عدنان سمور: جدوى هروب الكيان مما يخبئه اليوم التالي

المهندس عدنان سمور:  تمسك شعب فلسطين وانصاره بحقهم وإصرارهم على مقاومة محتلهم وغاصب حقوقهم وحريتهم مهما عظمت التضحيات
المهندس عدنان سمور: تمسك شعب فلسطين وانصاره بحقهم وإصرارهم على مقاومة محتلهم وغاصب حقوقهم وحريتهم مهما عظمت التضحيات


إذا كان الكيان، نتيجة خوفه ورعبه مما يخبِّئه له اليوم التالي لوقف المذابح التي يمارسها في غزة، يَهرُبُ ويُدخل نفسه في محاولات تصعيد واستدراج لمحور المقاومة عله يتمكن من توريط هذا المحور بتوسعة الحرب ، وبذلك يُلزِم حليفته اميركا ، بفتح جبهات جديدة نيابة عنه ، تدمر له فيها البنى التحتية لمحور المقاومة ، فتتيح له التقاط انفاسه مجدداً ، وتعيد إليه الأمل بالبقاء ، ولكن الكيان اصطدم بمكر اميركا التي افهمته منذ اليوم الأول لطوفان الأقصى ، بأنها لن تخوض حروباً نيابة عنه ، مهما كانت الظروف ، لأن الوظيفة التي دفعت الغرب لإنشاء الكيان في الأساس هي لكي ينوب هو عنها في حماية مصالحها في المنطقة وليس العكس ، كما اصطدم الكيان بوعي شعوب وقيادات محور المقاومة لخدعه وألاعيبه وخزعبلاته ، لدرجة مكنتها من أفشال كل الأهداف التي سعى اليها الكيان قاصداً تشتيتها وتوريطها في معارك تضيِّع اهدافها التي تطمح لتحقيقها في هذه الحرب القائمة ، وتحرِّف بوصلة المواجهات الحاصلة عن دعم وإسناد شعب ومجاهدي غزة والضفة الغربية ، وها هو الكيان ، نتيجة هروبه من اليوم التالي لوقف الحرب ، يُدخل نفسه في حرب استنزاف تزيد خسائره الكارثية في الجيش والأمن والإقتصاد والإجتماع وفي سقوطه هو ومنشئيه وداعميه وانهيارهم الأخلاقي المدوي أمام أحرار العالم ، لدرجة بات فيها الغرب يدَّعي الدفاع عن ديمقراطيات لم تعد موجودة أصلاً ، وبات يعادي كل ما هو اخلاقي أو عقلاني أو ديني أو إنساني ، إضافة لتآكل قدرة الكيان الردعية المبنية على التفوق المطلق على كل الذين يمكن أن يواجهوه دفعة واحدة ، وفي القلق والإنقسام العامودي والأفقي بين مستوطنيه وقادته من جهة ، وبين الأجنحة المتصارعة داخل قيادته من جهة أخرى ، وهذا النزف المستمر على كافة الصعد الذي أدخل الكيان نفسه فيه ، نتيجة فراره من اليوم التالي وما يخبِّئه له اليوم التالي ، سيعمِّق مآزقه والمخاطر التي يتعرض لها إضافة لقلقه الوجودي الذي بات مستحكماً في عقل ونفس كل فرد من أفراد مجتمعه ، هذا المجتمع الذي ظهر للعالم بوضوح لا لبس فيه ، أن الحقد والتوحش والعدوانية هي المكون الأساسي لِلُحمته وتماسكه الإجتماعي ، لذلك منذ طوفان الأقصى ومع وصول عدد الضحايا المدنيين الى ما يقارب الخمسين ألفاً في غزة ، والجرحى ما يزيد على الثمانين ألفاً ، معظمهم من الأطفال الأبرياء والنساء المظلومات المعذبات ، لم يسمع العالم من داخل الكيان ، لا من فردٍ ولا من جمعيةٍ إنسانية أو غير إنسانية ، أي صوت شاجبٍ أو مستنكرٍ لهذا المستوى من الإجرام والظلم والعدوان والإبادة والمحرقة ، بل كل الذي يسمعه العالم من داخل الكيان المأزوم والمصدوم والقلق ، منذ بدء معركة الطوفان هو تأكيد وإصرار المستوطنين والقيادات العسكرية والأمنية والسياسية والثقافية والسياحية والإقتصادية ، على متابعة الإبادة الجماعية والمحرقة الجارية بدون أي رحمة أو شفقة أو تراجع ، حتى يتم سحق غزَّةَ سحقاً تاماً ، كاملاً وشاملاً ، شعباً وأرضاً ومقاومةً ، أمام هذا الواقع من الإنغلاق والتحجر ، هل يعقل أن يكون هذا الكيان وطناً قابلاً للوجود والبقاء والإستمرار ، أو وطناً يمكن التعايش معه من قبل المجتمعات البشرية الحية والعاقلة ، وهو يحمل في اساسا تكوين كل فردٍ من أفراده ، روحيةٍ تشبه روحية الثقب الأسود الذي لا يمكنه البقاء والإستمرار ، بدون ابتلاع كل من يقترب منه بدون تمييز وبدون أي رحمة .

الفرار من اليوم التالي وما يخبئه للكيان ، كشف وفضح هذا الكيان وداعميه ، وادخلهم في معركة استنزاف ، وسقوط متسارع ، سيتعذر عليهم في المستقبل تدارك مخاطرها ، وسيعجِّل في تآكل وانهيار الكيان الداخلي ، وسيقصِّر عمره ، وسيثبت له انه بان عاجزاً إعادة إنتاج ماضيه الذي سحقته عجلات معرفة طوفان الأقصى الذي باركنا حوله ، ويحوله إلى نموذج إضافي لقدرة الشعوب على التحرر من مستعمريها وظالميها وغاصبي حقوقها ، رغم قوة المستعمر وضعفها ، وكل ذلك بسبب تمسك شعب فلسطين وانصاره بحقهم وإصرارهم على مقاومة محتلهم وغاصب حقوقهم وحريتهم مهما عظمت التضحيات ، ومهما طال الزمن ، كما سيعجل هذا المأزق في تراجع نظام الهيمنة العالمي الذي بدأ استراتيجيوه بمراجعة حساباتهم ، ووضع الخطط لتخفيض سقف توقعاتهم بما ينسجم مع حق الشعوب الناهضة في المشاركة في ادارة شؤونها ومصيرها ومصير العالم الذي تعيش فيه ، لأن اخراج الغرب للإنسان من دائرة التأثير والمشاركة في الحياة السياسية ، أفرغ الوجود من معناه ، وأجبر أحرار العالم على إستخدام أقصى طاقاتهم المناعية ، وصبرهم وقدرتهم على التحمل ، وذخيرتهم الأخلاقية والدينية والإنسانية ، لِلَجم تغول الغرب الجماعي على العالم بزعامة أميركا العاجزة عن رؤية كل ما عداها في هذا الوجود، حتى الله .

عدنان ابراهيم سمور

باحث عن الحقيقة

22/08/2024

تعليقات: