باتت عمليّة الإسناد تؤدي دوراً أساسيّاً في جبهاتها الثلاث، إضافة إلى جبهة غزّة، في هزّ صورة هذا الاقتصاد في العالم وتركه رهينة استمرار القتل والعدوان وخلق بيئة غير آمنة مستقبلية.
بدأ مصطلح الإسناد والاقتصاد يهيمن على المشهد وواقع الحال في الحرب المدمّرة والعدوان المستمر على الشعب الفلسطيني.
قانونيّاً، فإنّ الإسناد مصطلح يشير إلى عملية "إعطاء الفضل لمن يستحقه"، بمعنى أنّه مشروع حق لإيقاف حرب الإبادة على شعب كامل، وفي هذه الحالة هو الشعب الفلسطيني.
أمّا عسكريّاً، فالإسناد قرار سياسي مرتبط بالحكمة والجرأة، ولا يهدف بالضرورة إلى تحقيق إنجاز عسكري، ولو أنّ ذلك مشروع، إنّما الغاية منه في هذه الحالة تحديداً هي إيقاف العنف الدموي المفرط الذي يُمارس على الشعب الفلسطيني في كلّ أنحاء فلسطين المحتلّة من دون حسيب أو رقيب.
نتائج الإسناد
ثلاث جبهات أساسيّة شكّلت إسناداً فعليّاً للفلسطينيين عامة، وأهالي غزّة خاصة، خلال 11 شهراً من الحرب:
- الجبهة الأولى: جنوب لبنان وشمال فلسطين المحتلة.
- الجبهة الثانية: اليمن، وتحديداً في مضيق باب المندب.
- الجبهة الثالثة: الضفة الغربية المحتلّة.
في الفصل الأول من الحرب، وعلى مستوى الاقتصاد السياسي، أُدخل الاقتصاد ضمن دائرة جديدة، وكُسر المحظور القائل إنّ الاقتصاد الإسرائيلي لا يتأثّر. ولاعتبارات جغرافية – سياسية، كانت المعارك والحروب تُخاض سابقاً خارج الأراضي المحتلّة التي تُشكّل الكيان، وبالتالي كان اقتصاده محصّناً من صدمات الحرب ويتمتّع بمناعة قويّة وحماية عسكرية.
في الفصل الثاني، بدأت تظهر علامات تدهور سريع لم تكن في حسبان أبرز المتشائمين تجاه اقتصاد العدو. وقد فرضتها معادلة الإسناد، وكانت على الشكل التالي:
1- نزوح اضطراري لنحو 200 ألف إسرائيلي من مستوطنات ومدن الشمال، أجبرتهم عليه جبهة جنوب لبنان.
2- خروج مرفأ إيلات من الخدمة للمرّة الأولى في تاريخه.
3- تراجع عمل مرفأ أشدود المعني بالأمن الغذائي إلى 50% من قدرته الفعلية.
4- شلل كامل في القطاع السياحي على الأراضي المحتلة كافة.
5- خروج القطاع الزراعي من الخدمة.
6- توقّف الاستثمارات بشكل شبه كامل، وخصوصاً في قطاعي التكنولوجيا والتكنولوجيا الفائقة، وخروج الشركات للعمل في مكان آمن غير خاضع للحروب.
7- خفض الوكالات العالمية التصنيف الائتماني للاقتصاد الإسرائيلي، مع نظرة سلبيّة للمستقبل.
8-عجز في موازنات حكومة العدو وصل إلى 8% من الناتج المحلي، بإجمالي تراكمي بلغ 39 ملياراً في شهر حزيران/يونيو الماضي.
9- كلفة مباشرة للحرب بلغت 76 مليار دولار، باعتراف المصرف المركزي الإسرائيلي، عدا عن الأكلاف غير المباشرة.
10- مخاطر اقتصاديّة على القطاعات كافة، والتي بدأت تكشف المستور على مستوى الدين الداخلي الذي يشكّل 66% من الناتج المحلي.
الضفة الغربية
هذا كلّه تقريباً نتج من الحرب المباشرة في غزّة وجبهتي إسناد لبنان واليمن، ما أسفر عن محاصرة الاقتصاد الإسرائيلي. أما الجبهة الثالثة الجديدة التي تحرّكت مؤخراً بشكل فعّال لإيقاف العدوان عن أهالي غزّة، أي جبهة الضفة الغربية، فمن شأنها أن تؤدي دوراً في إطباق الحصار تمهيداً لعزل هذا الاقتصاد مع الوقت، وخصوصاً بعدما جُمعت كلّ المفاصل الاقتصادية في وسط الكيان.
في الخلاصة، تدرّج الإسناد الاقتصادي من زعزعة الاقتصاد الإسرائيلي، من ثم محاصرته، وصولاً إلى العمل على عزله إذا طال أمد الحرب. وباتت عمليّة الإسناد تؤدي دوراً أساسيّاً في جبهاتها الثلاث، إضافة إلى جبهة غزّة، في هزّ صورة هذا الاقتصاد في العالم وتركه رهينة استمرار القتل والعدوان وخلق بيئة غير آمنة مستقبلية، وخصوصاً في ظلّ صراعات داخليّة سياسية مستجدة، فهل ينجح الإسناد في جعل العبء الاقتصادي الداخلي يكسر القرار السياسي؟
تعليقات: