الجيش ينسق مع اليونيفيل في حالات توجّه الأهالي إلى قراهم (علي علوش)
في الآونة الأخيرة، حمل مشهد مقطع فيديو قصير، لشاحنات تنقل بضائع من بلدة ميس الجبل، من داخل مستودعات، لصالح عدد من تجار البلدة، موجة كبيرة من الأسئلة والتساؤلات حول أبعاد هذه الخطوة، التي كثرت الاجتهادات والتصويبات حولها في الوقت نفسه.
"الشريط الحدودي"
على مقلب آخر من ميس الجبل، التي استكملت فيها وفي غيرها من بلدات الحافة الأمامية، نقل كميات من البضائع لتصريفها على أبواب فصل الشتاء، وحاجيات ملحة للنازحين، بمواكبة الجيش اللبناني، من دون ضجيج إعلامي، تكثر أيضاً القراءات حول تلبية الجيش طلبات المواطنين، عبر بلدياتهم أو مخاتيرهم، لنقل بعض أرزاقهم، مثل قفران النحل وحتى قطعان من الماشية والآليات.
يعتبر البعض ما يحصل تفريغاً للمنطقة الحدودية، لتصبح لاحقاً شريطاً محتلاً بالنار الإسرائيلية، تؤخذ التصاريح لزيارته أو دفن الشهداء والموتى، كما كان يحصل إبان الاحتلال الفعلي قبل العام 2000. وهذا ما لا تقر به أو تلتف إليه المرجعيات السياسية والأمنية والبلديات في المناطق والقرى الحدودية، التي ترى في قوافل الإخلاء عملاً إنسانياً من جهة، وتكريساً لمبدأ حق الأهالي ومؤسساتهم بالانتقال إلى بلداتهم ساعة يشاؤون، بتنسيق مع الجيش ومن خلفه اليونيفيل، من دون الرضوخ للإرادة الإسرائيلية، رغم إخلال الأخيرة بتعهدات عديدة كانت تقطعها لقوات اليونيفيل، ومنها استهداف فريق عمل من شركة Powertech المتعهدة أعمال الصيانة لشركة "تاتش"، ما تسبب في أيار الماضي باستشهاد فادي يوسف جلول من الشركة، وغالب حسين الحاج من الدفاع المدني في كشافة الرسالة الإسلامية.
البلدات "الساخنة جداً"
علمت "المدن" في هذا السياق، أن الجيش اللبناني الذي ينسق مثل هذه الأنشطة مع اليونيفيل، ومنها عمليات تشييع الشهداء والتدخل في إطفاء الحرائق ونقل الإصابات، قد وجه انتقادات قوية لليونيفيل، التي سبق وتم إبلاغها بتوجه فريق الصيانة إلى طيرحرفا، والتي بدورها أبلغت الجانب الإسرائيلي.
تُعد بلدات الضهيرة وعيتا الشعب وراميا ومروحين وعيترون وحولا وبليدا وميس الجبل وغيرها من القرى المتاخمة لها، بلدات ساخنة جداّ، ولا يؤمَن فيها للإسرائيلي من قصف أي تحركات، سواء فردية أو آليات مختلفة، من بينها الدراجات النارية. في أيام الهدنة، في أواخر تشرين الاول، شيعت بلدة عيتا الشعب، أحد شهدائها، محمد باجوق، الذي كان سقط "شهيداّ على طريق القدس"، وذلك في 26 تشرين الأول، بمشاركة حاشدة. وبعد سقوط مزيد من الشهداء من أبناء البلدة، كان الإصرار على مواراتهم في ثرى البلدة، إلى ان تم تكريس التشييعات في كل قرى المواجهة، على مرأى من فوهات دبابات العدو، كما حصل في بليدا التي تقع جبانتها بمواجهة موقع بياض بليدا.
يؤكد رئيس بلدية عيتا الشعب محمد سرور، أن كل شهداء البلدة الذين قارب عددهم العشرين قد دفنوا في تراب عيتا: "وهذا الأمر بالنسبة لنا هو من الثوابت، وجزء لا يتجزأ من المعركة مع العدو الإسرائيلي".
على مقربة من عيتا الشعب، كان أصرار أهالي الضهيرة، على دفن شهدائهم وموتاهم على بعد أمتار من الشريط الفاصل بين لبنان وفلسطين، رغم إطلاق النار فوق رؤسهم.
ويلفت عبدالله الغريب، رئيس بلدية الضهيرة، إلى أن البلدية تنسق كل الأمور مع الجيش اللبناني، الذي يواكب الأهالي أثناء التشييع أو إحضار آليات البلدية، ومنها سيارة إسعاف كانت محتجزة بفعل القصف. مضيفاً، أن هذه الإجراءات تنبع من حرص الجيش على الأهالي وعدم ترك ذرائع للاحتلال.
الأذونات الشفهية
وتشدد مصادر مطلعة جداّ، على ما يسمى الأذونات الشفهية التي تعطى للبلديات ومؤسسات المياه والكهرباء والهاتف وكل ما يتصل بإصلاح البنية التحتية ومراسم التشييع، ذات الصلة باحتياجات الأهالي في بعض قرى الحافة الأمامية والخلفية.. أن كل ما يحصل منذ بدء العدوان الإسرائيلي في الثامن من تشرين الأول 2023 وقبله، أن الجيش يتواصل مع اليونيفيل بشكل دائم مع فريق الارتباط، حول أمور عديدة في منطقة جنوب الليطاني، وذلك ضمن مندرجات القرار الدولي 1701.
وتضيف المصادر عينها، أن الجيش ينسق مع اليونيفيل في حالات توجّه الأهالي إلى قراهم الحدودية، لوضعها أمام مسؤولياتها فقط تجاه هؤلاء الناس وأمنهم وحياتهم. وتقوم "اليونيفيل" بإبلاغ الإسرائيليين بتفاصيل برنامج ومدة مناسبة التشييع أو أعمال الصيانة أو نقل احتياجات خاصة بالمواطنين من بيوتهم إلى أماكن نزوحهم.
وتتابع المصادر لـ"المدن"، أن الجيش لا يطلب إذناً من أحد، وأن إجراءاته المتخذة تهدف إلى حماية المواطنين وسلامتهم من أي اعتداءات إسرائيلية، خصوصاً وأن الاخيرة معروف عنها ممارسة الغدر، ولا تفرق بين المقاومين وفرق الإسعاف والمدنيين والصحافيين، الذين استُهدفوا أكثر من مرة، واستشهد منهم ثلاثة وجرح آخرون. مشيرة إلى أن الإجراءات تختلف بين بلدات الحافة الأمامية والخط الثاني من القرى، وأن كل "الأذونات" التي تعطى للأهالي، هي أذونات "شفهية" تتضمن الوقت والأفراد وأنواع السيارات، المتوجهة إلى المنطقة، وذلك بناء لطلب الأهالي. لافتة إلى أن ما يحصل هو لتأكيد سيادة لبنان على أرضه، حتى آخر نقطة من الحدود التي لا يزال يتمركز فيها الجيش.
تعليقات: