شتاء نازحي الحرب: دموع كالأمطار!

نازحون في ساحة الشهداء
نازحون في ساحة الشهداء


أمطرت سماء لبنان اليوم بعض الوقت. هذا ما رآه وشعر به معظم اللبنانيين. لكنّ ثمّة أمطارا لم تظهر إلا لمن قصد رؤيتها. هي دموعٌ على شكل مطر، انهمرت من عيون النازحين الذين لم يجدوا مأوى لهم سوى الشارع أو الساحات. هؤلاء صارت أقصى أمنياتهم غرفة، وسقفا، ومياها لهم لا عليهم.

هنا في وسط العاصمة وتحديداً في باحة مسجد الأمين الذي تحول إلى جامعٍ للنازحين اللبنانيين من مختلف المناطق، ومعهم بعض السوريين، يمكنكم رؤية مياه على الوجوه، ولكن من الصعب معرفة ما إذا كانت أمطارا أو دموعا.

"النهار" جالت هناك كما في بعض المناطق في العاصمة لتنقل معاناة النازحين مع بداية هطول المطر واقتراب #الشتاء الأقسى.

من برج البراجنة في بيروت، يتحدث مسنّ يبلغ من العمر 85 عامًا: "أفترش الأرض في الجامع من دون أي مساعدات. أخشى الشتاء لأنه سيكون أصعب عليّ بسبب كبر سني". وتقاطعه زوجته إلى جانبه: "كل شيء راح، بيتي وبيوت أولادي في برج البراجنة. اليوم أمطرت قليلاً وتضايقنا كثيرًا، كيف يكون الوضع إذا استمر المطر؟ لا نطلب سوى المساعدة. نحتاج إلى كسوة. جئنا من دون أي أغراض. أنا وأبنائي وأحفادي جميعنا هنا. الشتاء سيكون صعبًا جدًا إذا بقينا هكذا."

على درج المسجد قالت لنا إحدى النازحات من منطقة عرمتى الجنوبية: "نعيش في العراء، لا مياه للاستحمام ولا شيء. هل هذه حياة؟ جئت وأولادي إلى بيروت ليكون مصيرنا هنا في الساحة بلا مأوى أو سقف للنوم. اليوم أمطرت، والمياه بدأت تتساقط علينا، والجميع يمر من حولنا والنفايات منتشرة بيننا، لا أطلب سوى غرفة نسكن فيها خوفًا من الشتاء."

في إحدى الزوايا كان يجلس ستيني من البقاع وحوله أكياس من الدواء. أومأ إلينا ليتحدث عن أوجاعه علّ أحداً يسمع صوته المسكون باليأس: "أنا من ذوي الحاجات الخاصة، لا أملك ألف ليرة. أحتاج إلى دواء للسكري والضغط وأمراضي التي سبّبتها الحروب المتتالية على لبنان. اليوم أنا هنا في الساحة بلا مأوى. كيف يمكنني محاربة الشتاء وأنا لا أملك دوائي حتى؟"

وليد النابلسي من بيروت نزح من ضاحيتها إلى وسطها. بادر "النهار": "الشتاء سيكون مأسويًا، نناشد المسؤولين الذين انتخبناهم، مثل الشيخ سعد الحريري، أن ينظروا إلينا. الدولة لا تنظر إلينا، ولا نعرف ما إذا كانت هذه الحالة ستطول أم لا. نحن مضطرون إلى بلع الموسى. هربت مع ابني، والمدارس ممتلئة، أما زوجتي وأولادي فقد ذهبوا إلى أقربائهم في وادي الزينة. لا ننام، وإذا نمنا فعلى الأرض."

مع اقتراب فصل الشتاء، تتعاظم معاناة النازحين الذين يعيشون بلا مأوى ولا موارد أساسية تمكنهم من مواجهة البرد القارس والأمطار. قصصهم المؤلمة تعكس واقعاً صعباً، حيث تتجلى الحاجة الملحة إلى تدخّل عاجل من الجهات المعنية لتوفير الدعم والمساعدة. فبين من فقد منزله ومن يعاني المرض ويعيش في العراء، هؤلاء يواجهون شتاءً قد يكون الأصعب في حياتهم، وما زال أملهم معلقًا على وعود قد تُمكِّنهم من العيش بكرامة ولو بأبسط مقومات الحياة.

تعليقات: