وحدة الكوارث في صُوْر: ضمّادة الجنوب وملجأ أهله

المهام الملقاة على وحدة إدارة الكوارث كبيرة جداّ (علي علّوش)
المهام الملقاة على وحدة إدارة الكوارث كبيرة جداّ (علي علّوش)


في العام 2010، استشعر اتحاد بلديات منطقة صور، وهو واحد من اكبر الاتحادات في لبنان، أهمية إنشاء وحدة طوارىء خاصة، أطلق عليها "وحدة إدارة الكوارث". لتكون هذه الوحدة مع مرور السنوات، في صدارة التصدي للاستحقاقات الداهمة، ومنها الأمنية والصحية والبيئية والخدماتية.

تتألف عناصر هذه الوحدة، التي يرأسها رئيس اتحاد بلديات صور المهندس حسن دبوق، من البلديات المنضوية في الاتحاد (64 بلدية). وقد تم تزويد بعضها بدايةً بسيارات لإطفاء الحرائق الداهمة، حصلت عليها كهبات لدعم فريق "المستجيب الأول"،

برز دور وحدة إدارة الكوارث بشكل فعال مع بداية جائحة كورونا في العام 2019، حين تحولت إلى خلية نحل على مستوى القضاء، الذي سجل واحدة من أعلى النسب في الوفيات الناجمة عن هذه الجائحة وعشرات آلاف المصابين بهذا الوباء. فقامت بتأهيل عدد من المراكز والأبنية وتجهيزها بالمعدات المطلوبة، بدعم دولي ومنظمات أجنبية ومحلية، لمؤازرة المستشفيات الخاصة والحكومية.


استقبال النازحين

سجل أول نزوح من المنطقة الحدودية في التاسع من تشرين الأول من العام 2023. وكان من بين أوائل النازحين المئات من أهالي بلدة الضهيرة، التي قصفت بشكل عنيف واستهدفتها سلسلة من الغارات، أدت إلى استشهاد 6 مقاومين وإلحاق أضرار في المنازل والمزروعات.

في ذلك اليوم، اتخذت وحدة إدارة الكوارث في اتحاد بلديات منطقة صور قرارها بفتح أول مركز إيواء من نوعه في الجنوب، لاستقبال النازحين، الذين بدأوا يتوافدون تباعاّ من بلدات الحافة الأمامية، وخصوصاّ عيتا الشعب وجاراتها، وصولاّ إلى بلدات قضاء مرجعيون.

ومع اشتداد وتوسع العدوان الإسرائيلي ليشمل بلدات أخرى، أصبح عدد مراكز الإيواء أربعة، مركزان في مدينة صور "مهنية صور"، وتكميلية صور الرسمية الأولى، إلى جانب مركزين في بلدة البرج الشمالي. ويتولى في كل مركز من هذه المراكز أشخاص من ضمن النازحين أنفسهم، يتواصلون وينسقون بشكل دائم مع إدارة وحدة الكوارث في الاتحاد، التي تتخذ من مبنى مجاور لمهنية صور مركزاّ لها ضمن مقر اتحاد بلديات صور.

وإلى دور المتابعة اليومية ورفع الصوت لدى الجهات المانحة، لضخ مزيد من الاحتياجات الملحّة للنازحين في مراكز الإيواء تحديداّ، تؤمن لهم أيضاً وجبات طعام (فطور وغداء) على نفقة عدد من المنظمات، وتتولّى توزيع الحصص الغذائية المقدمة من مجلس الجنوب ومنظمات دولية أخرى. كما أضافت الوحدة عنصراّ جديداّ، هو توليها منذ أيام في نطاقها الجغرافي، الإعلان عن الإصابات والجرحى جراء الاعتداءات الإسرائيلية، بالتعاون مع وزارة الصحة اللبنانية، التي بدأت بدورها مؤخراّ الإعلان عن حصيلة كل عدوان إسرائيلي بشكل يومي، وحصيلة دورية لأعداد الشهداء والمصابين.


بعد تجربة 2006

يعتبر المنسق الإعلامي في اتحاد بلديات صور، بلال قشمر، أن ولادة إدارة وحدة الكوارث قبل 14 عاماّ، جاءت بعد تجربة عدوان تموز- آب 2006، والحاجة إلى إطار مؤسساتي متخصص لمواكبة كل أنواع الكوارث.

وقال إن الهدف من إدخال هذا العنصر (نشر أسماء الشهداء والجرحى المدنيين) إلى مهام إدارة وحدة الكوارث، بعد مرور أكثر من عشرة أشهر على بدء العدوان الإسرائيلي، يتمثل بدقة المعلومات وإبلاغها إلى الرأي العام، وتلافي كل أنواع المغالطات بشأن الإصابات ونتائج الإعتداءات، وخصوصاً غارات الطائرات على البلدات والقرى. مؤكداّ بأن بيانات حصيلة الإعتداءات تتم بالتنسيق مع وزارة الصحة اللبنانية.

ويؤكد قشمر لـ"المدن"، أن عدد النازحين المشمولين في نطاق عمل اتحاد بلديات صور، تجاوز 26 ألفاّ، وأن 7600 عائلة نازحة استفادت، بمعدل أربع حصص غذائية، منذ بداية الحرب، أي بمعدل حصة كل شهرين ونصف الشهر، إضافة إلى أربع حصص، تتكون من أدوات نظافة. مشيراّ إلى أن الملحّ في احتياجات النازحين، أغطية صيفية وأدوية مزمنة وحليب وحفاضات لمسنين والأطفال، ومادة المازوت لمولدات الكهرباء التي تغذي مراكز الإيواء، خصوصاّ في ظل ارتفاع درجات الحرارة والحاجة إلى معدل كهرباء مقبول.

وشدد على أن الأيام أظهرت أهمية وضرورة تشكيل هذا الكيان، الذي يعمل بقدرات وإمكانات محدودة، لكنه يقوم بدور فعال، خصوصاً في هذه الحرب، حيث يحتاج النازحون إلى حاضنة، تتآزر مع جهود أخرى رسمية وحزبية وأهلية على مستوى الجنوب. مؤكداّ بأن المهام الملقاة على وحدة إدارة الكوارث كبيرة جداّ. وذلك نظراّ لمتطلبات واحتياجات النازحين على كافة المستويات، إبتداء من مراكز الإيواء وحتى تأمين مستلزمات الأطفال والعجزة على وجه التحديد، وهم الغالبية من النازحين، من أقضية صور وبنت جبيل.


مركز إيواء أهالي الضهيرة

يشرف المربي عصام هايد الصالح، على مركز للنازحين في البرج الشمالي، يضم عائلات من بلدة الضهيرة الحدودية، ويتواجد ضمن هذه العائلات 45 طفلاّ. ويقول الصالح لـ"المدن"، إن غالبية متطلبات النازحين في المركز مؤمنة بالتنسيق التام مع وحدة إدارة الكوارث في اتحاد بلديات صور. مؤكداّ وجود برامج توعوية للأطفال النازحين، تتولاها جمعيات ومنظمات دولية، من بينها جمعيتي تيرو للفنون ونبع والصليب الأحمر اللبناني، تتضمن دعماً نفسياً وترفيهاً، إلى جانب التدريس أونلاين، تتكفل به جمعية إنقاذ الطفل.


140 عائلة من الجبين

يتابع محسن عقيل القائم بأعمال بلدية بلدة الجبين، أحوال النازحين من أبناء قريته التي لم يبق فيها فرد واحد.

ويلفت عقيل أنه يواكب يومياً قضايا النازحين بشكل عام، وأبناء بلدته بشكل خاص، بالتعاون والتنسيق مع إدارة وحدة الكوارث. وقال لـ"المدن"، إن عدد العائلات النازحة من الجبين يبلغ 140 عائلة، عدد قليل منهم في مراكز الإيواء. أما الغالبية فيقيمون في منازل في بلدات منطقة صور، يتم تأمين بدل إيجارها من قبل حزب الله، بمبلغ شهري يصل إلى 350 دولاراّ. مشيراّ إلى أن الكتيبة الصينية العاملة ضمن قوات اليونيفيل، التي كانت تقيم يوماّ مجانياّ كل شهر في مستوصف البلدة قبل العدوان الإسرائيلي، وعدتنا بعد مراسلتها، بتأمين كميات من الادوية العادية.

في كل الأحوال، برزت وحدة الكوارث في صور كنموذج بلدي ناجح وفعال، بمواجهة الأزمات والحالات الطارئة.

تعليقات: