سيارة كهربائية (الصورة بتقنية الذكاء الاصطناعي)
يشهد سوق #السيارات الكهربائية في الدول العربية تطوراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، ما يعكس تغيراً كبيراً في توجهات المستهلكين والسياسات الحكومية نحو اعتماد الطاقة النظيفة والمستدامة. وتعدّ هذه الخطوة جزءاً من الجهود العالمية للحد من الانبعاثات الكربونية ومواجهة التغيّر المناخي.
النمو آتٍ
متوقعٌ أن ينمو سوق السيارات الكهربائية في المنطقة العربية بشكل كبير في السنوات المقبلة، "مدفوعاً بالمبادرات الحكومية وارتفاع الطلب الاستهلاكي والاستثمارات السريعة في البنية التحتية"، بحسب ما يقول محمود خيري، الاقتصادي ومستشار السياسات الدولية، لـ"النهار".
فالاتجاهات العالمية في صعود، ومتوقعٌ أن تنمو مبيعات السيارات الكهربائية حتى عام 2030 نحو 21.7 في المئة، وحصّة المنطقة العربية من هذا النمو مرتفعة، "فالمملكة العربية السعودية تخطط لتصنيع أكثر من 150 ألف سيارة كهربائية سنوياً كجزء من ’رؤية السعودية 2030‘، وتنوي دولة الإمارات العربية المتحدة الحصول على 42 ألف سيارة كهربائية بحلول عام 2030، فيما يقدم الأردن حوافز مشجعة لتعزيز تبني الخيارات المستدامة"، كما يقول خيري، ويترافق ذلك كله مع ترويج العديد من الشركات المصنعة لسياراتها في المنطقة العربية.
فهذه "تيسلا" حاضرة فعلياً في السوقين السعودية والإماراتية، كما يقول خيري، من خلال نماذج وطرازات خاصة مثل Model S، وModel X، وModel 3، وModel Y، فيما تروج "نيسان" لسيارتها "ليف" في دول المنطقة، مع التركيز على أسواق الإمارات وقطر والسعودية، واستكشاف خيارات الإنتاج المحلي. وتوجه "بي أم ف" سيارتيها i3 وi8 للدول العربية، إلى جانب جهدها لتوسيع البنية التحتية لشحن السيارات الكهربائية، بينما طرحت "أودي" سيارة Audi e-tron في سوقي الإمارات والسعودية، مع تركيزها على سيارات الدفع الرباعي الكهربائية الفاخرة.
حوافز عربية
نفذ العديد من الدول العربية سياسات وحوافز لتشجيع ملكية السيارات الكهربائية. فعلى سبيل المثال، تقدم الإمارات مواقف مجانية للسيارات الكهربائية، وإعفاءات من رسوم المرور ومن رسوم التسجيل، إلى جانب شبكة متنامية من محطات الشحن. وتوسّع السعودية البنية التحتية لشحن بطاريات السيارات الكهربائية. ويقدم الأردن إعفاءات ضريبية ورسوماً جمركية مخفضة على المركبات الكهربائية، في حين خفضت مصر الرسوم الجمركية وتقوم بتوسيع شبكة الشحن الخاصة بها.
ويري خيري أن هذه الحوافز العربية الداعمة، إلى جانب توسيع البنى التحتية، وزيادة الوعي البيئي، والفوائد الاقتصادية مثل انخفاض تكاليف التشغيل وتقليل الاعتماد على أسعار النفط المتقلبة "ستدفع المستهلكين العرب إلى اختيار السيارات الكهربائية"، مضيفاً لـ"النهار" أن التقدم التقني في إطالة عمر البطارية، وتنوع السيارات، إلى جانب اتجاهات التحضر ومبادرات المدن الذكية، "تعزز كلها جاذبية السيارات الكهربائية، ولا ننسى أن جهود التصنيع المحلية والاستثمارات في مصادر الطاقة المتجددة، كجزء من استراتيجيات التنويع الاقتصادي الأوسع، ستؤدي دوراً حاسماً في تسريع التحول نحو خيارات مستدامة في النقل بالمنطقة العربية".
شبه صامتة
لكن، لماذا لا نرى زخماً في سوق السيارات الكهربائية في العالم العربي؟ يرى خيري هذه السوق ستبقى "شبه صامتة" من دون حوافز مالية حقيقية وبرامج ائتمانية موجهة للمستهلكين، تخفض تكلفة التحول إلى التنقل الأخضر. يقول: "إن تبني خيارات مستدامة في التنقل يواجه تحديات مهمة، فشبكة الشحن الحالية غير كافية، خصوصاً في الأرياف، ويتطلب إنشاء بنية تحتية شاملة للشحن استثمارات كبيرة، وهو ما يمكن أن يشكل عائقاً أمام أصحاب المصلحة في القطاعين العام والخاص".
وبحسبه، يمكن البلدان العربية جذب المزيد من الاستثمارات إلى سوق السيارات الكهربائية وإلى قطاعات ذات صلة، من خلال أساليب استراتيجية مختلفة: "تنفيذ حوافز جذابة مثل الإعفاءات الضريبية، وإعانات الدعم، والمنح لمصنعي السيارات الكهربائية ومطوري البنية التحتية، وتشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص ما يسمح للحكومات بتوفير الأراضي والدعم التنظيمي للشركات الخاصة، بينما تساهم هذه الأخيرة بالتمويل والتكنولوجيا والخبرة التشغيلية في بناء مرافق تصنيع المركبات الكهربائية وشبكات الشحن".
اليوم وغداً
يلاحظ خيري أن تخصيص الأموال لتطوير البنية التحتية لشحن المركبات الكهربائية عبر المراكز الحضرية والطرق السريعة ومحاور النقل الرئيسية أمر ضروري اليوم للترويج للسيارات الكهربائية، وغداً لاستيعاب الطلب المتزايد على الكهرباء لشحن السيارات الكهربائية".
في المقلب الآخر، ما زال ثمن بطاريات السيارات الكهربائية مرتفعة، وهذا يساهم في ارتفاع أسعار السيارات الكهربائية بشكل عام، مقارنة بالسيارات التقليدية.
ويلفت خيري إلى أن المناخ الحار في الدول العربية "يؤثر سلباً على أداء البطارية وعمرها، ما يستدعي تثبيت تقنيات تبريد إضافية، وهذا يزيد سعر السيارة"، خصوصاً أن ارتفاع سعر الشراء الأولي أساساً يؤدي دوراً في ثني المستهلك عن شراء سيارة كهربائية، من دون أن ننسى أن اعتماد المنطقة العربية اقتصادياً على النفط عوّد الناس على سيارات الوقود، "كما أن غياب سياسات متسقة وطويلة الأجل في جميع أنحاء المنطقة يمكن أن يخلق حالة من عدم اليقين ويبطئ اعتماد السيارات الكهربائية".
تعليقات: