عينة من الدمار في مستوطنة المنارة الاسرائيلية الحدودية مع لبنان (يديعوت أحرونوت)
استغلت إسرائيل زيارة المبعوث الأميركي آموس هوكستين إلى المنطقة، لمنع توسع المواجهة على جبهة لبنان إلى حرب أوسع، كي تبعث رسائل ترهيب جديدة إلى "حزب الله" والدولة اللبنانية.
واستبقت تل أبيب وصول هوكستين، بتقليل فرص نجاحه في احتواء التصعيد، بحجة وصول مفاوضات تبادل الأسرى مع حماس إلى "طريق مسدود"، واستبعاد إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة في الأمد المنظور، بحسب ما نقلته هيئة البث العبرية عن مصادر أمنية إسرائيلية.
تركيز على الشمال.. بعد أسبوعين
وفي السياق، أراد جيش الاحتلال أن تكون رسالته الاستباقية "إعلامية"، إذ توعد بإعادة "سكان الشمال إلى منازلهم من دون مفاوضات"، وذلك بعد أشهر على اضطرارهم إلى مغادرتها، في محاولة للإيحاء بأنه "حسم قراره بتحقيق ذلك بقوة السلاح، وأنه لم يعد متردداً".
والحال أن القراءات الإعلامية العبرية الأخيرة تكشف نية الجيش الإسرائيلي تركيز حضوره العسكري في الجبهة الشمالية بعد نحو أسبوعين، أي مباشرة بعد إنهائه عملية رفح جنوبي قطاع غزة.
وذكرت تسريبات إسرائيلية أن تركيز وجود القوات الإسرائيلية في الجبهة الشمالية في الفترة المقبلة بات توجهاً محسوماً، في كل الأحوال، ومهما كانت السيناريوهات، منوهة أيضاً بأنه يتعين على إسرائيل حسم قرارها في غضون أسبوعين إلى ثلاثة.. إما بالذهاب إلى حرب شاملة في الجبهة الشمالية، وإما باتفاق يضمن هدوءاً يهيئ المناخ لتفعيل "الاتفاقات الإبراهيمية"، أي التطبيع مع دول عربية في المنطقة. لكن قراءات إعلامية وسياسية عبرية أقرت بأن حسم القرار يبدو صعباً بالنسبة إلى إسرائيل، في ظل خلافات عاصفة داخلياً.
"المنارة".. نموذج للدمار
في غضون ذلك، ارتأت صحيفة "يديعوت أحرونوت" مواكبة الموضوع، عبر فتح ملف الدمار الذي أصاب مستوطنات الشمال جراء قتال مستمر من أكثر من 8 أشهر بين "حزب الله" وإسرائيل، إذ اتخذت من مستوطنة "المنارة" على الحدود مع لبنان، نموذجاً لحجم الدمار الهائل.
المنارةوقد أرسلت "يديعوت أحرونوت" فريقها إلى كيبوتس "المنارة"، للوقوف على حجم الدمار فيه، معتبرة أنّ "البلدة الحدودية النائمة" قد تحولت إلى ساحة معركة وسط نيران حزب الله المتواصلة.
ووثقت "يديعوت أحرونوت" واقع هذه المستوطنة من الداخل، ومن مسافة صفر، مبينة أن نحو ثلثي منازل "المنارة" قد تضرر كلياً أو جزئياً، نتيجة قذائف حزب الله "المضادة للدروع".
واعتبرت الصحيفة العبرية أن هذا السبب، إضافة إلى تحويل الجيش أجزاء من "المنارة" إلى منطقة عسكرية مغلقة، وتطويقها بأسلاك شائكة، قد أدى إلى انخفاض عدد سكان المستوطنة إلى اثنين فقط، هما: رئيس قسم الصرف الصحي في المجلس الإقليمي بالجليل الأعلى موتي شاي، ورئيس فرقة الإنذار المحلية ناعور شامية، وهو أستاذ رياضيات وفيزياء.
كما رصدت الصحيفة من وسط دخان الحرائق، قصصَ من بقي في المستوطنة، رغم ما وصفته بـ"الخطر الوشيك" من هجمات حزب الله المتواصلة.
وأمعنت "يديعوت أحرونوت" في توصيف المشهد من داخل "المنارة"؛ للتأكيد على ما أصابها خلال أشهر القتال.. فتحدثت عن روائح كريهة من داخل شقق سكنية مهجورة، جراء فساد الأطعمة في الثلاجات، وأشارت إلى تحول لون الماء في مسابح المستوطنة إلى "أخضر"، وسط حالة من "الإهمال والتدهور"، على حد تعبيرها.
وهدفت سردية تقرير الصحيفة العبرية إلى إعادة فتح ملف المستوطنين "النازحين"، إذ أكدت أن "السكان غير متأكدين من بقاء منازل يمكنهم العودة إليها أصلاً"، في إشارة إلى حجم الدمار المتزايد يوماً بعد آخر.
ودلت الصحيفة العبرية على مشاهداتها، بنشر صور لبيوت إسرائيلية مدمرة في الكيبوتس الواقع على أعلى تلة مُقابِلة للبنان، لكنها سعت إلى التقاط الصور من زوايا قريبة جداً، وبأبعاد مسموحة أمنياً، كي لا تشكل الصور المُلتقطة "خطراً عسكرياً يفيد العدو"، بمنظور الجيش الإسرائيلي.
لم تنسَ الصحيفة أن تصف حجم الدمار الذي أصاب الطرق في مستوطنة المنارة، جراء سَير دبابات الجيش الإسرائيلي ومدرعات ناقلة الجند، عليها، وهي مشاهدات عدّتها الصحيفة "تذكيراً صارخاً بتكاليف الحرب، والحاجة الملحة الى جهود إعادة التأهيل".
وهنا، وجد المتحدثان من "المنارة"، موتي شاي وناعور شامية، ضالتهما، كي يوجها رسالة للحكومة الإسرائيلية عبر "يديعوت أحرونوت"، تطالبها بعدم التهرب من مسؤوليتها لإعادة السكان، وإعادة بناء ما دُمّر.
موتي شاي وناعور شامية آخر من تبقى في مستوطنة المنارة الحدودية مع لبنان (يديعوت أحرونوت)
تعليقات: