إسرائيل تتعمّدها: الحرائق التهمت خمسة ملايين متر مربع

يعمل عناصر الدفاع المدني اللبناني بشكل يومي على ملاحقة الحرائق (Getty)
يعمل عناصر الدفاع المدني اللبناني بشكل يومي على ملاحقة الحرائق (Getty)


ليل أمس، أعلنت المقاومة الإسلامية، في أحد بياناتها، أن مجموعة من جنود الاحتلال الإسرائيلي، كانت تعتدي بالقذائف الفوسفورية وتشعل الحرائق في الأحراش مقابل بلدة راميا، وقد تم استهدافها بالأسلحة الصاروخية. وفي وقت سابق من النهار كان أهالي علما الشعب وكفرحمام والخيام وغيرها، يناشدون المساعدة في إطفاء الحرائق، التي دأبت إسرائيل على إشعالها منذ الأيام الأولى لبدء مواجهات "الإسناد والدعم لغزة"، قبل ثمانية أشهر. ويدعي العدو أن حزب الله رداّ على إشعال الحرائق في الجانب اللبناني، يتعمد إشعال حرائق مماثلة في الجانب الإسرائيلي على طول الجبهة، وتصل إلى منازل المستوطنين، في كريات شمونة وسواها.


أكثر من 55 بلدة

مع مرور كل يوم على الحرب والاعتداءات الإسرائيلية، تضاف مساحات جديدة مزروعة بأشجار الزيتون ومكسوة بأشجار السنديان والصنوبر والملول، إلى قائمة الأراضي التي تجتاحها الحرائق، وتشعلها إسرائيل بشكل متعمد وإنتقامي، إبتداء من اللبونة في الناقورة وعلما الشعب والضهيرة ويارين والبستان وأحراج عيتا الشعب ورميش ويارون وصولاً إلى عيترون وبليدا وميس الجبل وكفرحمام وكفرشوبا وشيعا.

لا يوجد أرقام دقيقة للمساحات التي تعرضت للاحتراق ومحت في طريقها آلاف أقفار النحل المنتشرة بين الأحراش، نتيجة استمرار العمليات العسكرية المتواصلة على جانبي الحدود، وإستحالة الوصول إلى العقارات المحترقة، وذلك وسط تقديرات للوزارات المعنية (الزراعة والبيئة) كانت أشارت إلى أن المساحات التي طاولتها الحرائق، تقدر بـ5 ملايين ومئتي متر مربع، وأنها طاولت أكثر من 55 بلدية وقرية، وشملت 40 ألف شجرة زيتون معمرة، نجمت عن مئات الحرائق.

الفوسفور الأبيض

هذا في وقت تحدثت فيه منظمة "هيومن رايتس ووتش"، في آخر بيان لها أن "استخدام الفوسفور الأبيض من إسرائيل على نطاق واسع في جنوب لبنان يعرض المدنيين لخطر جسيم ويساهم في تهجير المدنيين".

وأشارت إلى أنها تحققت من "استخدام القوات الإسرائيلية ذخائر الفوسفور الأبيض في 17 بلدة على الأقل في جنوب لبنان منذ تشرين الأول 2023، خمس منها استُخدمت فيها الذخائر المتفجرة جواً بشكل غير قانوني فوق مناطق سكنية مأهولة".


الدفاع المدني اللبناني

يعمل عناصر الدفاع المدني اللبناني وفرق الدفاع المدني الأخرى، لا سيما الهيئة الصحية الإسلامية وكشافة الرسالة الإسلامية والبلديات، بشكل يومي، على ملاحقة الحرائق، التي يتم إشعالها، بإمكانات ضعيفة.

وفي هذا السياق، يؤكد رئيس مركز صور الإقليمي، عبدالله الموسوي، لـ"المدن"، أنه منذ بداية الحرب، وبتوجيهات من المدير العام العميد ريمون خطار، نحن على جهوزية تامة وعالية، ولدينا مراكز متقدمة على الحدود، مثل مركز "علما الشعب"،

وقال الموسوي، معظم الحرائق التي شهدناها ناجمة عن القصف الإسرائيلي المباشر، بالقذائف الحارقة والقنابل المضيئة، والغاية منها التخلص من الأحراش الخضراء، والتي طاولت أيضاّ أشجار الزيتون المعمرة في علما الشعب والضهيرة ويارين والبستان والناقورة ومروحين وطيرحرفا ومجدل زون.

وأضاف، إن عملية إطفاء الحرائق يبدأ بتوليها المركز المتقدم في علما الشعب، ثم نرسل مؤازرة من مراكز صور والقليلة وجويا ودردغيا وأيضاً العباسية والصرفند، ويقف إلى جانبنا في الطليعة، في عملية إخماد الحرائق، الدفاع المدني في الهيئة الصحية الإسلامية وكشافة الرسالة الإسلامية، وبالتنسيق مع الجيش اللبناني، الذي ينسق مع اليونيفيل.

ولفت الموسوي، إلى ان الحرائق المفتعلة من جانب العدو الإسرائيلي، تتواصل منذ ثمانية أشهر وقبلها أيضاً، وتتركز في نطاقنا. مؤكداّ انه "في حالات كثيرة نضطر إلى التوقف عن إطفاء الحرائق بعد تعرض فرقنا للقصف أو التمشيط، وفي أحيان أخرى يطلب الإسرائيليون من اليونيفيل، التي تبلغ الجيش، بضرورة وقف إطفاء الحرائق.

وأشار الموسوي إلى أنه بعد قرار تثبيت عناصر الدفاع المدني، بجهود كل المخلصين وفي مقدمهم الرئيس نبيه برّي ووزير الداخلية، أصبحت كل مراكزنا بجهوزية دائمة، حيث يتوفر 6 إطفائيات كبيرة.


كفرحمام والعرقوب

كانت بلدة كفرحمام في منطقة حاصبيا، وجاراتها كفرشوبا والهبارية أمس واليوم، على موعد مع حرائق جديدة التهمت مساحات واسعة من الأحراش والمزروعات.

ويشير أمين صندوق بلدية كفرحمام، الناشط حسيب عبد الحميد، إلى أن كفرحمام وعدداً من بلدات منطقة العرقوب، وخصوصاّ كفرشوبا، تعرضت لإحراق مساحات واسعة من حقولها وأحراشها، لا سيما أشجار الزيتون والسنديان والملول والصنوبر.

وقال لـ"المدن"، إن أحد الحرائق في كفرحمام أتى على مساحة 80 دونماّ، مغروسة بالزيتون والسنديان والصنوبر، وإن العدو الإسرائيلي يعمد إلى إشعال المناطق الحرشية لأسباب منها أمنية، وأخرى تتعلق بإيذاء المزارعين الجنوبيين، مستخدماّ سياسة الأرض المحروقة.

ويلفت عبد الحميد إلى ان الدفاع المدني يقوم بعمل جبار بمساعدة من الهيئة الصحية الإسلامية والأهالي، مناشداّ الوزارات المعنية في الدولة، تأمين الدعم الكافي لفرق الدفاع المدني.


الجنوبيون الخضر

يلفت رئيس جمعية "الجنوبيون الخضر"، الدكتور هشام يونس، إلى أن الحرائق التي تشعلها إسرائيل في أحراش ومزروعات البلدات والقرى الحدودية، قد ارتفعت بشكل واضح خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، من اللبونة وبين الناقورة وعلما الشعب وحتى ميس الجبل ومركبا وكفركلا وكفرشوبا إلى شبعا.

‎وقال لـ"المدن"، لا توجد تقديرات دقيقة حول حجم الأضرار، وأرقام تتعلق بالمساحات، سواء تلك التي طاولها الفوسفور الأبيض أو أنواع القذائف الأخرى، وما صدر سابقاً عن الوزرات المعنية، هي أرقام تقريبية، لافتاّ إلى ضرورة التمييز بين المناطق التي أصيبت بالفوسفور الأبيض، والمناطق التي تعرضت للذخائر المختلفة، لأن ذلك يساعد في تقدير حجم الضرر والآثار المترتبة، وبالتالي الانتقال إلى مرحلة المعالجة وإعادة "التأهيل"، على أساس منهجي.

‎وأضاف يونس، أن الضرر على مستويين بالنسبة للمناطق المحترقة بالفوسفور الأبيض، مستوى فوق الأرض، يتعلق بالأشجار والنباتات والموائل، ومستوى تحت الأرض، يتمثل بإصابة التربة بالتلوث وإمكانية وصول ذلك إلى خزانات المياه الجوفية. ولتحديد ذلك نحتاج إلى آلاف العينات، لتحديد المناطق المتضررة وتصنيفها تبعاً لمستوى الحريق ودرجة تلوث التربة. مؤكداّ أن المطلوب استعادة حيوية التربة، إذا ما كانت سليمة، ولاحقاً تحديد التدخل لإعادة التشجير والإنبات. فإذا كانت نسبة التلوث متدنية، ممكن للتربة أن تتحملها وعامل الشتاء كفيل بتخفيض تكثفها. وفي هذه الحالة، هناك فرص أكبر لاستعادة الغطاء النباتي فيها، خصوصاً الأنواع الأكثر قدرة على التحمل، مثل الصنوبر الحلبي على سبيل المثال والشجيرات، بتدخل محدود يعنى بالرعاية. أما بخصوص السنديان فالأمر يتطلب تدخلاً أكبر وعملية تشجير ويحتاج وقتاً أطول.

وأشار يونس إلى أن استعادة التنوع الحيواني، يعتمد ويتوازى مع عملية استعادة وتأهيل الأحراش، وهو بدوره سيكون عاملاً لتسريع العملية.

تعليقات: