والغرف التي تستخدم موقع Airbnb لتأجيرها. بحسب موقع AirDNA الذي يعتمد على الذكاء الصناعي في إحصاء الشقق والغرف المعروضة على Airbnb، بلغ عدد الأماكن المعروضة للإيجار 2190 غرفةً وشقةً في بيروت، 56% منها مكوّنة من غرفة واحدة، و4% مكوّنة من 4 غرف وأكثر. ووفقاً للموقع نفسه، بلغت نسبة الإشغال في بيروت 40%، فيما قُدّر العائد السنوي بـ5 آلاف دولار، والعائد اليومي بـ 87 دولاراً. وحول مدّة إشغال الشقق والغرف في بيروت، بلغت نسبة المستأجرين لغرف الضيافة لمدة تزيد على 30 يوماً 41%، وانخفضت النسبة إلى 21% للمستأجرين ليومين فقط، فيما لم تتجاوز نسبة المستأجرين لليلة واحدة 0.2%.
تعليقات: