اللاجئون الفلسطينيون في لبنان بين اللجوء والنزوح

مخيم عين الحلوة- ارشيفية
مخيم عين الحلوة- ارشيفية


«أخاف كثيراً انا وعائلتي عند سماع أصوات القصف لكن لا نفكر بالهرب من المخيم حالياً، نقول الى أين نهرب؟ المدارس امتلأت، نحن عائلة كبيرة لدينا أطفال رُضّع، وعندنا أطفال مرضى ونخشى من انتشار الأوبئة والأمراض بسبب كثرة الناس. أطفالنا ترتعب، إذا ضربوا مخيمنا شاتيلا فلن نستطيع الهروب لأنه صغير الحجم.»

هذا ما قالته اللاجئة الفلسطينية أمل العكر خلال جولة "النهار" في مخيم شاتيلا. ذهبنا إلى هناك لنستطلع أوضاعهم وحالتهم إذا ما اشتد الوضع واضطروا للنزوح.

لاجئ آخر من المخيم يملك بسطة لبيع الملابس في شارع صبرا الملاصق لشاتيلا أجابنا: "تعودنا على صوت القصف، وحالنا مثل حال أهل غزة وجنوب لبنان، مصابنا واحد للأسف. إذا اشتد القصف واقترب من منزلي، فسأضطر للنزوح، لأن البناء الذي نعيش فيه غير آمن. سأكون مجبراً على أخذ عائلتي والهروب نحو الأمان الذي لا أعرف أين أجده. لكن حتى الآن، ما زال المخيّم آمناً، ونتمنى أن يبقى كذلك".

بين الجدران المتصدعة للمخيمات الفلسطينية في لبنان، تتعالى أصوات أتعبها الترحال عند كل حدث صعب شابه الحرب. لم تكفهم عذابات رحلة اللجوء من أرضهم إلى الشتات، حتى جاء العدو نفسه إلى الشتات ليجبرهم على النزوح. مئات العائلات التي اشتد القصف حولها، اضطرت إلى ترك منازلها ومخيماتها هرباً إلى منازل ومخيمات أكثر أمناً. لكن، أين هذه الأماكن الآمنة لهم؟ وكم يبلغ عددهم في العاصمة بيروت إذا ما تدهورت الحال أكثر مما هي عليه؟

في مقابلة مع الدكتور سرحان سرحان، أمين سر اللجان الشعبية الفلسطينية في لبنان، أوضح أن بعض المخيمات الفلسطينية تعرّضت لاستهدافات عسكرية، مشيراً إلى أن الوضع ليس آمناً في ظل التهديدات الإسرائيلية المستمرة. قال سرحان: "للأسف، تعرض مخيم البص في صور لقصف صباح اليوم، كما استهدفت إسرائيل بعض القادة في "حماس"، إضافة إلى هجمات على تجمعات فلسطينية في مخيمي صور والمعشوق، وكذلك مخيم برج الشمالي، ما أدى إلى تصدع العديد من المنازل نتيجة الغارات المتكررة". كلامه يدل على أن المخيمات ليست بمأمن أبداً وأن أي مخيم في لبنان قد يتعرض للاستهداف إذا أرادت إسرائيل ذلك، حتى لو كان في العاصمة بيروت.

في ما يتعلق بالنزوح، أشار الدكتور سرحان إلى أن "هناك نزوحاً كبيراً خاصة بعد الضربة الأخيرة التي تلقاها "حزب الله". نزح عدد كبير من السوريين، حيث كان هناك نحو 10 آلاف نازح سوري في مخيم برج البراجنة وقد غادروا جميعاً المخيم. كما نزح العديد من أبناء شعبنا الفلسطيني إلى أماكن إيواء وفرتها وكالة الأونروا، أو إلى منازل أقاربهم في مناطق مثل الطريق الجديدة وطرابلس".

الدكتور سرحان تطرّق إلى أعداد اللاجئين الموجودين في المخيمات ضمن بيروت قائلاً إن "مخيم برج البراجنة ما زال يضم لاجئين فلسطينيين، حيث كان عدد سكان المخيم قبل الحرب حوالي 28 ألف نسمة، ومع النازحين السوريين وصل العدد إلى 40 ألفاً. في مخيم شاتيلا، يقدر عدد اللاجئين الفلسطينيين بين 8 و10 آلاف، لكن مع وجود النازحين السوريين وصل العدد إلى 23 ألف نسمة. وفي مخيم مار إلياس، يبلغ عدد السكان حوالي 2500 إلى 3000 نسمة، ولم يسجل أي نزوح من المخيم، بل على العكس، استقبل بعض الأقارب. نحاول الآن بالتعاون مع وكالة الأنروا فتح مدرسة لتكون مأوى للنازحين القادمين من المخيمات الأخرى".

من المؤكد أن هذه الأعداد الكبيرة من الفلسطينيين ستواجه صعوبة في العثور على بدائل داخل العاصمة بيروت أو المناطق المحيطة، خاصة في ظل وجود نحو مليون نازح لبناني موزعين في مختلف المناطق. المدارس في العاصمة تحولت إلى مراكز إيواء لهم، ليس لرفض استقبال الآخرين، بل بسبب نقص القدرة الاستيعابية. المشهد يزداد تعقيداً مع وجود العديد ممّن يفترشون الطرقات والأرصفة، فما بالكم إذا تفاقمت الأوضاع أكثر؟


تعليقات: