الهبارية تغصّ بدفن متعامل عائد

عائلة لبنانية تعبر الحدود إلى إسرائيل في 27 أيار 2000
عائلة لبنانية تعبر الحدود إلى إسرائيل في 27 أيار 2000


الهبارية ــ

عاد العميل صبحي فارس أبو قيس (52 سنة) إلى مسقط رأسه في بلدة الهبارية في قضاء حاصبيا جثة هامدة، بعد فراره منها خلال التحرير عام 2000. وقد أثارت عودة العميل من فلسطين المحتلة، ولَو ميتاً، بلبلة في الهبارية، التي تعتبر أحد معاقل المقاومة الوطنية. فقد انقسمت البلدة بين رافضين لدفن العميل فيها حتى في المكان المخصص لعائلته، وهم معظم أهالي القرية، وداعين إلى نسيان الماضي وتركه يدفن في جبانة البلدة والمشاركة في جنازته بحجة أن «القيمة للطيّب»، كما هو موقف أقربائه وبعض من سايرهم. إلا أنّه كان صعباً على الهبارية أن تنسى العميل... مرتين. لا بل إن أهل الهبارية كانوا رافضين أصلاً لفكرة عودته ليدفن في جبانتها بعد أن فظّع في حياته بأهل البلدة، وخصوصاً المقاومين وأهلهم. ولا يفهم الأهالي المعارضون للدفن كيف من الممكن أن يطلب منهم القبول بدفن قيس في ثرى البلدة التي أساء إليها. فالهبارية لم تنس ابنها الشهيد سليم عبد اللطيف بركات الذي استشهد في عملية للمقاومة الوطنية عام 1989 في كوكبا ـــــ حاصبيا، والذي كان أبو قيس قد تسلّم جثته من الأمن اللحدي والإسرائيلي أيامها، لكونه كان يعمل معهم. فقد منع أبو قيس أهل الشهيد من مشاهدته أو تقبّل التعازي فيه، كما أنه منعهم من مجرد زراعة أرضهم انتقاماً من ابنهم المقاوم. ولم تتوقف «إنجازات» أبو قيس هنا. حتى بعد فراره، التحق بالإسرائيليين، منذ وصوله، كمخبر بين الفلسطينيين من أجل قمع الانتفاضة.

وكان أهل أبو قيس قد تبلّغوا وفاته من زوجته الثانية، وهي فارّة مثله إلى إسرائيل، وكان قد تزوجها هناك بعد أن قررت زوجته الأولى، بريّة باز، العودة إلى لبنان بعد فرارها بمدة قصيرة مع أولادها. وقامت العائلة باتصالاتها مع الصليب الأحمر الدولي الذي أعاد الجثة، أمس. في هذه الأثناء، دبّت البلبلة في البلدة الحدودية الرافضة أصلاً لعودته، فضلاً عن دفنه في مقبرة البلدة، وخصوصاً أن مدفن عائلة أبو قيس يقع على مقربة من ضريح الشهيد بركات نفسه. ولقد تم التوصل إلى «تسوية» تقوم على شراء الأهل مدفناً نائياً في أطراف البلدة من أحد تجار القبور، حيث دفن هناك بعد تشييع لم يمش فيه إلا الأقرباء وبعض من «جبَر بخاطرهم».

تعليقات: