صرخة إلى العالم: أين أنتم من مأساة لبنان؟

سيارات إسعاف محاطة بالناس عند مدخل المركز الطبي للجامعة الأمريكية في بيروت
سيارات إسعاف محاطة بالناس عند مدخل المركز الطبي للجامعة الأمريكية في بيروت


بقلب يعتصر الما أوجه صرختي هذه إلى العالم أجمع. أين أنتم أيها المجتمع الدولي؟ أين أنتم يا منظمات حقوق الإنسان؟ أنتم الذين تتشدقون بحقوق الإنسان وحقوق الطفل في كل لحظة، أين أنتم الآن من الموت والقتل والدمار الذي يجتاح لبنان...

‎كما تدخلتم في قضايا أخرى حول العالم، عليكم الآن التدخل لحل هذه المأساة الإنسانية. إما أن تنقذوا الشعب اللبناني، أو أن تشرعوا ابوابكم لاستقباله بحثاً عن حياة كريمة. أين أنتم؟

في مشهد مروع يفوق الخيال، هزت لبنان موجتان من الانفجارات الغامضة والمفاجئة، مخلفة وراءها آلاف الضحايا الأبرياء. لقد تحول يوم عادي إلى كابوس دموي، حيث انفجرت أجهزة الاتصال في أيدي الناس وجيوبهم، محولة حياتهم إلى جحيم من الألم والمعاناة.

كيف يمكننا أن نصف مشهد طفل في الثامنة من عمره يفقد حياته في لحظة؟ طفلة صغيرة كانت تحلم بمستقبل مشرق، والآن ترقد في قبر بارد. هؤلاء الأطفال الأبرياء، ما ذنبهم ليدفعوا ثمن صراعات لا يفهمونها؟ أي ذنب اقترفوه ليحرموا من حقهم في الحياة والطفولة؟

أكثر من 700 شخص فقدوا أعينهم وأطرافهم وحياتهم، محكوم عليهم بحياة من المعاناة. كيف سيواجهون الحياة بعد الآن؟ كيف سيتعاملون مع نظرات الشفقة والاستغراب؟ إنها ندوب جسدية ونفسية ستلازمهم مدى الحياة.

لبنان، هذا البلد الجميل، يتحول يوماً بعد يوم إلى أرض للألم والمعاناة. أربعة ملايين لبناني فقط ما زالوا يصارعون للبقاء في وطنهم، بينما هاجر عشرون مليوناً بحثاً عن الأمان والكرامة. كم من الوقت سيصمد هؤلاء الباقون قبل أن يستسلموا لليأس ويغادروا أيضاً؟

الشعب اللبناني يعيش اليوم على هامش الحياة. لا كهرباء، لا ماء نظيف، لا رعاية صحية، لا تعليم. الجوع يطرق أبواب الملايين، والفقر يلتهم ما تبقى من كرامتهم. كثيرون باتوا يلجأون للحبوب المهدئة هرباً من واقع مرير لا يطاق. هل هذه هي الحياة التي يستحقها شعب عريق..

ومع اقتراب فصل الشتاء، تزداد معاناة اللبنانيين سوءاً. فالإنسان اللبناني اليوم لا يستطيع تأمين وسائل التدفئة لعائلته. كيف سيواجه برد الشتاء القارس دون تدفئة؟ وكيف لأب أو أم أن يرسلا أبناءهما إلى المدارس في ظل الفقر المدقع الذي يعيشونه؟ إنها معاناة مضاعفة تضاف إلى جراحهم النازفة.

وفوق كل هذه المآسي، يستمر الفساد في نخر جسد الوطن. فبينما يعاني الشعب من الجوع والبرد، يتم تمرير الصفقات الفاسدة من قبل السياسيين الفاسدين. كيف يمكن لهؤلاء أن يناموا ليلاً وهم يعلمون أن شعبهم يموت جوعاً وبرداً؟ إنه لمشهد مؤلم أن نرى الثروات تُنهب والمصالح تُقضى، بينما يئن الشعب تحت وطأة الفقر والحرمان والحرب.

إلى متى سيستمر هذا النزيف؟ إلى متى سيبقى الموت والفساد سيدي الموقف في لبنان؟ أين ضمير العالم مما يحدث؟ هل فقدت الإنسانية معناها حقاً؟

نحن بحاجة ماسة إلى تدخل دولي عاجل لوقف نزيف الدم ومحاربة الفساد وإنقاذ ما تبقى من أرواح بريئة. نحتاج إلى خطة إنسانية شاملة لإعادة الحياة إلى هذا البلد المنكوب، وإلى محاسبة حقيقية لكل من ساهم في تدمير هذا الوطن الجميل.

لبنان يحتضر، وكل لحظة تأخير تعني المزيد من الضحايا الأبرياء والمزيد من الثروات المنهوبة. فهل من مجيب لهذه الصرخة الإنسانية؟ هل من أمل في غد أفضل لهذا الشعب المكلوم، غد خالٍ من الفساد والظلم والحرمان واراقة الدماء؟؟

د٠ راوية المصري
د٠ راوية المصري


تعليقات: