ذنب لبنان أنه قرَّر ان يكون لشعبه بعض الحرية في إدارة شؤون بلاده الداخلية ، وحماية أرضه وثرواته من العدوان الدائم من قبل كيان قام على العدوان واغتصاب الحقوق واقتلاع الناس البسطاء من أرضهم ، وقتلهم وتشريدهم بلا رحمة ولا شفقة.
ذنب اللبنانيين أنهم رفضوا الذل والهوان وقدموا التضحيات الجسام حتى تمكنوا من تحرير ارضهم ، فبدأت المؤامرات من نظام الهيمنة العالمي على إقتصاده بأزمة المصارف وضياع مدخرات الناس فيه ، وعلى تفتيت مكوناته ، ببث الفتن والثورات الملونة والإعلام الملوث والمسموم ، وتفجير المرفأ ، ونشر الفساد الأخلاقي من خلال تشريع المثلية ومشاعية الجنس ، ولكن لما صمد لبنان وشعبه المبدع في وجه كل هذه المؤامرات والخدع التي انفق الغرب عليها مليارات الدولارات ، ولم تفلح في شيطنة المقاومة التي حققت نجاحات رائعة في حماية لبنان والحفاظ على السلم الأهلي فيه ، ودعم الفئات المستضعفة التي تأثرت بفعل المؤامرات والضربات التي تتالت على ظروف عملها وعلى موارد معيشتها ، ولما شعرت قوى الهيمنة بعجزها عن تأليب البيئة اللبنانية الحاضنة للمقاومة التي حفظت هيبة لبنان كدولة ذات سيادة واستقلال ، وكان لها أثرها الإيجابي الكبير والفاعل على مستوى المنطقة والعالم ، حتى باتت تجربة المقاومة ومجتمعها في لبنان مثلاً يقتدى به ، تتأثر به الشعوب الساعية الى الحرية والى العيش بعزة وكرامة ، وكان لنجاح تجربة المقاومة اللبنانية اثر بالغ في إعادة ابراز وإحياء قضية فلسطين ، كقضية مركزية للعرب والمسلمين ، الأمر الذي انعش حركات المقاومة مجدداً في فلسطين عبر الإنتفاضات المتلاحقة التي ارهقت الكيان المؤقت وفضحت نواياه العدوانية والإجرامية ، وعطلت مفاعيل التطبيع الذي بذلت جهود وموارد كبيرة من اجل تحقيقه ، لذلك جاء الغرب الجماعي الى الكيان الغاصب لفلسطين ، حاملاً معه كل أحقاده الإستعمارية التاريخية ، وكل تقنيات القتل التي طورها عبر تاريخه الإجرامي الكبير ، من تقنيات حربية وذكاء اصطناعي واسلحة دمار ، راح يستعملها ضد المنشآت المدنية ( الصحية والاعلامية والسكنية ) بدون أي رحمة أو شفقة ، من أجل إرهاب الناس وكسر إرادتها وإخضاعها ، علَّه يستعيد هيمنته وتحكمه ببلادنا وثرواتنا ، ويحولنا الى عبيد في مملكته العالمية ، وقد سخَّر لتحقيق هذا الهدف الوحشي والمتخلف ، تعطيله للمنظمات الدولية الناظمة للعلاقات بين الدول، وتجاهل الضغوطات الهائلة التي مارسها أحرار العالم على امتداد العواصم في قارات العالم الخمس ، من اجل حماية المدنيين ، ووقف آلة القتل الجماعي وإبادة الشعوب المستضعفة .
هذا هو ذنب لبنان وشعبه المضحي الذي ، بدل ان نجلده ونتهمه بالتقصير والحسابات الخاطئة ، علينا ان ننصفه ونكون واقفين بجانبه في هذا البلاء والعدوان الواقع ، لأن مواقفه واهدافه انسانية ومشرفة ، ومفخرة لكل حر في هذا الوجود ، ولأن وقوفنا الى جانبه سيساهم في حفظه وبقاء القيم العظيمة والنبيلة التي قدم أغلى شباب لبنان من مجاهدين وقادة في سبيل تحقيقها ، على مدى إثنان وأربعون عاماً من الجهاد والتضحية والمواجهة.
ما قيمة الإنسان بلا إنسانيته
ع. إ.س
باحث عن الحقيقة
تعليقات: