دائماً المجتمع الفلاحي ينصب الكمائن للغدر والدخيل وكل ما يفسد رونقه وجماله وبذلك يحافظ على ركائزه القائمة على الود والتصافي والحذر من المجهول أكان جباناً أم فكراً أم قدراً، وسأورد بعض الشواهد على هذا الصفاء الذي عمّر قرانا وكرّس تقاليدنا في التنافس الصادق القائم على حق الإختلاف الذي ينبذ مساوئ الخلاف وأبدأها في كفرشوبا سنة 1966 وكنت مدرساً في مدرستها الرسمية مع زملاء ٍ من أقصى الشمال إلى الإقليم إلى الخيام وحاصبيا، الأعيان وما كان أصفاهم تلك الأيام كانوا يولمون المآدب على شرفنا في ديارهم ويتناسون التمايز البلدي طلباً للإكتفاء العلمي وطياًّ للخلاف الذي احتدم بين أعيانها ووجودها في أول إنتخابات بلدية، وكانت الدعوة من المرحوم أبوصابر قاسم سليمان الذي عمرت دياره بكل أركان البلدة بدءاً من الشيخين عزو القادري وابراهيم اللقيس ورئيس البلدية المرحوم فيصل ذياب والمختار إبراهيم سعيد قصب والمدير الأنيس الأستاذ ابراهيم ذياب والشباب الصاعد ورموز الأنس والألفة من أبي فتي محمد سعيد غانم إلى أبي الوليد ابراهيم وآل قصب والقادري وأكارم البلدة العالية علوَ أخلاق أهلها وعذراً ممن نسيتهم لبعد الزمن وضعف الذاكرة.
بعد إنتهاء مشاوي المضياف الكريم وقوزته المحشوة بالطيب وعبارات الترحيب، إنصرف زملاؤنا من راشيا الفخار بناء لرغبة سائق سيارتهم وأصرّ أبوصابر على السهر الطويل ضامناً إستمرار التيار الكهربائي بالطلب من بيت اللقيس تمديد فترة الإنارة لما بعد الموعد المعتاد.
وهكذا عمرت الدار بطاقم النراجيل في صالوناتها وفرنداتها بما يقارب الـ 29 أركيلة ربما لا تجدها إلا في صالة السفراء في كازينو لبنان ... فشدت البلابل بالسيرالطيبة وبالتاريخ المجيد للبلدة منذ القدم وصولاً إلى ذكريات الأشاوس عن ثورة 1958 العربية ضد حكم الإنحراف الرئاسي إلى حلف بغداد اللعين.
والزاد في السيرة النقاء العروبي لقادة المقاومة الشعبية من معروف سعد إلى المعلّم كمال جنبلاط ونظرائه.
وكم يبدو الأمر حرياً بأن يعرف الجيل الجديد حكم وصفاء وطيبة الآباء والأجداد رحمهم الله.
الكاتب وهبي أبو فاعور
تعليقات: