معدلات النجاح بالامتحانات الرسمية كانت جيدة جداً في القطاع الرسمي وأفضل من القطاع الخاص (المدن)
رغم أن المدارس والثانويات الرسمية لا تفتح أبوابها في شهر آب إلا ليوم واحد، للأعمال الإدارية، إلا أن أهالي طلاب كثراً بدأوا بحجز مقاعد لأولادهم ولا سيما في مرحلة الثانوي، بغية نقلهم من الثانويات الخاصة. وإذا كان هذا الأمر لا يمكن وصفه بالنزوح من القطاع الخاص إلى الرسمي، في الوقت الحالي نظراً لضعف الإقبال.. ألا أن الوقائع في الثانويات في شمال لبنان، ولا سيما في طرابلس، ينطبق عليه تسمية النزوح. في المقابل تختلف الأمور في منطقة صيدا. إذ لا تقتصر الأمور على النزوح من التعليم الخاص إلى الرسمي، بل ثمة نزوح من الرسمي إلى الرسمي. يتعلق الأمر بنزوح طلاب من الثانويات الرسمية التي تضررت جراء الاعتداءات الإسرائيلية في الجنوب، إلى ثانويات صيدا.
الشمال في الصدارة
وتواصلت "المدن" مع مدراء ثانويات من مختلف المناطق اللبنانية، من الشمال مروراً ببيروت ووصولاً إلى الجنوب، وأكدوا أنهم بدأوا يلتمسون نزوحاً للطلاب من الثانويات الخاصة إلى الرسمية، جراء غلاء الأقساط. ويتوقعون ازدياد هذا النزوح في مطلع شهر أيلول المقبل، عندما تعود الثانويات لتفتح أبوابها بشكل يومي وتبدأ التسجيل الرسمي للطلاب. ففي الوقت الحالي يقتصر الأمر على حضور أهالي الطلاب لحجز مقعد لأولادهم فحسب. ففي الثانويات المعروفة في كل منطقة، أول ما يفكر به الأهل هو إيجاد مقعد للأولاد، كما يؤكد المدراء.
وتبين من تحقيقات "المدن" أن النزوح سيكون كبيراً في مناطق الشمال ولا سيما في طرابلس، التي تضم نحو 15 ثانوية، قد لا تكون كافية لاستقبال الطلاب من الثانويات الخاصة، في حال استمر الوضع الحالي على ما هو عليه. فإحدى الثانويات شهدت انتقال نحو مئة طالب، إلى حد الساعة، غالبيتهم من ثانويات ومدارس خاصة ذائعة الصيت. هذا فضلاً عن أن المنطقة التربوية في الشمال تشهد عمليات تصديق إفادات للتلامذة بشكل كثيف، ما يؤشر إلى نزوح الطلاب من المدارس الخاصة إلى المدارس الرسمية، أو من المدارس الخاصة المرتفعة الأقساط، إلى التعليم الخاص المجاني.
نزوح من القرى الحدودية
في بيروت والجنوب ما زالت حركة حجز الأهالي مقاعد أولادهم قليلة. ويوعز المدراء السبب إلى انشغال اللبنانيين بأجواء الحرب المحتملة التي قد تشنها إسرائيل على لبنان. فهذا يصعب على الأهل الخيار في انتقاء المدرسة المناسبة. لكن رغم ذلك، يلاحظ المدراء حضور أهالي طلاب من القطاع الخاص لحجز مقاعد، جراء غلاء الأقساط.
الملاحظ في ثانويات صيدا، كما أكد أكثر من مدير، إمكانية نزوح طلاب من ثانويات رسمية في الجنوب إلى ثانويات المدينة. هذا ما يستشفونه من سؤال العائلات عن مقاعد لأولادهم. البعض حضر لحجز مقعد بسبب تضرر الثانويات في قراهم الحدودية، وسط عدم يقين بإمكانية إعادة إصلاحها قبل انطلاق العام الدراسي المقبل. وهذا معطوف على عدم يقين الأهل من توقف العمليات العسكرية والاعتداءات الإسرائيلية. ما دفعهم إلى البحث عن عمل في أماكن النزوح.
ويؤكد المدراء أن العامين السابقين شهدا نزوحاً معاكساً من التعليم الرسمي إلى الخاص، ما هدد بإقفال مدارس رسمية عدة. والسبب عدم يقين الأهل من توقف الاضطرابات في التعليم الرسمي على مدار ثلاث سنوات. لكن نجاح العام الدراسي السابق، الذي لم يشهد أي إضراب، أعاد ثقة الأهل بالتعليم الرسمي، ولا سيما في مرحلة التعليم الثانوي. وما شجّع الأهل على بدء حجز مقاعد في الثانويات الرسمية هو غلاء الأقساط، إذ أقدمت كل المدارس الخاصة على مضاعفة أقساطها بالدولار.
التعليم الرسمي أفضل
رئيسة اتحاد لجان الأهل وأولياء الأمور في المدارس الخاصة، لمى الطويل، أكدت لـ"المدن" أن مداولات لجان الأهل في مختلف المدارس الخاصة ومختلف المناطق اللبنانية، تؤشر إلى أن هناك نزوحاً كبيراً سيحصل هذا العام من التعليم الخاص إلى الرسمي، وسط توقعات بأن تتجاوز النسبة 30 بالمئة. ومن المتوقع أيضاً أن تشهد طرابلس أكبر نسبة نزوح جراء ارتفاع الأقساط وتزايد معدلات الفقر.
وتلفت الطويل إلى أن الأهالي، ولا سيما الذين بات أولادهم في مرحلة الثانوية العامة، بدأوا بالبحث عن ثانويات رسمية. ففي هذه المرحلة التعليمية يكون الطلاب قد تأسسوا حتى نهاية المرحلة المتوسطة في التعليم الخاص. وتاريخياً تعتبر مرحلة الثانوية العامة في القطاع الرسمي أفضل من الخاص. فجميع المدارس الخاصة تعتمد على أساتذة التعليم الرسمي في هذه المرحلة.
وتشرح الطويل، بأن العام الدراسي في القطاع الرسمي كان مستقراً، بخلاف السنوات السابقة. وهذا أعاد الثقة لأهالي الطلاب. كما أن معدلات النجاح في الامتحانات الرسمية السابقة كانت جيدة جداً في القطاع الرسمي، لا بل كانت أفضل وأعلى من القطاع الخاص بمختلف فروع الثانوي. وبالتالي، باتت الثانويات الرسمية خياراً جيداً لأهالي الطلاب.
وتضيف الطويل، بأن لجان الأهل فقدت الثقة بوزارة التربية للتدخل لمنع عشوائية الأقساط التي تفرضها المدارس الخاصة. فالوزارة لم تتخذ أي خطوة تجاه المدارس التي رفعت الأقساط بالدولار بنسب تجاوزت 120 بالمئة. وفرضت المدارس الخاصة رأيها رافضة مطالب لجان الأهل التدقيق بالموازنات المدرسية قبل زيادة الأقساط. وهذا عزز القناعة لدى الأهل بضرورة الانتقال إلى التعليم الرسمي ولا سيما الثانوي.
الدوام الكامل أو الجزئي
شهدت السنوات السابقة إضرابات في القطاع الرسمي، أدت إلى نزوح العديد من الطلاب إلى التعليم الخاص. أما العام الدراسي الفائت فقد كان مستقراً. وكان التعليم في القطاع الرسمي يقتصر على أربعة أيام في الأسبوع. لكن وزارة التربية تخطط للعودة إلى التعليم لخمسة أيام بالأسبوع العام الدراسي المقبل، وسط اعتراض روابط المعلمين. فتراجع مداخيل ورواتب الأساتذة أفضى إلى حل وسطي بعدم اعتماد الدوام الكامل، لأن هذا من شأنه تخفيف الأعباء عن الأساتذة من ناحية، ومنحهم فرصة لزيادة دوام عملهم في القطاع الخاص من ناحية ثانية، كما يشرح المدراء لـ"المدن".
وتضيف مصادرهم، أنه يحكى حالياً في كواليس وزارة التربية عن توجه وزير التربية عباس الحلبي إلى رفع بدل الإنتاجية من 300 إلى 600 دولار بالشهر، مقابل العودة إلى اعتماد الدوام الكامل لخمسة أيام بالأسبوع. لكن هذا الأمر قد يؤدي إلى اضطرابات قبل بدء العام الدراسي، لأنه يؤدي إلى زيادة الأعباء على الأساتذة. وهذا من شأنه إحداث بلبلة بين أهالي الطلاب.
تعليقات: