معصرة زيتون تعمل في عكار
تشغل زراعة الزيتون في لبنان حوالى 563 كيلومتراً مربعاً، ما نسبته 5.4 في المئة من الأراضي، أو 8 في المئة من إجمال الأراضي الزراعية في لبنان. معظمها أراض بعلية (8 في المئة فقط من حقول الزيتون المزروعة مروية).
وتقدر المساحات المزروعة بالزيتون في محافظة عكار بحوالى 7000 هكتار من أصل 80 ألف هكتار المساحة الاجمالية للمحافظة.
حوالى 70 في المئة من أشجار الزيتون معدّة لإنتاج الزيت، أما ما تبقى فهو لإنتاج زيتون المائدة مؤونة للمنازل اللبنانية، أخضر أو أسود.
41 في المئة من إنتاج زيت الزيتون يجري في شمال لبنان، تليه منطقة النبطية بـ21 في المئة، الجنوب 15 في المئة، البقاع 13 في المئة وجبل لبنان 10 في المئة.
في محافظة عكار، حث مزارعو الزيتون خطاهم من أجل جني محصول هذا الموسم، مدفوعين بسلسلة من الهواجس والضغوط أبرزها الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة على لبنان بقاعاً وجنوباً، واحتمال توسّعها، وانشغال العكاريين باستقبال النازحين من المناطق الساخنة ومساعدتهم.
وهم بذلك، يحاولون إتمام جني المحاصيل على النحو التام كونه يشكل دعامة إقتصادية لمعيشتهم، وليس بإمكانهم التقاعس في شأنه أو التغاضي عن الاسراع في قطافه.
إضافة الى ذلك، فإن تساقط الأمطار المتفرقة مع بداية فصل الخريف، والتي كان يرجوها المزارعون في السابق وينتظرونها موعداً مع بدء موسم القطاف، شكّل سبباً إضافياً لجني هذه المحاصيل باكراً، والتي يعول عليها هذا العام على ما يقول رئيس تعاونية مزارعي الزيتون في شدرا سمير الزير الذي رأى "أن موسم الزيتون هذا العام كما كل سنة، يختلف من منطقة الى أخرى لكنه مقبول ووفير عموماً،
إذ أن الثمار نضجت وهذا الأمر يختلف بين الساحل والجبل، فالقطاف مطلوب مما يوفّر على المزارع دفع أكلاف مكافحة ذبابة الزيتون، وتالياً يكون الزيتون أعلى جودة".
ويلفت الى "أن من المفضّل القطاف في النصف الثاني من تشرين الأول في منطقة الدريب الأعلى في محافظة عكار، غير أن الظروف قد تحتّم أحياناً مبادرات إحترازية، كما هو خاصل في هذه الأيام" .
ويشير المزارع غالب كريم الى "أن تكلفة اليد العاملة أعلى من السنة الماضية من دون شك، وأيضاً معاصرالزيتون تفيد أنها ستتقاضى أسعاراً مرتفعة نسبياً عما كانت تتقاضاه السنة الماضية ( بين7 و10 دولارات بدل عصر كل صفيحة زيت)، مما ينعكس حكماً على ارتفاع سعر صفيحة زيت الزيتون البكر بجودة عالية، يتوقع أن يراوح سعرها هذه السنة ما بين 120 و150 دولاراً أميركياً للزيت المنتج حديثاً وما بين 80 و100 دولار لصفيحة الزيت من الموسم الماضي".
ويشير الى "أن كمية لا بأس بها من الزيت العكاري، وحتى زيتون المائدة المتمتع بمواصفات عالية الجودة، باتت مطلوبة في الأسواق الأوروبية والخليجية، في حال تأمّنت الظروف المسهّلة لعمليات التصدير على ضوء التطورات الحالية التي نرجو ألاّ تؤثّر سلباً على ذلك".
ويلفت مصطفى الأخرس، وهو صاحب معصرة زيتون في بلدة القرقف العكارية ومزارع يملك عدداً من كروم الزيتون، الى "جني المحاصيل باكراً في ظل حالة الخوف التي يشعر بها اللبنانيون عموماً".
ويضيف: "ثمة عامل آخر هو وفرة المحاصيل وجودتها هذا الموسم، مما يعني أنه سيستغرق وقتاً أطول لقطافه". ويقول: "نسعى الى عصر الزيتون الأخضر البكر الذي نعتني به عناية خاصة على الصعد المختلفة، كي نحافظ على إنتاج زيت بجودة عالية وممتازة، وبمواصفات عالمية تساعدنا على تأمين بيعه في الداخل وتصديره الى الخارج وبخاصة أوستراليا وأوروبا".
ويعتبر "الزيتون بالنسبة إلينا موسم الخير والبركة وموسم المحبة للناس جميعاً، خصوصاً في ظل هذه الأزمة الاقتصادية التي نعيشها. فإنتاج الزيتون يعتبر دعامة إقتصادية اساسية لمعيشة أبناء المنطقة ومناطق لبنانية عدة من الشمال الى الجنوب.
المزارع الياس الراسي وهو يملك معصرة زيتون في بلدة حكر الشيخ طابا، يرى "أن حصاد الموسم إنطلق باكراً هذه السنة بحكم أن اللبنانيين متخوّفون من تفاقم الوضع أمنياً بفعل ما يجري في الجنوب والبقاع".
ويقول: "العكاريون متمسّكون بمحصول الزيتون الأهم لهم قياساً بباقي المحاصيل كونه يشكل ركيزة لتأمين مؤونة منازلهم من الزيت والزيتون المكبوس، ويصنعون من الزيت القديم الصابون، إضافة الى بيع مخلفات عصر الزيتون (الجفت) لتصنيعه فحماً أو استخدامه في تغذية المواقد شتاء".
ويضيف: "أن جني المحصول يتطلب أكثر من 3 أشهر متواصلة. في عكار هناك أكثر من 50 معصرة زيتون حديثة تتوافق مع المواصفات الأوروبية لإنتاج زيت عالي الجودة، والمزارعون باتوا مهتمين أكثر بالإعتتاء بكرومهم لتحسين جودة الزيتون لديهم بغية الحصول على أسعار جيّدة في الأسواق المحلية أوالخارجية".
ويصف المزارع عامر منصور الموسم بأنه "جيّد" هذه السنة، ويؤكد "أن المزارعين يعوّلون عليه ليتمكنوا من مواجهة تحديات الظروف الاقتصادية الصعبة".
ويدعو الجهات الرسمية المعنية الى "حماية الإنتاج المحلي عبر ضبط عمليات تهريب الزيتون والزيت عبر الحدود البرية ووقفها، وكذلك الحد من استيراد الزيت من الخارج أقلّه في عزّ موسم إنتاج زيت الزيتون اللبناني، واتخاذ كل الإجراءات لمساعدة المزارعين على تأمين أسواق خارجية لتصدير إنتاجهم الى الخارج وخصوصاً الى أوروبا والدول الخليجية تحديداً".
ويشير الى حركة نشطة في السوق، حيث هناك إقبال على شراء الزيتون الأخضر للمائدةـ والأسعار تتفاوت بحسب جودة الأصناف المعروضة.
وتقول سعاد الخالد إنها "تفضّل الإنتظار قليلا لشراء مؤونتها على اعتبار أن الأسعار لا بد من أن تتراجع قليلاً نظراً الى وفرة العرض مع تسارع حركة قطاف المواسم".
ولا بد من الإشارة الى أن التعاونيات الزراعية في عكار تلعب دوراً ايجابياً وتبذل جهوداً مضاعفة بالتعاون مع بعض المؤسسات والجهات المانحة، لتأمين خبرات جديدة لتحسين أشجار الزيتون وزراعة أصناف جديدة، بما يتلاءم مع بيئة كل منطقة وتربتها ساحلاً ووسطاً وجبلاً، إضافة الى ترشيد طرق العناية والاهتمام بشجرة الزبتون واتباع طرق جديدة لجني المحاصيل وانتاج الزيت على نحو علمي مدروس.
تعليقات: