جارنا المسكين و تقرير زوجته


كثيرة هي المشاكل والمعوقات التي يواجهها المواطن في ظل الظروف المعيشية الصعبة والتي باتت تؤثر ربما على الحالة الصحية او حتى النفسية·

مشهدٌ غريب صادفته بالأمس بينما كنت متواجداً مع زوجتي على شرفة المنزل، شرب فنجان القهوة والتلذذ ببضعة احاديث، وإذ بجارنا في الشرفة المقابلة لشرفة منزلي يتشارك مع زوجته في جلسة مشابهة، ولكن بعد حين راقبته وبعد ان وضعت زوجته بين يديه ورقة صغيرة فبدأ يتمتم ببضعة كلمات ثم ان الدموع كأنها انهمرت من عينيه وبغزارة وبعدها وضع النظارات وقرأ ملياً في الورقة وازداد في الاضطراب عندها استدركت الموقف وفهمت بأن زوجته كانت تنتظر الفرصة لتناوله الورقة اياها ليعرف ما فيها، اذا فهي بالتأكيد شهادة طبية بينّت له مرضاً ربما خبيثاً كان قد اخضع نفسه لفحوصات أتت نتيجتها ليس كما يشتهيها وها هي زوجته تنقل له النتيجة لانه لا بد للمريض ان يتعرف على مرضه ولو كان خطراً ليتمكن من مجابهته·

مسكين جارنا ولان الجار للجار والجار مثل الدار وجارك القريب ولا خيّك البعيد وجدت نفسي ملزماً بزيارته علنّي استطيع التخفيف عنه قدر الامكان وبالفعل طرقت باب منزله واستأذنت للدخول ومعي زوجتي واول ما صرت داخل الدار بادرته بالقول: أرجو منك تقبّل القدر مهما كان· ثم جلست· وفي هاجسي حشورية لمعرفة مرضه فكان ان سألته ولكن بالله عليك ما الذي اصابك فنشّف الدموع المنسكبه على وجهه وابتسم واجابني لقد راقبتك وانت تراقبني على الشرفة فأرجو ان لا تكون مصاباً بما اصابني فخشيت ان يكون مرضه معديا وأبتعدت عنه قليلاً <خاصة وانني فهمت ان الورقة التي سببت له ما هو فيه هي شهادة طبية> ولكن يبدو غير ذلك فهو قد سحبها من جيبه وأراني إياها فإذا هي فاتورة الكهرباء تعلن ان عليه دفع مبلغ 300.00 ل·ل· عن الشهر السابق حيث الجميع استهلك الكهرباء بكثرة كيف لا وان الحر حتّم على الجميع استعمال المكيفات وما أدراك ما المكيفات وهنا فهمت ما هو سبب دعوة زوجتي لشرب فنجان القهوة وعدت الى البيت وسألتها أن تعطيني الفاتورة التي كانت تخطط لتسليمها لي اثناء جلسة القهوة فسلّمتها لي واذا بي اكتشف بأن مرض جارنا بالفعل معدي وانا احد المصابين به فالحمد الله·

* مختار زقاق البلاط

تعليقات: