زيادة التنسيق والتعاون بين الجيش وقوات الطوارئ الدوليّة لتطبيق القرار 1701 (علي علوش)
في الرابع عشر من آب الجاري، صدر عن حكومة تصريف الأعمال، القرار 47 القاضي بـ"الموافقة المبدئيّة" على اقتراح رئيس مجلس الوزارء، نجيب ميقاتي، تطويع 1500 عنصر جديد لصالح الجيش اللّبنانيّ. وذلك ضمن خطة قيادة الجيش لتعزيز قدرات وحدتها المنتشرة في الجنوب، ومساعدة المواطنين الجنوبيين على العودة إلى قراهم، فضلًا عن دعم نشاطات إصلاح البنى الحيويّة، ومؤازرة مختلف أجهزة الدولة عند تنفيذها للمهام المنوطة بها، وزيادة التنسيق والتعاون مع قوات الطوارئ الدوليّة الـ"UNIFIL" لتطبيق القرار 1701 بمختلف مندرجاته. على أن يُصار إلى السير بالإجراءات اللازمة، حسب الأصول بالتنسيق بين وزارتي الدفاع الوطني والمالية.
والمبادرة الحكوميّة هذه، وعلى أهميتها وحيثيتها، تنضوي على إصرارٍ لبنانيّ رسميّ على الالتزام بمسارات التهدئة المقترحة في اللقاءات الدبلوماسيّة، والتفكير العمليّ باليوم التالي ما بعد الحرب على غزّة، وطرديًّا المواجهات في الجنوب اللّبنانيّ. كما وتوطيد الاستعدادات للسيناريوهات الواردة. وتطبيق سريع لمفاعيل الورقة الرسميّة الّتي طرحتها منذ عدّة أيام والرامية لـ "إرساء الاستقرار في الجنوب" (نصّ الورقة)، وهي اقتراحٌ لنهج منتظم، هادف لتحقيق خفض التصعيد.
خطة الجيش اللّبنانيّ
وحسب محضر جلسة مجلس الوزراء، فإن القرار اُتخذ بالنظر لـ"كون المؤسسة العسكريّة قد فقدت في سنوات الانهيار الأخيرة، عددًا لا يُستهان به من عديدها، ما انعكس سلبًا على جهوزية المؤسسة العملانيّة، واضطرارها منذ العام 2014 إلى التخفيف من تواجدها في المناطق الجنوبيّة لمواجهة التحديات الأخرى المستجدّة في حينه كمحاربة الإرهاب، تأمين الحدود البريّة والبحريّة ومواجهة تبعات النزوح (اللجوء) السّوريّ للحفاظ على السلم الأهليّ". أما الخطّة الّتي أعدتها قيادة الجيش، فتقوم على تطويع 6 آلاف جنديّ لصالح الوحدات المنتشرة في الجنوب وعلى عدّة مراحل، كالتالي:
- المرحلة صفر: وهي المرحلة الحاليّة وترتكز الجهود فيها على تحسين الخطط، وتعزيز التنسيق مع الجهات المانحة لتأمين التمويل، وإستكمال الإستعدادات اللوجستيّة والإداريّة لإستدعاء المتطوعين الجدّد.
- المرحلة الأولى: تبدأ بعد الحصول على الموافقة السّياسيّة وتقوم على استدعاء أول دفعة من المتطوعين وعددهم ألفيّ جندي، تجهيزهم وتدريبهم بالتوازي مع بدء استقبال الأعتدة والتجهيزات من الدول المانحة وبدء استقبال طلبات التطويع للدفعة الثانية.
-المرحلة الثانية: وتنطلق بعد إلحاق الدفعة الأولى من المتطوعين بالوحدات المنتشرة في الجنوب، وتضمّ الخطوات نفسها المتبعة في المرحلة الأولى.
- المرحلة الثالثة: وتبدأ بعد إلحاق الدفعة الثانية من المتطوعين بالوحدات المنتشرة في الجنوب وتقوم على الخطوات نفسها المتبعة في المرحلة الثانية.
- المرحلة الرابعة: وهي مرحلة التقييم لما تمّ تنفيذه، وتحديد نقاط القوّة ونقاط الضعف ووضع الخطط المستقبليّة لاستدراك الحاجات واستكمال القدرات لتحقيق الغاية المرجوة للخطة.
ظروف تطويع العناصر
وعلمت "المدن" من مصادر في مديريّة التوجيه، أن عملية التطويع المستحدثة هذه قد بدأت بالفعل، وتُستقبل مئات طلبات التطوع لرتبة "جنديّ متمرن" (على أن يكون المتقدم أكمل السّابعة عشر من عمره ولم يتجاوز الخامسة والعشرون)، فيما يُطلب من المتقدمين للتطوع، إجراء فحوص الدمّ والفحوص الطبيّة اللازم في المستشفى العسكريّ المركزيّ في بيروت.
وردًّا على سؤال "المدن" بما يختص بالميزانيّة المقترحة والمُخصّصة لإنجاز عقود التطوع الخاصّة بهؤلاء، وخصوصًا بظلّ العجز المعروف في ميزانيّة المؤسسة، أكدّت المصادر في هذا السّياق، أن المرحلة الحالية تقضي باستقبال الطلبات، على أن يتمّ تنفيذ الإجراءات الإداريّة في المراحل اللاحقة، مُلمحةً لكون التمويل والدعم الدوليّ هو ما تعول عليه الحكومة اليوم، في قرارها.
هذا وقد أشارت مصادر "المدن" في قيادة الجيش، إلى أن عملية تطويع العناصر سيكون لكافة الوحدات، وهي بدأت منذ ستة أشهر تقريبًا، ويُستقبَل يوميًّا العشرات من المتطوعين الجُدّد لرتبة "جندي متمرّن" والذين يتمّ قبول النسبة الأكبر منهم، وإرسالهم لدورات التحضير والتدريب في مناطقٍ مختلفة من الأراضي اللّبنانيّة. وتتفاوت المستحقات الشهريّة لهؤلاء بين 200 – 300 دولار أميركيّ، مع وعودٍ رسميّة متكرّرة ودائمة في زيادة هذه الرواتب.
ووفق هذه المصادر، فإن الهدف من التطويع الدوريّ هذا، هو إشغال المناصب الّتي تركها عناصر آخرون في السنوات الأربع الأخيرة، وتحديدًا في أفواج الحدود البريّة (الحدود اللّبنانيّة – السّوريّة)، وفي قطعات داخليّة، وتحديدًا في بيروت وجبل لبنان وطرابلس.
تطويع العناصر في الأمن الداخليّ
توازيًّا، كان المديريّة العامّة لقوى الأمن الداخليّ، منذ أشهر قد أعلنت عن استقبالها لطلبات تطوع جديدة من الذكور والإناث، بصفة دركيّ متمرّن، ذلك تنفيذًا لقرار مجلس الوزراء رقم 18 تاريخ 28 شباط الفائت، بغية تأمين العدد المطلوب لإتمام عملية التطويع لتأتي شاملةً لـ"كافة فئات المجتمع اللّبنانيّ" وفق إعلان المديريّة، وقد فتح باب التطويع اعتبارًا من تاريخ 5 نيسان الفائت لغاية أيار الفائت. وأشارت المصادر لكون العدد المطلوب كان 800 متطوع. على أن تكون الأفضلية في الاختيار ستكون للراغبين الذين سبق وتقدموا بطلبات تطوع في العام 2018 – 2019.
وجرى بالفعل استقبال الطلبات في الفصائل والمخافر الإقليميّة في وحدتي الدرك الإقليميّ وشرطة بيروت. وأكدّت مصادر "المدن" في الدرك الإقليميّ أن عدد الطلبات قد ناهز الألف طلب من قبل الذكور والإناث. إلّا أن المفارقة أنّه وحتّى اللحظة لم يتمّ التواصل مع المتقدمين ولا إجراء الفحوص الروتينيّة لاختيارهم، بل وقفت عملية التطويع عند مرحلة استقبال الطلبات من دون أي تحديث حدّ اللحظة. وهنا تعزو مصادر لكون الإشكاليّة وقعت عند نقطة انحسار أعداد المتطوعين من الطوائف المسيحيّة مقارنةً بالطوائف الأخرى، مما أثار نوعًا من الحساسيّة ويجري حاليًّا التباحث في آليات لتأمين "التوازن الطائفيّ".
تعليقات: