الهواجس الأمنية تفاقم الركود الاقتصادي والتجاري.
النبطية:
أرخت الأجواء الأمنية المتشنجة والمضطربة في عدد من المناطق اللبنانية بثقلها على الحركة التجارية في مدينة النبطية، وفاقمت من الركود الاقتصادي والتجاري الحاصل من قبل، الأمر الذي تراجعت معه نسبة المبيعات في المحال والمؤسسات التجارية إلى أكثر من تسعين في المئة بحسب العديد من التجار.
وإذا كان هناك من حركة ضئيلة يشهدها السوق التجاري في الوقت الحالي، فإنها تقتصر على محال بيع المواد الغذائية والاستهلاكية الضرورية التي لا بد منها، في غياب أي إقبال على شراء السلع الأخرى من الألبسة والأحذية والأدوات المنزلية وغيرها، وذلك على الرغم من تخفيضات الأسعار التي تتراوح بين 25 و50 في المئة، ولجوء العديد من التجار، لا سيما في محال الألبسة، الى اعتماد سياسة المنافسة والمضاربة الحادة على الأسعار فيما بينهم بطريقة مكشوفة، وإغراء المواطنين بتقديم الهدايا لهم على نسبة المبيعات، والإعلان عن هذه الأسعار بواسطة لافتات كبيرة رفعت فوق محالهم ومؤسساتهم التجارية، لكن كل ذلك لم يغرِ هؤلاء بالولوج إليها، وقد آثروا التفرج على هذه الأسعار من بعيد ومن دون أن يشتروا شيئاً، حتى ان سوق الإثنين التجاري في النبطية الذي عادة ما يشهد زحمة خانقة بالتجار والبائعين والمواطنين، لا سيما آخر كل شهر حيث يتزامن مع قبض الموظفين لرواتبهم، فقد تحول إلى يوم عادي بامتياز بعدما خلا من المواطنين والكثير من البائعين الذين آثروا عدم الحضور إلى السوق منذ فترة من الوقت، تخوفاً من الأجواء الأمنية المسيطرة، والتي تعززها الإشاعات عن وجود عبوات وتفجيرات قد تتعرّض لها منطقة النبطية إسوة بالمناطق الأخرى. وكأنه لم تكفِ التجار في النبطية الأجواء السياسية الملبدة التي يعاني منها اللبنانيون منذ أكثر من سنتين، والتي ساهمت في تفاقم أزمة الحركة التجارية والاقتصادية في السوق التجاري فيها إلى حد غير معقول، فقد أتت الأحداث الأمنية الأخيرة في محيط مخيمي نهر البارد وعين الحلوة وما بينهما من المتفجرات في عدد من المناطق لتقضي على هذه الحركة كلياً، كما يقول التاجر أحمد الشريف الذي يأمل أن يتمكن التجار من الصمود في وجه هذه الأزمة في ظل الظروف والتحديات الصعبة التي تواجههم، مناشداً الفرقاء كافة في المعارضة والموالاة التخفيف من حدة خلافاتهم لكي لا تفاقم أكثر فأكثر من الأوضاع الاقتصادية والتجارية المتردية التي وصلت إلى نقطة الصفر.
تكسير أسعار
ويشير التاجر حسين رسلان إلى اضطراره لاعتماد سياسة المنافسة المكشوفة على الأسعار لملاءمتها مع الظروف الحالية التي يعاني منها المواطنون والتجار على حد سواء، بسبب الظروف الأمنية التي يعاني منها البلد، وبالتالي لحلحلة حركة البيع والشراء في مؤسسته بعد الركود القاتل التي عانت منه في الأشهر الأخيرة، وتلافياً لوقوعه تحت وطأة الالتزام بتعهداته المالية للتجار الكبار، الأمر الذي جعله يفضل سياسة البيع بالرأسمال من دون أية أرباح، بدلاً من عدم البيع على الإطلاق والتفرج على بضاعته كما يفعل جيرانه من التجار الذين يتشمسون خارج محالهم، لكنه يأسف لأن كل هذه الإغراءات لم تجدِ نفعاً ولم تجذب المواطنين، لاهتمامهم بشراء المواد الغذائية والتموينية دون غيرها، مفضلين الاحتفاظ بقرشهم الأبيض ليومهم الأسود. ويعتبر التاجر أحمد ابراهيم أن الحركة التجارية التي تشهدها النبطية خلال الفترة الحالية لم تشهد أسوأ منها منذ زمن بعيد، حتى في أثناء الحرب وفي ظل وجود الاحتلال الإسرائيلي على تخوم منطقة النبطية في وقتٍ سابق، والدليل على ذلك أننا نتمشى خارج محلاتنا او نلعب الورق والزهر أو نتجمع حول التلفزيون لمتابعة آخر المستجدات الأمنية والسياسية والتعليقات عليها بانتظار الفرج الذي لا يبدو قريباً، مما ينذر بأوخم العواقب على التجار، نظراً لوقوعهم تحت أعباء ومسؤوليات مادية باهضة تتوزع بين تسديد ثمن البضاعة وإيجار المحال والمؤسسات وبدلات الكهرباء والضرائب والمتطلبات العائلية الكبيرة، وإذا استمرت الحال على هذا المنوال «الله يسترنا من الأعظم».
تعليقات: