صبحي القاعوري: أربعين الحسين (ع)

الحاج صبحي القاعوري: السَّلام عَلَيْكَ يَا أبا عَبْدِ اللهِ وَعلَى الأرواحِ الّتي حَلّتْ بِفِنائِكَ
الحاج صبحي القاعوري: السَّلام عَلَيْكَ يَا أبا عَبْدِ اللهِ وَعلَى الأرواحِ الّتي حَلّتْ بِفِنائِكَ


منذ أكثر من 1380 عامًا، تحيي شيعة ومحبو آل بيت محمد ذكرى أربعينية استشهاد سبط الرسول (ص)، أحيانًا بالسر على مستوى العائلة بسبب الاضطهاد الذي تعرضوا له من قبل السلطات الحاكمة الظالمة في بعض دول العالم، خشية هذه الدول من شعوبها في حال علمت بحقيقة ثورة الحسين (ع) ووقوفه بوجه الظلم. وأحيانًا يتم إحياء الذكرى علنًا عندما تتاح لهم الفرصة، وقد أتيحت هذه الفرصة بعد القضاء على نظام المجرم صدام حسين. ولأول مرة بعد سقوط صدام، أحيا الشيعة ذكرى عاشوراء بزوار بلغ عددهم 27 مليون زائر من داخل العراق ومن جميع أنحاء العالم.

لا شك أن الرئيس الأمريكي بوش، الذي غزا العراق، كان له دور كبير في خروج المارد الشيعي من القمقم، وقبل ذلك في إشعال الحرب الأهلية في لبنان تنفيذًا لخطة كيسنجر لإقامة كانتونات، إلا أن هذه الخطة فشلت وتعاظمت القوة الحسينية حتى أصبحت أكبر لاعب إقليمي في منطقة الشرق الأوسط. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل امتد -وبفضل أمريكا أيضًا- إلى اليمن بإشعال حرب أهلية بين الجنوب والشمال. وبعد تفوق الشمال، أنشأت أمريكا تحالفًا غربيًا عربيًا للقضاء على الحوثيين، لكن النتائج جاءت عكسية، حيث اشتد عضد الحوثيين بتحالفهم مع العراق ولبنان وأصبحوا يهددون الوجود الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط برًا وبحرًا حتى المحيط الهندي.

اليوم، عندما ترى أمريكا 22 مليون زائر إلى كربلاء المقدسة يحيون ذكرى أربعينية الحسين (ع)، وكلهم يهتفون "لبيك يا حسين"، ترتعش أبدان المسؤولين الأمريكيين ويلعنون الساعة التي بدأوا فيها سياستهم الخاطئة بتقسيم المقسم وتجزئة المجزأ لإعلان شرق أوسط جديد تتحكم به دولة العدو، ليكتشفوا أن حساب الحقل ليس كحساب البيدر.

أربعينية الحسين (ع) لا مثيل لها في العالم من حيث الحضور بالملايين، ومن حيث التنظيم بدون منظمين، ومن حيث الأمن والإنفاق على حب الحسين (ع)، ومن حيث الإنسانية والتكافل والتعاضد بين شيعة ومحبي الإمام الحسين (ع).

أمريكا ومن وراءها الغرب، وعلماء البيئة والاقتصاد والتجارة يقفون مندهشين أمام البنية التحتية التي لا تستوعب أكثر من 3 ملايين زائر، بينما يتراوح عدد الزائرين بين 20 و29 مليونًا. والظاهرة التي أذهلت علماء الاقتصاد والتجارة هي أن تجار مدينة كربلاء، بدلاً من استغلال هذه الفرصة، يقفلون محلاتهم ويقدمون الطعام من مالهم الخاص إلى زوار الإمام الحسين (ع) في يوم العاشر من شهر محرم، يوم انتصار الدم على السيف، ويوم الأربعينية.

السَّلام عَلَيْكَ يَا أبا عَبْدِ اللهِ وَعلَى الأرواحِ الّتي حَلّتْ بِفِنائِكَ، وَأنَاخَت برَحْلِك، عَلَيْكًُم مِنِّي سَلامُ اللهِ أبَداً مَا بَقِيتُ وَبَقِيَ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ، وَلا جَعَلَهُ اللهُ آخِرَ العَهْدِ مِنِّي لِزِيَارَتِكُمْ أهْلَ البيت.

الحاج صبحي القاعوري

تعليقات: