بعد خطاب نصرالله: عودة النازحين الجدد إلى الجنوب.. مؤقتاً

كلفة ترك بيوتنا والنزوح عنها إلى منطقة أخرى أكثر أماناّ، أمر مكلف جداً
كلفة ترك بيوتنا والنزوح عنها إلى منطقة أخرى أكثر أماناّ، أمر مكلف جداً


الأربعاء 2024/08/28

بعد خطاب نصرالله: عودة النازحين "الجدد" إلى الجنوب.. مؤقتاً

"" (Getty)

increase

حجم الخط

decrease

مشاركة عبر

حزمت" أم خليل" وابنتيها وإبنها، أشياء وحاجيات منزلية بسيطة، كانت اصطحبتها معها، من بلدتها في منطقة صور، إلى منطقة عرمون في جبل لبنان، في رحلة نزوح قصيرة لم تتعد العشرين يوماّ.

استبقت أم خليل (65 عاماً)، رد حزب الله على اغتيال قائده الجهادي فؤاد شكر في 30 تموز المنصرم، والدعوة التي وجهها أمين عام الحزب السيد حسن نصرالله للأهالي بالعودة إلى منازلهم بعد إتمام عملية الرد.

كانت أم خليل، كما كثيرون من أبناء منطقتي صور والنبطية، خضعت لرغبة أبنائها، بضرورة مغادرة الجنوب إلى الجبل واستئجار شقة مفروشة متواضعة بـ800 دولار أميركي، عدا "إجرة" السمسار، و"مقطوعية" اشتراك 5 أمبير بمبلغ 270 دولاراً. لكن أفراد هذه العائلة، قرروا العودة في ضوء تأخر رد الحزب، بعدما وجدوا أن جيرانهم لم يبادروا إلى ترك منازلهم، من ناحية، وعبء إيجار الشقة وتكلفتها، من جهة ثانية.

يقول ابنها خليل إبراهيم لـ"المدن" إن "التهويل والخوف وقرع طبول الحرب، بعد اغتيال القائد شكر، دفعنا إلى ترك منزلنا، خصوصاً أنه سبق أن ذقنا مرارة المجازر والاعتداءات الإسرائيلية، في حرب تموز العام 2006".

وأضاف "عدنا إلى محلة سكننا في منطقة العباسية، بعد انتظار أسابيع على الرد". مضيفاّ، "لقد بقيت بعض الحاجيات الشخصية في الشقة المفروشة التي استأجرناها، وسأذهب لإحضارها قبل انتهاء مدة الإيجار في 31 الشهر الجاري، وذلك بعدما لمسنا بعض الاطمئنان لجهة عدم توسع الحرب ودعوة السيد نصرالله الأهالي للعودة إلى منازلهم" .


في ضيافة الأصدقاء

بعد عملية اغتيال شكر، والتهديدات المتبادلة بين "حزب الله" وجيش الاحتلال، قدمت إحدى صديقات أم وسيم، من بلدة قانا، عرضاّ لاستضافة عائلتها مجاناّ في منطقة عمشيت الساحلية.

رحبت أم وسيم (70 عاماّ) بالعرض، فحملت في اليوم التالي مع ابنتها وأحفادها، ما تيسر من أمتعة شخصية متوفرة في المنزل، وغادروا جميعاّ إلى منزل الضيافة.

تقول أم وسيم لـ"المدن" إنها سمعت دعوة السيد نصرالله للأهالي بالعودة إلى بيوتهم، بعد إنجاز الرد. لكنها تتريث في هذه العودة، كونها لا تدفع بدلاّ للإيجار، ولعدم وجود طمأنينة كافية، في ظل استمرار العمليات الحربية والغارات الإسرائيلية المتنقلة من بلدة إلى أخرى.

تنتظر عائلة أبو علي مروة، التي تركت منزلها، في منطقة الزهراني إلى منطقة خلدة، في جبل لبنان، استتباب الوضع الميداني على الجبهة اللبنانية. يؤكد مروة "صحيح أن دعوة السيد نصرالله للعودة تحمل بعضاّ من الارتياح، لكننا في المقابل ما زلنا نخشى ونتخوف من ارتفاع منسوب التوتر والاعتداءات الإسرائيلية، التي لا يوجد لها سقف في الزمان والمكان".

ويضيف لـ"المدن"، كل ما نأمله هو أن تتوقف هذه الحرب، لا سيما العدوان الإسرائيلي، الذي لا يفرق بين مقاتل ومدني، وأكبر دليل على ذلك ما يحصل لإخواننا في غزة.

بدأت عائلة محمد درويش، منذ عملية الرد على إغتيال شكر، وتنفيس الأجواء بعض الشيء، وما تلاها من الدعوة التي وجهها أمين عام "حزب الله" للأهالي، بالعودة إلى بيوتهم وأرزاقهم، بنقل أثات المنزل التي استأجرته في إحدى قرى عاليه، إلى منزلها الأساسي في منطقة النبطية.

ويؤكد درويش لـ"المدن" أن النزوح هو أبشع صنوف الحرب، لما له من تداعيات اقتصادية واجتماعية ونفسية. مضيفاّ، "ما دفعنا إلى مغادرة بيتنا قسراّ تحت وطاة الخوف والهلع خصوصاً في صفوف أطفالنا وأولادنا، هو حجم التهديدات والوعيد". وقال: "رجاؤنا الوحيد هو العودة سالمين إلى قرانا، التي وحدها من يؤمن الدفء وعدم تكبد مآسي النزوح".

يعيش الزوجان أحمد وزينب وحدهما في لبنان، بينما أولادهما جميعاّ موجودون خارج لبنان، بعضهم يستكمل تعليمه والبعض الآخر يعمل في التجارة.

ويشير أحمد، الذي كان يقيم مع زوجته في محلة الحوش، في ضواحي مدينة صور، إلى أن "أولادي تمنوا علينا الالتحاق بهم في إفريقيا، لا سيما إثر تدهور الوضع الأمني وانتشار نذر الحرب. لكننا فضلنا البقاء في لبنان والانتقال إلى منطقة برمانا، حيث استأجرنا منزلاّ، وما زلنا نراقب الأوضاع، من دون أن نلغي من توقعاتنا اعتداءً إسرائيلياً واسعاً في أي لحظة وبأي ذريعة".

وحول ما إذا كان سيستمر في نزوحه المؤقت، يوضح أحمد لـ"المدن"، أنه عاد إلى منطقة صور قبل أيام، فور انتهاء رد الحزب على اغتيال شكر والعدوان الإسرائيلي الذي رافقه، لكنه لا يزال متمسكاّ بالمنزل الذي استأجره لمدة ثلاثة أشهر، لأن الحلول ما زالت ضعيفة جداّ. مؤكداّ أن "ترك بيوتنا والنزوح عنها إلى منطقة أخرى أكثر أماناّ، أمر مكلف جداّ، خصوصاّ من الناحية النفسية والاجتماعية وحتى الاقتصادية، حيت تترتب علينا أعباء كبيرة، تبدأ من كلفة بدل الإيجار المرتفعة (1200 دولار)، ولا تنتهي بالمتطلبات اليومية".

تعليقات: