الوثائق البريطانية ـ حرب حزيران .. ميراث لا ينسى

.. معين دروس لا ينضب.

السفير آدمز: الأردن هو الخاسر الأكبر سواء ربح العرب الحرب أو خسروها .. والملك حسين يعرف ذلك * في تقرير أثار جدلا لدى قادة الخارجية البريطانية بلندن حول أسباب هزيمة الأردن

لندن:

الذين ولدوا معها هم الآن في عداد أرباب الأسر أو الراشدين الذين يعيشون مخاض التحولات السياسية بالمنطقة العربية ضمن استحقاقات نظام عالمي جديد، وإضافات العولمة، وحروب الإرهاب، وسيادة العنف بصرف النظر عن مبرراته .

هو اسم واحد للحرب العربية الإسرائيلية الثالثة ولكن شاءت الثقافة العربية أن تعطيه مسميات أخرى، مثل «النكسة»، و«حرب حزيران»، ولكن ليس «هزيمة 1967» وفق رؤية البعض.

من بين الحروب العربية الإسرائيلية الأربع، 1948، 1956، 1967، 1973، سجلت هزيمة 1967 ميراثا اتخذ خصوصيات كثيرة، أقلها أن كل شيء عن القوة العربية في ثلاث دول: مصر وسورية والأردن، قد تبخر في ستة أيام فقط، فيما تزامن ذلك مع آلة إعلامية وصل بها حد التضليل الى إعلان إسقاط طائرات إسرائيلية بعدد تجاوز ما تملكه إسرائيل أصلا، ثم الأدهى، وحين انكشف كل شيء، اتكأت جهات كثيرة على ما أسمته الوثائق البريطانية «الكذبة الكبرى» في إشارة لترويج تدخل بريطاني أميركي لصالح إسرائيل.

اهتمام «الشرق الأوسط» بالحدث على النحو الذي تتيحه هذه التغطيات ليس من باب فتح الجراح أو جلد الذات كما يقال، وإنما للوقوف مع تاريخنا كما هو، أو كما رآنا عبره آخرون، وإتاحة الفرصة لأجيال جديدة أن تقف مع ذلك التاريخ، بالدخول في تفاصيله بالبحث والتحري، وأمامها هنا في عصر ثورة المعلومات الكثير من القنوات، في مهام تتعدى بكثير مجمل التغطيات الصحافية عامة، مهما علت جرعتها.

* وثيقة رقم: EJ 1/15 ، (وعليها ملاحظة تبدو غريبة خلافا لمعظم الوثائق، وتقرأ: هذه الوثيقة ملك حكومة الملكة البريطانية.

من: آدمز ..

الى: براون، وتمّ تسلمها يوم 3 يوليو 1967. سري للغاية.

* الموضوع: هزيمة الأردن: عمان في 29 يونيو 1967

* سيدي:

1ـ في متسع التنفس هذا مع النقاش الحالي في الأمم المتحدة حول النزاع العربي الإسرائيلي، والتالي للحرب بين 5 ـ 12 يونيو ، فمن الوارد أن يكون للشأن ما يستحقه في الأردن. ومن هنا وفي هذه الرسالة، أو قل لذلك أتشرف، بمراجعة الأحداث خلال الشهر الماضي، وأتفحص بعض الأسباب والتعقيدات المصاحبة لهزيمة الأردن المرهقة.

2ـ الصورة عموما داكنة، ومن الصعب تمييز أي خيوط من الأمل للمملكة الهاشمية في سياق المسار المحتمل للأحداث. ماذا حدث ؟ ولماذا حدث ؟ وكيف حدث ؟ تؤكد جميعها بالصورة الأكثر فظاعة شكوكي الخاصة حول كفاءة الشخصية العربية المعاصرة (بما فيها مكونها الداخلي بنقاط ضعف تدمير الذات). بمعنى أنه ، وفقط ، وحين يخرج العرب من فجرهم الكاذب الطويل، ومع طائرهم الخرافي الذي صنعوه مع الهزيمة، سيكون لديهم الأمل لجهة أن يلعبوا أي دور بناء في شؤون العالم.

روابط بريطنيا التاريخية مع الشرق الأوسط لا تزال تورط بقدرها حكومة جلالة الملكة في المشكلة، برغم أنهم لم يعودوا في وضع يمكنهم من تقديم علاج.

3ـ وفقا لأحداث الـ 15 عاما الأخيرة، فقد سيطرت مصر على العرب خلال الأزمة الأخيرة، وبرغم أن دور الأردن مركزي، فقد ظل مساندا لمصر، فالأردن لم يتصرف ويتفاعل وفق مصالحه الخاصة وإنما كنتيجة للضغوط والتأثيرات النابعة من القاهرة، فهل ظل الأردن دائما يفعل ذلك ؟ ربما نكون قد بالغنا في قدرات الأردن ليعمل كعامل استقرار. ففي البداية ، عندما طالبت مصر أمين عام الأمم المتحدة أن ينقل قوة الطوارئ التابعة للأمم المتحدة من على حدودها مع اسرائيل، ظن الأردن أن هذه الخطوة مجرد خداع ، بل أن الأردن كان في حاجة لأن يتخذ ناصر هذه الخطوة استهزاء بعدم فعله لشيء في مسألة فلسطين، في محاولة من الأردن لتقليل وضع ناصر وسط الأردنيين الذين كانوا يلومون حكومتهم عل ضعف سياستها تجاه اسرائيل. ومن هنا فالأردن، و(كما الآخرون)، أصيب بفقدان التوازن حينما استجاب الأمين العام للأمم المتحدة بصورة فورية وسحب القوة ودخول القوات المصرية لشرم الشيخ. والى ذلك، فلم تزد هذه الخطوة بصورة لا تقاس من المساندة لعبد الناصر في الشرق الأوسط ، وخاصة في أوساط الفلسطينيين فحسب، وإنما فرضت السيطرة المصرية على ممرات تيران تهديدا قاتلا على الأردن، الذي يعتمد في تجارته على ميناء العقبة. والى ذلك أيضا، وفي أي نزاع مستقبلي مع ناصر ، سيجد الأردن نفسه كمن يضع أصبعه في ناره.

4ـ وبالإضافة الى هذا التذكير بسلطة ناصر ودوره، ونزوعه لخلق مشاكل لجيرانه، تلقى الأردن ضربة أخرى من جار عربي آخر ، فسورية قدمت تذكيرا بحملتها المستمرة لتحطيم المملكة الهاشمية من خلال الإرهاب عبر حادث التفجير يوم 21 مايو 1967 في الرمثاء، والذي قتل فيه عدد من الأردنيين وجرح آخرون بسبب قنبلة كانت في طريقها الى العاصمة عمان، فيما أمر الملك حسين تفجرا عاجلا في العلاقات مع سورية بمجرد عودته من مسرح الجريمة.

5ـ الأحداث مضت بصورة سريعة في المواجهة بين اسرائيل والجمهورية العربية المتحدة. (الإشارة هنا لمصر والإيضاح من الشرق الأوسط وقد كان ذلك اسمها برغم انهيار الوحدة مع سورية الى أن أعاد الرئيس الراحل السادات اسم مصر بعد توليه الحكم خلفا لعبد الناصر في أكتوبر 1970)، فأرسل الملك حسين رئيس أركانه الى القاهرة لاكتشاف نيات ناصر. لم يحط الجنرال الخماش بأي شيء ولم يستقبله ناصر فيما عاد ببرغوث في أذنه،(يبدو المعنى أقرب الى «بخفي حنين» ، والإيضاح من الشرق الأوسط). أعلنت التعبئة العامة في الأردن يوم 24 مايو وعرض الملك حسين تسهيلات لقوات عراقية بالأردن، فرفض العراق بازدراء المزيد من العزلة للأردن من الدول العربية الثورية التي كانت متضامنة لتوجيه ضربة لإسرائيل.

6ـ أحس القادة الأردنيون أن الوقت يسرقهم، واستنتج بعض منهم أن المواجهة المسلحة بين مصر وإسرائيل أمر لا مفر منه، فيما أدت الحماس الشعبي في البلاد تجاه موقف مصر الى تهديد لجهة التقليل من شأن سلطة الملك في بلاده وسمعة الأردن في العالم العربي إلا إذا تمكن النظام بشكل ما من ركوب موجة الشعور المتنامي للتضامن مع ناصر الذي ظهر للشعب العربي، وخلال 19 عاما، كالبلد الوحيد القادر على فعل شيء لإسرائيل. فكانت الخطوة الأولى من الملك بإعادة تشكيل مجلس الوزراء الأردني ومستشاري الملك، فتم استبدال وصفي التل، المعروف بعدم ثقته في عبد الناصر لأجل إظهار التضامن مع الجمهورية العربية المتحدة ، ثم جاءت زيارة اليوم الواحد الدرامية من الملك حسين للقاهرة في 30 مايو، والتي وقع فيها اتفاقية دفاع مع ناصر ، فيما عاد في نفس اليوم مصطحبا عدوه أحمد الشقيري رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، وقد جاء لحشد ودفع وهج التأييد الفلسطيني لمشروع حرب ناصر ضد إسرائيل. اقتنع الملك حسين بأن لا مفر من حرب مع إسرائيل، فأرسل رئيس هيئة أركانه الى بغداد للتشاور، فانضم العراق الى اتفاقية الأردن مصر للدفاع يوم 4 يونيو، وفي ذلك اليوم استدعى الملك حسين رؤساء البعثات الدبلوماسية غير العربية في عمان ليتقدم بالشكر الى كل الذين يساندون العرب، وليتجاهل بصورة واضحة أولئك (الأصدقاء القدامى) (أي زميلي السفير الأميركي وشخصي)، وقد قال الملك إنهما عدائيان أو غير متحمسين للقضية العربية. عداء الملك المعلن لبريطانيا ظل معلم إحباط ملحوظ خلال هذه الأزمة، وذلك في ضوء الروابط القريبة التي أنشأها معنا على مر السنين.

7ـ من جانبي وصلت لاستنتاج، من قبل انضمام الأردن للمعركة، والتي كان الملك نفسه في وقت ما يشاركني له، وهو أنه وبصرف النظر عن ناتج وعائد الحرب، فالأردن سيكون الخاسر الأكبر. فإذا كسب العرب، فسيكون الأردن عرضة لهجمات أكثر فعالية من الدول العربية الثورية، وأن النظام الأردني، إن آجلا أو عاجلا، سيرتد متراجعا أو يتم استبداله، أما إذا كسب الإسرائيليون، فالأردن سيفقد أرضا ليتحمل عبء زحف المشاكل الداخلية ومشاكل اللاجئين، وإذا ما أوقفت الحرب بتدخل من قوة عظمى فسيظل الأردن بلا جدال أكثر تصنيفا لجهة تقاربه مع الغرب ليواجه العزلة.

8ـ هنا تجيء الحملة الإسرائيلية الناجحة والمدمرة، ففي أيام قلائل تعرت دعاية عبد الناصر الطنانة لتكشف عن طبيعتها، فتحطمت قواته الجوية وجيشه وتم غزو أرضه واحتلاها بصورة عميقة، فيما الأردن، جراء التضليل الناصري بإلحاق دمار كبير بإسرائيل، أوقف قواته مساندة لمصر يوم 5 يونيو ليجد بعد 60 ساعة أنه فقد معظم جيشه، كل قواته الجوية ونصف أراضيه، أما دوره في الحرب، وملخصه حمله الملحق في رسالتي رقم 12، وفحواه باختصار، غير فعال وبلا وهج.

9 ـ إذا كان أداء الجيش مخزيا، فأداء الملك والحكومة لم يكن أحسن حالا، فمنذ بداية الأزمة، وخلال القتال، والى الآن، بل وفي مأزق بعد المعركة، عانت السيطرة المركزية على الأمور، فظهر الملك ضعيفا، ومفتقدا للتعمق المعروف عنه، فقد شارك الآخرين الرأي أنه وخلال انفجار الأزمة، وتحت غطاء سلاح الطيران الناصري، سيكون الجيش الأردني في تل أبيب خلال 48 ساعة. وحينما أخذت الأمور تسير بسرعة في الاتجاه الآخر أسلم نفسه للكذبة الوحشية بتدخل أميركا وبريطانيا الى جانب اسرائيل، وألقى اللوم على الآخرين مقابل الأخطاء الأردنية وفكر في زيادة إكساب الحقائق حول أداء جيشه غموضا تحت غطاء من الأكاذيب حول الخسائر الكبيرة، ولم يصدق الملك، ومعه الحكومة والشعب، أن عالمهم الخيالي بانتصار عربي، قد تحول الى كابوس هزيمة، فيما كانت السلطة الوحيدة الفعالة في البلاد خلال وبعد القتال الأخير هي سلكات الأمن العام تحت قيادة الجنرال معن نوار، فهو وأجهزته كان قواما لجهة التأكد من أن البعثات الدبلوماسية الأجنبية لا تتعرض لهجوم، وتعامل بكفاءة وحزم مع المظاهرات، وقدم الحماية للجاليات الأجنبية في وقت لم يكن فيه الاعتماد على الجيش والقوات الجوية ممكنا خلال عمليات الإخلاء من مطار عمان يوم 11 يونيو.

10 ـ لا شك أن هزيمة سريعة وحاسمة من شاكلة النصر الإسرائيلي على العرب عرضة لأن تضع المهزوم في حالة صدمة عميقة، والى ذلك فالأردن لم يخرج عن مثل تلك الحالة، والناس يبحثون عن حل، ولدى البعض فليكن حلا لا يصيبهم بأذى. أناس الضفة الشرقية (بمن فيهم وفق تقارير الملكة الأم) يتحدثون عن سيناريو لتشكيل رباط محكم للأردن الكبير، ويلزمون الهدوء تجاه المشكلة الفلسطينية وميراثها فيما يخص الفلسطينيين الفاقدين للنظام والولاء، فيما يتفحص أو يتأمل بعض هؤلاء الأخيرين (كما ورد في برقيتي لك رقم 718 بتاريخ 21 يونيو) صفقة ما مع إسرائيل. القوميون العرب وبعض ضباط الجيش يتحدثون عن (هجمة أخرى على اسرائيل) خلال شهرين أو ثلاثة بعون من الروس وسلاحهم. ضباط الجيش الآخرون يحتضنون خزي هزيمتهم واللوم الذي لا بد أن يشاركهم فيه الملك وحكومته. أضف الى ذلك انتقادهم المتنامي لفشل المجلس العسكري وضرورة فصل غير الكفوئين، ومن الممكن الحديث عن دليل بأن بذور انقلاب من الجيش يمكن أن تكون الآن قيد التشكيل.

11 ـ ولكن، وفيما يتحدث الصحافيون، أو يوجد حلم للانتقام، أو حتى مؤامرة ضد النظام، فالحقيقة تستلقي هناك مع فيض تراجيدي من اللاجئين الذين يكافحون للوصول الى الأردن من الضفة الغربية، فيما تبدو المشاكل الطبيعية، الى اللحظة، فوق طاقة الملك وحكومته، وكذلك تبدو صعبة بصورة عميقة المشاكل الاقتصادية والسياسية، وإعادة البناء، ولم شمل العلاقات مع الدول العربية الأخرى، ومع الغرب أو روسيا، فمفتاح كل ذلك على أية حال لا يوجد في عمان، ومع ذلك فعلى الأردن كعضو صغير في الدراما العربية أن يوجد لنفسه دورا. وهنا تأتي الأسئلة: هل سيجد يوما دورا مقابل دولة مستقرة ومعتدلة فيه يمكن أن يعتمد عليها الغرب ككابح لمشاريع الدول العربية الثورية لتدمير اسرائيل؟ هل ستقود الضغوط على الملك حسين الى حد يلقي فيه بثقله مع الثوريين فيدير وجهه الى الاتحاد السوفيتي بحثا عن دعم اقتصادي وعسكري؟ هلا ستفترض سوريا، بعد أن تركت المشهد في مايو الماضي بالتفجيرات، أن تحاول مرة أخرى تغيير أو إضعاف النظام الهاشمي؟ ماذا إذا حاول العراق أن يحفر في التربة الأردنية من خلال قواته الموجودة ؟ وماذا عن الجيش المحبط ؟ وفوق كل ذلك، ماذا عن ناصر (المعاد تنصيبه وتأهيله)، هل سيبقي على صداقته الأخيرة والمستجدة مع الحسين؟ وإذا ما اختفى ناصر، فهل سيبحث خلفه عن مساندة للأردن أم عن تحطيمه؟

12 ـ والآن، وعلاقاتنا مع الأردن كمن يقف على رأسه في ضوء تطور الأحداث، فعلى ماذا سيكون توجه حكومة جلالة الملكة تجاه الأردن؟ فلم يعد بوسعنا أن نكون متأكدين من أن النظام الهاشمي، وليس هناك بديل له مرئيا غير نظام ناصري، سيقدم أفضل فرصة للاستقرار هنا، فيما لا يمكن الاعتماد على الأردن ليتخذ خطا عربيا معتدلا. حاول أردنيون بارزون قلائل مثل وصفي التل والأمير حسن أن يبهرونا بجدلية أن الملك حسين يملك فرصة قيادة الرأي العربي المعتدل ضد ناصر والثوريين، وذلك من خلال السمعة التي اكتسبها كبطل للعرب في القتال الأخير، وهذا الطرح يتجاهل الحقيقة المعروفة جدا في الجيش، وبالتدرج أصبحت واسعة المعرفة والانتشار لدى الشعب، بأن القتال الشرس، والخسائر الثقيلة، والوقوف الى آخر جندي وآخر جولة، جميعها أسطورة خلقها الملك وجنرالاته لأجل إكساب الهزيمة غموضا. فالنظام الأردني لم يكن كابحا جماح غضبه (أو فعالا في دفع الآخرين لذلك) حين انتهت الحرب مع إسرائيل، فحينما وصلت الأمور الى دركها أخذ الملك القيادة في الترويج ونشر كذبة حول المساعدة الأميركية والبريطانية لإسرائيل والتي حطمت مصالحنا في الشرق الأوسط أكثر من أي حادثة أخرى خلال 19 عاما. فماذا عن مصلحة لمساندة بريطانيا للنظام الهاشمي الآن؟ وماذا سيكون دورنا في علاقته بالدور الأميركي وقد ظلا لنحو عقد من الزمن على دعم فعال للأردن الهاشمي؟.

13 ـ نحن نعيش مأزق حرب غيرت من موازين القوة في الشرق الأوسط، فمن الصعب أن نتنبأ بدقة عما سيخرج من المفاوضات كانت في الأمم المتحدة أو بين العرب، أو بينهم وبين إسرائيل، ولا تزال لبريطانيا مصالح حيوية في الدول العربية وعليها البحث عن حمايتها في ظل إصابتها بعدم قدرة تجاه ما ساد من اعتقاد لدى العرب بأننا ساندنا إسرائيل، ولذلك، علينا، ألا نورط أنفسنا أكثر، وعلينا أن نتجنب أخذ القيادة في الترتيب لأي تسوية عربية اسرائيلية.

وعلينا أن نعترف لأنفسنا بأننا لا نملك لا القوة الاقتصادية ولا التأثير السياسي لجلب حل في صالح بريطانيا، وعلينا أن نعمل بصبر، ومتى ما كان ممكنا مع القوى الغربية، لحماية المصالح الغربية في الشرق الأوسط، ولن نساعد أنفسنا بقيادة مسعى في قضايا خاسرة، والى ذلك فقد الحقنا دمارا كثيرا من خلال موقفنا المبكر والبارز من حول الحقوق البحرية في مضايق تيران، فهلا توقفنا عن إظهار كل الأمور لكل الناس لفترة ما ؟ فهل تكون وجهة نظر موضوعية، والتي قد يعيبها البعض، غريبة جدا على طبيعتنا، اللهم إلا إذا كان بوسعنا أن نتراجع ونأخذ الصورة من موقف نكون مستعدين لدفع ضريبة المعاناة فيه، فالدرس بالنسبة لنا من الأردن هو أنه وفيما يكون علينا أن نقوم بكل ما في وسعنا للمساعدة في رفع الضغوط من آلاف اللاجئين (وستجد مساعدتنا التقدير إذا تم الاعتراف بها تدريجيا)، وعلينا أن نحدد مواقيت لأي طلبات لمساعدات عسكرية أو تنموية أو تتعلق بالميزانية، الى أن نرى ما إذا كانت مصالح بريطانيا الحقيقية، سياسية، واستراتيجية، وايديولوجية، يمكن أن تبرر مزيدا من الاستثمار هنا.

14ـ أرسلت نسخة من هذه الرسالة الى ممثلي حكومة جلالة الملكة في البحرين، بيروت، الكويت، تل أبيب، بعثة المملكة المتحدة بنيويورك، وواشنطن والقنصل العام بالقدس.

* توقيع - بي. جي. آدمز - السفير ـ الأردن

تعليقات: