رسالة اليمين الاسرائيلي: حرب لبنان الثالثة لم تحن بعد


تبدو العلاقة طردية بين احتدام قتال "حزب الله" وإسرائيل في الجبهة الشمالية، وتصاعد التهديدات الإسرائيلية للحزب ولبنان، بالترافق مع كثافة المعالجات الإعلامية العبرية لتطورات المواجهة ومآلاتها.

وقد دلّ على هذه العلاقة، تصاعد المخاوف من توسع المواجهة في جبهة لبنان إلى حرب أوسع، وخصوصاً بعدما أطلق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خلال زيارته كريات شمونة، تهديدات مفادها أن الجيش "مستعد لشن عملية مكثفة في لبنان".

ولاقى تهديد نتنياهو تساؤلات من لبنانيين وعرب وإسرائيليين بشأن معناه، خصوصاً أنه أطلقه خلال زيارة هي الأولى لكريات شمونة، منذ اندلاع المواجهة بين "حزب الله" وجيش الاحتلال منذ 8 أشهر.. كما أنها جاءت بالتزامن مع تسريبات مزعومة بخصوص ما وُصفت بـ"رسالة تهديد جدية" من إسرائيل بشن عملية واسعة ضد لبنان منتصف يونيو/حزيران.


"حرب لبنان لم تحن بعد"!

لكن إجابة مراسل الشؤون الميدانية للتلفزيون الإسرائيلي الرسمي "مكان"، على سؤال مذيع النشرة المسائية بشأن تهديد نتنياهو، بدت وكأنها نفّست التهديد بجملة مكونة من 7 كلمات، وهي "لا أعتقد أن حرب لبنان الثالثة اقتربت"، وبالتالي خفضت مستوى أهميته ودلالاته.. إذ استهل المراسل إجابته، بأن ما قاله نتنياهو يأتي في سياق "الاستهلاك المحلي"، لا أكثر.

واستبعد مراسل "مكان" جدية التهديدات بخصوص شن حرب واسعة على لبنان لأسباب عديدة؛ منها اعتباره أن الجيش لا يمكنه من الناحية التقنية أن يخوض حرباً شاملة على حزب الله في هذه المرحلة، وأنه ليست باستطاعته فتح جبهة واسعة أخرى بالتزامن مع مواصلة حربه على حماس في قطاع غزة.

كما نوّه المراسل إلى عامل آخر بخصوص إمكانية شن حرب واسعة على لبنان، ألا وهو حاجة تل أبيب إلى ضوء أخضر أميركي، مبيناً أن الولايات المتحدة ترفض إعطاءه الآن، وتشدد على منع تفجر الأمور أكثر.

وبخصوص الدلالات الأمنية لزيارة نتنياهو إلى كريات شمونة، قال مراسل "مكان" إن زيارة نتنياهو لأول مرة إلى كريات شمونة منذ بدء القتال بين حزب الله وإسرائيل، تأتي على خلفية الانتقادات التي وجهها خصوم سياسيون وجهات محلية في البلدات المحاذية للبنان، لنتنياهو والمسؤولين الاسرائيليين بعدم زيارة هذه المناطق الواقعة على خطوط المواجهة، تحت عنوان أنها تعاني "ويلات المواجهة وحدها... بلا سند".

والحال أنّ ثمة مُعطى آخر أعطى إشارة بخصوص السقف الإسرائيلي الأعلى، في ما يتعلق بالعمل ضد حزب الله ولبنان في المرحلة الحالية على الأقل، ألا وهو انتقاد الوزير المتطرف بتسلئيل سموتيرتيش، للجيش، بشكل علني، وعبر أثير الإذاعة العبرية.. فالقول إن الجيش "لا يريد خوض حرب ضد حزب الله، بالرغم من تخصيص موازنات ضخمة له"، فسّره صحافيون إسرائيليون بأن الانتقاد العلني هو بمثابة تسريب من هذا الوزير لأحدث موقف أبلغه الجيش للحكومة الإسرائيلية أخيراً.

ووفق استنتاجات إعلامية عبرية، فإن موقف الجيش الذي أوضحه للمستوى السياسي في تل أبيب أخيراً، هو أنه "غير قادر على فتح جبهة أعمق في لبنان بهذه المرحلة".

واللافت أن محللين ومراسلين إسرائيليين اعتبروا هجوم سموتريتش على الجيش، "أول انتقاد من مسؤول إسرائيلي كبير للجيش"، مؤكدين أن هكذا انتقادات علنية للجيش من مسؤولين إسرائيليين غير مألوفة.

بموازاة ذلك، لم ينسَ الإعلام العبري مواكبة تطورات القتال المتصاعد بين "حزب الله" وإسرائيل، وخصوصاً الهجوم المركّب بطائرتين مسيّرتين على الأقل، أطلقهما الحزب على هدف عسكري في قرية حرفيش في الشمال، ما أسفر عن مقتل جندي وإصابة آخرين.

وفي هذه الحادثة بالذات، ركز الإعلام الإسرائيلي كثيراً على سبب عدم تفعيل صفارات الإنذار عند هجوم مسيّرات "حزب الله"، وطرحت محطات التلفزة العبرية تساؤلاً عما إذا كانت المسيّرة الهجومية التي أطلقها حزب الله مصممة بطريقة لا يمكن رصدها من المنظومة "الدفاعية الإسرائيلية"؟

وهنا، أجاب مراسل "مكان" العسكري، إيال عاليما، بالقول إن السبب ليس متعلقاً بالضرورة بشكل خاص بالمُسيّرة، بقدر ما يتعلق بافتراضات وعوامل أخرى يحقق فيها الجيش بخصوص عدم تشغيل صافرات الإنذار في موقعة "حرفيش"، ومنها فرضية الدخان الذي غطى سماء المنطقة جراء الحرائق الواسعة التي تسببت بها صواريخ حزب الله في الأيام الأخيرة.. إضافة إلى فرضية اعتماد الحزب تكتيكاً بتحليق مسيّراته على ارتفاع منخفض، للحيلولة دون رصدها من أجهزة الاستشعار الخاصة بالمنظومة "الدفاعية" الإسرائيلية.

بالرغم من هذا، لا يُمكن تقديم قراءة حاسمة لمآلات مواجهة حزب الله وإسرائيل؛ ذلك أن تطور القتال إلى حرب واسعة على لبنان لا تحكمه فقط الاستنتاجات الواردة بناء على ما توافر من تسريبات وتصريحات وعوامل، بل ن التطور الدراماتيكي لسيناريو الحرب الذي لا يرغب فيه أحد، قد يقع إذا ما وقع "خطأ فادح" من الحزب أو الجيش الإسرائيلي خلال قتالهما الذي يتصاعد دراماتيكياً يوماً بعد آخر.

تعليقات: