حركة تأجير السيّارات هذا الصيف.. حبس أنفاس وترقّب لـ نصيب القطاع من التهويل


على الرغم من الظروف القاسية في لبنان، والمفتوحة على الاحتمالات كافّة، وعلى وقع التحذيرات من تحوّل المواجهات في جنوبي البلاد إلى حرب شاملة، يحاول لبنان بما استطاع وتوفّر من إمكانيّات التشبّثَ بوجه العواصف، ليعكس بذلك إرادة العيش والتحدّي، التي عُرف بها في سنوات السلم والحرب دائماً.

شعار "مشوار رايحين مشوار" هو الشعار الذي أطلقته وزارة السياحة على موسم صيف 2024. ثمة حركة واعدة وأعداد كبيرة من اللّبنانيين المغتربين أو العاملين في الخارج أتوا إلى لبنان لقضاء العطلة الصيفيّة بالرغم من التهويل.

لم يعرف قطاع تأجير السيّارات في لبنان الكثير من الاستقرار منذ الأزمة الاقتصادية في عام 2019، ثم مع انتشار فيروس كورونا. كل ذلك وضع القطاع على "التنفس الاصطناعي"، قبل أن تدهمنا الحرب على غزة، ويفاقم التصعيد في الجنوب اللبناني، تزامناً، من "حبس الأنفاس"، ومن الترقّب لـ"نصيب" هذا القطاع من التداعيات.

وإذا كان لبنان قد نجح، حتى الآن، بحجز "بوليصة التأمين" لاجتياز الموسم السياحي بنجاح، فماذا تكشف الأرقام من واقع قطاع تأجير السيارات هذا الصيف؟

المعروف أنّ القطاع السياحي في الأزمات هو الخاسر الأكبر دائماً؛ وقطاع تأجير السيّارات مرتبط بحركة السياحة، خصوصاً أن المغتربين والسيّاح يشكّلون نسبة 90% من زبائنه. أدّى التوتر الأمني والجولات العنيفة في جنوبي لبنان إلى إلغاء العديد من حجوزات تأجير السيّارات في الفترة الأخيرة، بحسب نائب رئيس نقابة شركات تأجير السيارات السياحية في لبنان، جيرار زوين.

عن حركة الإقبال، يقول زوين لـ"النهار" إنّ "المعطيات والأرقام، منذ بداية العام، تختلف من شهر إلى آخر. ولكننا حين نتحدّث عن بداية الموسم السياحي، وتحديداً منذ 15 تموز، يمكننا القول إن الموسم شهد حركة تصاعديّة كبيرة".

ويضيف: "على سبيل المثال، في عيد الأضحي، تراوحت حركة تأجير السيّارات ما بين 35 إلى 40 و45 في المئة. وشهدنا لاحقاً ارتفاعاً في هذه الحركة. ولكننا مع التهديدات بالحرب الشاملة على لبنان، شهدنا بداية إلغاء للحجوزات لدى عدد كبير من المواطنين أو المغتربين".

عمليّة الإلغاء هذه تفاقمت منذ نحو أسبوعين، بحسب زوين، الذي أكّد أنّ "التهويل أدّى إلى تراجع في حركة سوق تأجير السيّارات"، فـ"مَن ألغى خلص ما بقى يرجع يستأجر".

يشرح نائب رئيس نقابة شركات تأجير السيارات السياحية في لبنان لـ"النهار" أنّه منذ 15 تموز حتى الآن، تراوحت نسبة تأجير السيّارات ما بين 60 إلى 65 فـ70 في المئة، مؤّكّداً أن المعطيات أو التوقّعات تشير إلى المزيد من التحسّن لتصل النسب احتمالاً، في آب، إلى 75 في المئة.

يقارن زوين أرقام هذا العام بالعام الذي سبقه بالقول: "السنة الماضية، في آخر شهر حزيران، وصلت النسبة إلى 90 و95 حتى 110 في المئة، أي أقلّ بنحو 35 في المئة هذا العام".

وعمّا كانت عليه حال القطاع قبل كورونا، يقول: "قبل كورونا كنّا نتحدّث عن تأجير نحو 23 ألف سيّارة، أما الآن فنحن نتحدّث عن 8000 سيّارة. هناك فرق كبير، أي نحن نعمل بنسبة 50 في المئة فقط، أي 5000 أو 6000 سيّارة متاحة في السوق".

ويوضح العلاقة بين الأسعار وحركة الإقبال، فيقول: "انخفضت أسعارنا 35 في المئة عن العام الماضي، لأنّنا فعلاً في حالة حرب، ولكنّ وتيرة العمل مقبولة بالنسبة إلى الأوضاع".

يشدّد نائب رئيس نقابة شركات تأجير السيّارات السياحيّة في لبنان على أنّ التعويل على حركة استئجار السيّارات من قبل الأجانب كان كبيراً، إلّا أنّ النسبة شيء لا يُذكر، وتبلغ 2 في المئة. يتأسّف "نعم، نحن والفنادق تأثّرنا كثيراً بالأوضاع".

ولدى سؤاله عن انتشار موضة تأجير السيّارات في لبنان من قبل الذين لا يملكون الحق القانوني في ذلك، وكيفية تأثّر القطاع بذلك، يقول زوين: "بالإضافة إلى تأثرنا بالوضع الاقتصادي وأزمة الكاش والمصارف، نحن اليوم أمام أصحاب السيارات الخاصة الذين يحاولون الاستفادة منها خلال الموسم السياحيّ. هذه الظاهرة لاقت رواجاً كبيراً، وأدّت إلى تراجع كبير في تأجير خدماتنا المعروضة".

ويؤكّد: "نحن ندفع للماليّة والضمان ولدينا موظّفون. هذه الظاهرة تضرّنا كثيراً".

يختم زوين حديثه لـ"النهار" بالتشديد على أن "واقع القطاع حتى الآن مقبول نسبة إلى التهويل الذي نعيشه، فالمغترب المتخوّف من إقفال المطار مثلاً لن يفكّر في استئجار سيّارة لقضاء عطلة صيفيّة"، ويستهزئ بـ"محاولات إسرائيل المعتادة لضرب الموسم السياحي في كل عام"، معتزّاً بأن "الأجواء الموجودة في لبنان غير موجودة في الخارج، إن كان من ناحية السهر، أو المطاعم، فلمعظم الأشياء في لبنان نكهة خاصّة تدفع بالمغترب للعودة".

تعليقات: