شبح الحرب لا يثني لبنانيين عن الاستجمام على شاطئ صور جنوباً

أشخاص يقضون بعض الوقت على الشاطئ في مدينة صور الساحلية (8 حزيران 2024 - أ ف ب).
أشخاص يقضون بعض الوقت على الشاطئ في مدينة صور الساحلية (8 حزيران 2024 - أ ف ب).


بعدما روّعت الطائرات الإسرائيلية حفيدها قبل أيام، قصدت أم حسن شاطئ #صور مع العائلة، رغبةً بالابتعاد ولو موقتاً عن التصعيد المتواصل بين "#حزب الله" و#اسرائيل منذ أكثر من ثمانية أشهر.

وتقول أم حسن (60 عاماً) لـ"وكالة فرانس برس": "قبل يومين، دوّى جدار الصوت عند الساعة الثانية عشرة والنصف ليلاً، وأصيب هذا الطفل الصغير بحالة هيستيريا" من شدّة الخوف.

وتضيف السيدة المقيمة في بلدة صريفا: "لا أستطيع أن أترك هذا الطفل في هذه الأجواء نصطحبه إلى النهر، إلى البحر" للترفيه عنه.

وتوضح أم حسن التي غطت رأسها بوشاح وارتدت قميصاً مزيناً بالورود، أنّ الكبار لا يشعرون بالخوف الذي يعتري الأطفال، بعدما "اعتاد الخد على اللطم" في إشارة إلى القصف الإسرائيلي المتكرر الذي لم يوفّر بلدتها.

وتتابع بنبرة تحدٍّ: "طالما "حزب الله" موجودون على الأرض، هم (اسرائيل) من عليهم أن يحسبوا الحساب وليس نحن".

ويرتاد المئات، خصوصاً في إجازة نهاية الأسبوع، الشاطئ العام في مدينة صور، للانقطاع ولو موقتاً عن أخبار القصف والهجمات المتبادلة بين إسرائيل و"حزب الله"، الذي يحظى بقاعدة شعبية واسعة في المنطقة.


- "راحة نفسية" -

واعتادت شواطئ المدينة السياحية كل صيف على استقبال المئات من الباحثين عن الراحة والاستجمام من مختلف المناطق والخلفيات. لكن هذا الصيف، شبح ال#حرب حاضر مع تدفّق آلاف النازحين الفارين من القصف الإسرائيلي إليها.

وخلال الأشهر الثمانية الماضية، استهدفت إسرائيل مراراً مقاتلين من "حزب الله" وفصائل أخرى داخل المدينة وفي بلدات تقع بمحاذاتها.

تحت أشعة الشمس، تتمدّد نساء بملابس سباحة على الرمل، بينما تسبح أخريات وبعضهن محجبات بثياب رياضية. ويمارس شبان رياضة المشي على الشاطئ أو يلهون بالكرة. ويُسمع بين الحين والآخر دوي قصف متقطع يأتي من بعيد.

ويختار البعض الجلوس في مقاه صغيرة تمتد على طول الشاطئ للاحتماء من الشمس، يقدّم بعضها الكحول.

ينفث عباس عويدات (34 عاماً) دخان نرجيلته، بينما يحتسي الجعة متمدداً على الرمال البيضاء، بعد وصوله وزوجته إلى الشاطئ آتياً من قريته عزة التي بقيت بمنأى عن التصعيد والواقعة في محافظة النبطية المجاورة.

ويقول لـ"وكالة فرانس برس": "جدار الصوت هو أكثر ما يؤذي الناس... يكون الدوي قوياً. تهتز الأبنية بنا ويتحطم زجاج المنازل"، متابعاً "إنها بمثابة حرب نفسية".

ويشعر عويدات، الموظف في شركة لمواد التنظيف، بـ"راحة نفسية"، في كل مرة يرتاد فيها الشاطئ، بعيداً عن نقاشات يومية مع أصدقاء أو زملاء "يقولون إنهم ينتظرون المعركة الكبرى" أو أنّ "الحرب مقبلة".

لكنّه يؤكّد في الوقت ذاته أنّ "حزب الله هنا، إذا ضربوا (الإسرائيليون)، سيضربون من هنا أيضاً".

وفي الأسابيع الأخيرة، صعّد مسؤولون إسرائيليون من وتيرة تحذيراتهم لحزب الله. وقال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الأسبوع الماضي إنّ اسرائيل جاهزة "لعملية مكثفة للغاية" عند حدودها الشمالية.

ويؤكد الحزب في المقابل أنه لن يتوقف عن قصف إسرائيل قبل التوصل إلى وقف إطلاق نار في #غزة.


- لا متنفس آخر -

وليس خطر الحرب الذي يلوح في الأفق ما يؤرق عويدات ويدفعه إلى التفكير بالسفر، بل الانهيار الاقتصادي غير المسبوق الذي يعصف ب#لبنان منذ خريف 2019، يرافقه شلل سياسي مزمن.

ويقول: "لا يوجد مستقبل هنا" لكن على الأقلّ "بإمكانك أن تجلس على البحر وتحتسي الجعة".

وتعدّ السياحة الصيفية مصدر دخل رئيسي لمدينة صور، قوامها خصوصاً المغتربون الذين يأتون لتمضية عطلة الصيف. لم يتوقّع ناصر محسن، صاحب أحد المقاهي على شاطئ صور، أن يتدفّق الزوار بهذا الشكل.

ويقول "كل الناس خائفون، حتى من هم في موقع القرار لا يعلمون الى أين سيتجه الوضع".

لكنّه يضيف: "رغم الوضع الأمني ورغم ما يحصل، لكن ليس لدى الناس منفذ سوى هذا الشاطئ الوضع على حاله منذ ثمانية أشهر، وبتنا متأقلمين معه".





تعليقات: