«الطاقة الشمسية» ليست بديلاً من «كهربا الـدولة»


لم تثبت أنظمة الطاقة الشمسية المستحدثة في الشقق السكنية في المدن، أنّها تشكّل بديلاً فعّالاً من شبكة الكهرباء الرسمية، أو حتى من خطوط كهرباء «الاشتراك» الآتية من المولدات في الأحياء. فالضغوط التي تتعرض لها هذه الأنظمة مع كل انقطاع للتغذية من المصادر الأساسية، أي من معامل كهرباء لبنان أو من مولدات الأحياء، يتبيّن أن هذه الأنظمة ليست مصمّمة لتكون مصدراً وحيداً لتغذية المنزل بالتيار الكهربائي، بل لتكون مصدراً رديفاً يتناغم مع سائر المصادر الأخرى.المشكلة في المدن أنه لا توجد مساحات كافية لتركيب ألواح طاقة شمسية كافية لتصبح مصدراً وحيداً لتغذية المساكن بالتيار الكهربائي. لذا، هناك حاجة دائمة إلى تغذية كهربائي، ولو محدودة، من معامل مؤسسة كهرباء لبنان أو من مولدات الأحياء. لذا، يقول المهندس المختص بأنظمة الطاقة البديلة مازن برو، إن الهدف الأساسي منها «التوفير في فاتورة الكهرباء، لا أن تصبح بديلاً كاملاً للكهرباء المولدة من المعامل الحرارية أو المائية الكبيرة»، مشيراً إلى أن «الظروف الطبيعية لها تأثير كبير على كمية الكهرباء التي تنتجها، مثلاً الطقس الغائم يخفض إنتاج محطة الطاقة الشمسية بنسبة 70%».

وإلى جانب المساحات المحدودة، فإن عامل الطقس يلعب دوراً أيضاً في الضغوط التي تتعرض لها أنظمة الطاقة الشمسية المنزلية المركبة على أسطح المباني. «بعد الوقوع في العتمة الشاملة التي أصابت شبكة الكهرباء خلال الشهر الماضي عدنا إلى تشغيل خطّ الاشتراك في المنزل»، يقول إبراهيم. أيضاً تلفت هنادي إلى «انعدام قدرتها على استخدام أدوات منزلية أساسية، لأنها تستهلك كمية كبيرة من الكهرباء مثل المكواة، والغسالة»، مشيرة إلى أن نظام الطاقة الشمسية لديها لا يكفي لهذا النوع من الاستهلاك لأنه «متواضع لجهة عدد الألواح والبطاريات، ويقتصر استخدام الكهرباء المولدة من الطاقة الشمسية على الإنارة، وتشغيل البراد، وبعض الاستعمالات النهارية التي لا يمكن مدّها لساعات الليل خوفاً من نفاد البطاريات». ولمواجهة المشكلة مؤقتاً، «طلبت من جيرانها مدّ خط كهربائي إلى منزلها تستخدمه ليلاً، مقابل خط من منزلها للجيران يسحبون منه الكهرباء نهاراً، فلا قدرة لديها الآن على تحمّل كلفة إعادة وصل خط الكهرباء من مولد الحي التي تصل إلى 150 دولاراً ثمناً للتجهيزات الكهربائية، والتأمين، من دون احتساب الفاتورة».

عدنا إلى تشغيل خطّ الاشتراك في المنزل رغم امتلاكنا ألواحاً شمسية وبطاريات

ولكن هل كان للتغذية من مؤسسة الكهرباء لمدة أربع ساعات أثر إيجابي في يوميات الأسر؟ يجيب إبراهيم حاسماً: «نعم، كهرباء الدولة أساسية لتشغيل أدوات لا يمكن الاستغناء عنها في المنزل، مثل سخانات المياه، والمضخات للخزانات». ويعيد السبب في عدم قدرته على الاعتماد التام على الطاقة الشمسية إلى «تواضع حجم محطته الشمسية مقارنةً بالحاجة إلى الطاقة». بسبب ضيق المساحة المشتركة المسموح استخدامها على أسطح المباني، «لا تنتج الألواح الشمسية أكثر من 9 أمبيرات من الكهرباء في ساعات الذروة»، يقول إبراهيم. كما «كانت كهرباء الدولة تعيد شحن البطاريات في ساعات الليل لتستمر حتى الصباح». ومن جهته، يجزم برو بـ«عدم إمكانية محطات الطاقة الشمسية أن تحلّ مكان التيار الرسمي من الكهرباء خاصةً في المدن». يعدّد برو الأسباب الكامنة في «الخيبة الشمسية»، بحسب وصفه. أولاً، «تحتوي البيوت على أجهزة تسحب كميات كبيرة من الكهرباء لا يمكن تأمينها بشكل فعال عبر المحطات الشمسية في المدن، هذا في حال كان الطقس مشمساً». ثانياً، في ساعات الليل، يشير برو إلى «اضطرار عدد كبير من البيوت إلى إطفاء الأجهزة الكهربائية الكبيرة مثل البرادات، والتخفيف من الإضاءة قدر الإمكان للمحافظة على الطاقة وتشغيل النظام لـ24 ساعة». ثالثاً، «عدم قدرة الناس المادية على تركيب أنظمة طاقة شمسية كبيرة تعتمد على بطاريات الليثيوم ذات القدرة العالية على حفظ كميات أكبر من الطاقة، والاعتماد بدلاً منها على بطاريات الأسيد الأقل جودة».

وهنا، يلفت برو إلى أنّ «محطات الطاقة الشمسية تختلف باختلاف القدرة الشرائية لصاحبها، وبالتالي المساحة المؤمنة للألواح على الأسطح». ففي القرى، حيث البيوت الأكبر، «تركب أنظمة توليد كهرباء ذات قدرات أعلى عبر زيادة عدد الألواح ورفع حجم البطاريات». إلا أنّ هذه الخطوة، ورغم قدرتها نظرياً على تأمين استغناء كلّي عن مصادر الكهرباء الخارجية، من تيار رسمي أو مولدات أحياء، دونها تكاليف مالية عالية، إذ «تصل تكلفة النظام القادر على مد المنزل بكل حاجاته الكهربائية ليلاً ونهاراً لقرابة 10 آلاف دولار. ويستحيل تأمين هكذا مبلغ أو مساحة لازمة في المدن والأحياء الشعبية، حيث الناس أكثر فقراً»، يختم برو.

تعليقات: