عدنان سمور: لنحوِّل أخطر تهديدٍ للبشرية إلى أعظم فرصةٍ لخلاصها


لقد مثَّلت ملحمة كربلاء الخالدة، أعظم تهديد لمشروع الحياة الطيبة للإنسان في هذا الوجود ، لأنها كانت صنيعة جماعة جاهليةٍ متخلِّفةٍ ضيقة الأفق ، أخفقت إخفاقاً هائلاً في إدراك عظمة وروعة وغنى الرسالة السماوية الخاتمة ، وما تحمله هذه الرسالة للإنسان ، من قيمٍ وأسسٍ لحياته ومستقبله في الوجود ، فقررت هذه القوى الغاشمة ، تغليب رغبات وحوشها وشياطينها وأنانياتها ، على سماحة وعدالة ورحمة وروحية وعمران الإسلام العزيز ، لكن الدم الزاكي للحسين واهل بيته وصحبه ومن اتبعه ونصره وسار على نهجه في الأزمنة اللاحقة ، حوَّل أخطر تهديد تعرضت له البشرية في تاريخها ، إلى أعظم فرصة لخلاصها من تخلف الحداثة التي يمثلها الغرب الجماعي بزعامة أميركا ، ومن جهل وتخلف وتحجر الصهاينة المتوحشين القتلة ، والمدَّعين زوراً وبهتاناً ، أنهم شعب الله المختار ، وأن بقية شعوب الأرض ما هي إلا غوييم ، خلقهم رب اليهود على شاكلة البشر لخدمة اليهود ولكي لا يستوحش هؤلاء القتلة المجرمون من خُدَّامهم .

ما يجري اليوم في العالم من تسارع للأحداث وتغيير وتبديل مراكز القوة بين الأمم والشعوب والأنظمة والتحالفات ، لمصلحة المستضعفين والمقهورين والمعذبين في هذا العالم ، يمثل تتويجاً لجهاد وتضحيات أممٍ وشعوب كثيرة وقادة ملهِمين ، يمثل الإمام الحسين نموذجاً استثنائياً من رموزهم العظيمة والخالدة ، لذلك وإنطلاقاً من هذه الحقيقة الثابتة والراسخة ، ينبغي على أتباعه ومحبيه ومريدي مدرسته المبدعة ، أن يحسنوا تقديم الحسين ع وملحمته الكربلائية الخالدة ، إلى شعوب الأرض الطامحة للتحرر من العبودية ، والخلاص من المشاريع الإستعمارية الشيطانية المقنعة ، لأنَّ أحرار العالم في هذه اللحظة التاريخية المميزة والحرجة ، هم بأمس الحاجة لرمزية ومعاني ملحمة كربلاء وقائدها وملهمها الإمام الحسين ع وأهل بيته وصحبه المخلصين والمضحين ، وليعلم القاصي والداني أنَّ الذين يرفعون اليوم في كل عواصم العالم ، أعلام فلسطين وصور قادة المقاومة وشهداءها ، وصور أطفال غزة الذين مزَّقت أجسادهم الطرية والطاهرة ، أسلحة الصهيونية المتوحشة والغرب الجماعي المتغوِّل بزعامة أميركا ، والذين يرفعون صور الخيم المحترقة في رفح ، إنما يرفعون صور الحسين عليه السلام وصور عبد الله الرضيع وصور الحوراء زينب وسكينة والعباس وحبيب وعلي الأكبر وخيامهم المحترقة وكل شهداء قافلة النور الكربلائية .

فلنكن واعين لهذا التغيير الحاصل ولنكن على مستوى مسؤلية تقديم الإمام الحسين ع إلى العالم ، كنموذج للقيادة الإنسانية والريادية الواعية ، لنربط حاضرنا المتألق بالوحدة والتضحية والوعي ، بتاريخنا المشرق والملهم والمؤسس ، وبذلك نؤسس لمستقبل واعد يليق بإنسانية الإنسان ، وبالقيم التي أودعها الرحمان في وجوده .

ع.إ.س

باحث عن الحقيقة

تعليقات: