حزب الله يعمل وفق استراتيجية النفس الطويل (مصطفى جمال الدين)
رفع الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصرالله، المعادلة الثابتة مجدداً. وهي التلازم بين مسار الجبهة الجنوبية للبنان مع الحرب على غزّة. تقصّد نصرالله إعلان الموقف في ذكرى عاشوراء، وبعد كلام كثير ومحاولات أكثر للفصل بين الجبهتين، وبعد ورود إشارات ورسائل أميركية حول القدرة على تحقيق هذا الفصل.
ما رمى إليه نصرالله في كلامه، هو التلويح بالعمل على استهداف مواقع أو مستوطنات إسرائيلية جديدة. وهذا حمل مؤشرات تصعيدية، لا سيما أن الحزب لا يزال يتحسّب للمزيد من التصعيد الإسرائيلي، في ظل ضعف الإدارة الأميركية، وإصرار نتنياهو على إجهاض كل محاولات التسوية أو الهدنة أو وقف إطلاق النار.
الأسلحة والدعم الأميركي
ترك نصرالله الباب مفتوحاً أمام كل الاحتمالات. والأهم، هو أن الحزب لا يكتفي بقراءة المواقف الأميركية المعلنة، التي تشير إلى الضغط على إسرائيل، لمنعها من التصعيد أو من توسيع الحرب. فبالنسبة إلى حزب الله، ما هو غير معلن أميركياً يبقى أخطر. خصوصاً في ظل معلومات لدى حزب الله تفيد بأن إسرائيل قد نجحت في الحصول على أسلحة أميركية جديدة ومتطورة، بعد زيارة وزير الدفاع يوآف غالانت إلى واشنطن.. وأنه على الرغم من المواقف الأميركية التي أعلنت في حينها بأن الإدارة الأميركية ضغطت على غالانت لعدم شن حرب على حزب الله، وعدم توسيع الحرب على لبنان، قابلتها مواقف داعمة أكثر لإسرائيل، من خلال منحها أسلحة جديدة، وكان آخرها قنابل مشابهة للتي استخدمت في مجزرة المواصي.
أمام هذه الوقائع لا يزال حزب الله يعمل وفق استراتيجية النفس الطويل، وعدم الاطمئنان إلى المواقف الأميركية، بل يواصل ضغوطه لوقف الحرب على غزة. وبالتالي، وقف المواجهة في الجنوب. ولا بد من مراقبة زيارة نتنياهو إلى واشنطن، وما ستحققه، وإذا كان سيحصل على المزيد من الأسلحة الأميركية.
مصير الاتفاق الحدودي
في هذا السياق، برز موقف نصرالله حول عدم وجود اتفاق على ترتيب الوضع في الجنوب. ولكن هناك خريطة طريق متفق عليها، وهي تتضمن مساراً مرسوماً لمعالجة كل المشاكل القائمة، وهي معروفة وعلى ثلاث مراحل، أولها وقف إطلاق النار، وسحب المظاهر المسلّحة. وثانيها إعادة السكان على جانبي الحدود وإعادة الإعمار. أما ثالثها فهو مسار طويل مختلف عليه، يتصل بنقاط ترسيم الحدود. إذ هناك 6 نقاط لم يتم البت بها إلى جانب بلدة الغجر، بالإضافة إلى مشكلة مزارع شبعا.
لا بد لنصرالله أن يعلن صراحة أنه لم يتم الوصول إلى اتفاق حتى الآن. وذلك لأسباب عديدة. فهو بالتأكيد في ظل الحرب لن يعطي أي ورقة للأميركيين أو الإسرائيليين، بالقول إن الاتفاق قائم. ما يعتبر رسالة طمأنة. ثانياً، هو يقرأ التطورات الحاصلة في أميركا على صعيد الانتخابات والتراجع الذي يسجله جو بايدن أمام دونالد ترامب. وبالتالي، فإنه يستعد لتغيّر الإدارة الأميركية وفريق العمل الذي كان يعمل على نسج الاتفاق، خصوصاً في ظل إصرار نتنياهو على إطالة أمد الحرب إلى ما بعد الانتخابات الأميركية.
أما النقطة الأهم التي أشار إليها، فهي وقوفه خلف الدولة اللبنانية في التفاوض حول أي اتفاق. بذلك وضع الحزب نفسه في مكان واسع ومريح، قادر من خلاله على التحرّك كيفما شاء. ففي حال اضطرت الدولة إلى الموافقة على اتفاق بنتيجة تكثيف الضغوط، ولا يرتضيه الحزب، يحتفظ بحقه المعترض عليه. أما بحال كان الاتفاق ملائماً له، فهو يتبناه كما حصل خلال مفاوضات ترسيم الحدود البحرية، والتي اعتمد فيها الحزب التكتيك نفسه. لا بل عمل على تعزيز الموقع التفاوضي للدولة اللبنانية، عندما لجأ إلى استخدام المسيّرات وتهديد حقل كاريش والمنصّة العائمة.
تعليقات: