الفوضى تجتاح بيروت: مفترشو الشارع يرفضون المغادرة

تشديد من أجهزة الدولة على منع أي تعدٍ على الأملاك العامة والخاصة (المدن)
تشديد من أجهزة الدولة على منع أي تعدٍ على الأملاك العامة والخاصة (المدن)


يُعرف عن بيروت زحمتها في الأيام العادية، وصعوبة التنقل فيها بالسيارات خلال ساعات العمل والدوام الرسمي، لكن ما تُعانيه العاصمة في هذه الفترة جرّاء النزوح والفوضى الناجمة عنه، أكبر وأصعب، والتعامل مع هذه المعضلة لا يبدو حتى الساعة أنه يسير بشكل صحيح.

قبل يومين انتشر خبر وقوع إشكال ليلاً على كورنيش عين المريسة، وتناقل الناس مشاهد مصورة تُظهر الهرج والمرج في صفوف أعداد كبيرة من المواطنين. قيل بداية، أن الإشكال بين النازحين، ثم بين نازحين لبنانيين وآخرين سوريين، قبل أن يتبين أن المشكلة تتعلق بإجراءات تقوم بها القوى الأمنية لمحاولة ضبط الفوضى القائمة على الكورنيش البحري.

فما هي الإجراءات المتبعة من قبل المعنيين بالأمن والنظام في العاصمة؟


المحافظة وملف النزوح

عندما بدأت أزمة النزوح شكّلت بيروت بمناطقها وأحيائها كافة الملجأ الأول للنازحين من الجنوب والضاحية الجنوبية، فامتلأت وازدحمت. ففي المدينة اليوم، بحسب مصادر في محافظة بيروت، "حوالي 55 ألف نازح في مراكز الإيواء، تساعدهم المحافظة من خلال بعض المواد العينية ووجبات الطعام، وهناك حوالي 200 ألف نازح داخل المنازل، منهم حوالي 100 ألف قد اتصلوا بغرفة الطوارىء داخل المحافظة وسجلوا أسماءهم، وهؤلاء سيتم مساعدتهم قريباً من خلال توزيع حصص غذائية".

تضيف المصادر عبر "المدن": "الفوضى في الشوارع كبيرة جداً ولكنها غير ناتجة عن تقصير المحافظة أو البلدية، والدليل أن أغلبية من يفترش الشوارع يرفضون ترك أماكنهم والانتقال إلى مراكز الإيواء الجاهزة في الشمال وعكار". وتشير إلى "أن المحافظة أقامت نقطة تجمع في بشارة الخوري، وهناك أشخاص يعملون بشكل يومي على استقبال الراغبين بالوصول الى مراكز إيواء خارج العاصمة، بعد اكتظاظ بيروت ووصولها إلى الحدّ الأقصى للتحمل، وهناك باصات جاهزة بشكل دائم لنقل العوائل إلى الشمال".

بحسب المصادر تتلقى غرفة الطوارىء في محافظة بيروت آلاف الإتصالات الهاتفية بشكل يومي، وهي تدعو كل النازحين المتواجدين في المنازل الى الإتصال على الأرقام التالية 01987001 أو 81075453 وتسجيل الأسماء، من أجل مساعدتهم، كاشفة أن جزءاً من الاتصالات ترد من النازحين السوريين الذين يسألون عن مساعدات مالية حصراً، فهؤلاء بحسب ما يعبر أكثر من شخص منهم يرفضون ترك بيروت إلى الشمال خوفاً من إمكانية ترحيلهم من لبنان، لذلك هم يفضلون النوم في الشارع.

أما ما يجري على الكورنيش البحري، وتحديداً الإشكال الذي حصل مساء الأربعاء، فهو بحسب مصادر محافظة بيروت سببه فتح الدكاكين ومطاعم المشاوي والبسطات على الطريق العام والرصيف البحري، كما محاولة بناء غرف للسكن من المواد المتوفرة، حجارة وكرتون وتنك، وبعد محاولات كثيرة للمّ النازحين عن الشارع ورفضهم الخروج، ومرور دوريات لشرطة بلدية بيروت مع مكبرات للصوت تطلب من الموجودين التوجه إلى بشارة الخوري للذهاب نحو الشمال وعدم التجاوب معها، طلبت المحافظة من القوى الأمن الداخلي التدخل لإزالة المخالفات وهذا ما حصل.

وتكشف المصادر أن غالبية الموجودين اليوم على الكورنيش البحري، ومحيط ساحة الشهداء، هم من السوريين أو مكتومي القيد، وهؤلاء يرفضون أي حل يُقدّم لهم، رغم أن المعنيين بمساعدتهم من المنظمات الدولية شبه غائبة عن مساعدتهم.


القوى الأمنية وحركة السير

خلال جولة على الخط العام الممتد من الأونيسكو الى البربير، تبيّن وجود رجلي أمن يعملان على تنظيم السير، وهذا العدد لا يكفي لتنظيم حركة المرور التي تشهد زحمة غير اعتيادية في كل مناطق بيروت. وفي هذا الإطار، تكشف مصادر أمنية عبر "المدن" أن القوى الأمنية تعمل وفق حالة طوارىء، وهي تسعى لضبط الأمن قدر الإمكان في العاصمة، لكن هناك قدرة احتمال للشوارع والأحياء وما يجري تخطى هذه القدرة، فهناك اليوم مدينة جديدة نزحت إلى مدينة بيروت، بناسها وسياراتها ودراجاتها النارية، مشيرة الى أن مديرية قوى الأمن عززت عديد وقدرات شرطة بيروت، وتقوم بتسيير الدوريات، ونسبة الجرائم انخفضت وبالتالي تقوم الأجهزة بما أمكن لتسيير الأمور، ضمن القدرات والحلول المتاحة.

على سبيل المثال تسأل المصادر كيف يمكن حل أزمة وقوف السيارات في بيروت بظل هذا العدد الهائل للسيارات وغياب المساحات العامة الفارغة أو المواقف الكافية لذلك، مشيرة إلى أن الأجهزة الأمنية ليست غائبة إنما تعمل وفق ما هو متاح لها.


الأمن داخل مراكز الإيواء

من الطبيعي أن تسبب أزمة النزوح بحصول مشاكل أمنية داخل مراكز الإيواء، لذلك علمت "المدن" أن المعنيين بمتابعة هذه الإشكالات هم من جهاز المخابرات في الجيش اللبناني بالإضافة الى عناصر أمن الدولة، وهم يقومون بعمل يومي داخل هذه المراكز، علماً أن غالبية الإشكالات تكون بسيطة بين عائلات نازحة.

وتكشف مصادر أمنية عبر "المدن" أن مخابرات الجيش تعمل أيضاً على مسألة الأمن القومي داخل المراكز، وهي اوقفت خلال الساعات الماضية أحد المشتبه بهم في العمالة للعدو الإسرائيلي داخل أحد هذه المراكز في بيروت.

عندما اكتظت العاصمة، مع بداية موجات النزوح الأولى، كان هناك حرص من الأحزاب العاملة على خط النزوح لعدم التعرض للأملاك العامة والخاصة، والحصول على أذونات مسبقة من وزارة التربية والجامعة اللبنانية قبل فتح اي مركز إيواء وهو ما حصل.لم يمنع ذلك محاولات البعض للدخول إلى أملاك خاصة وافتراشها وقد تم التصدي لهذه المحاولات. ومن هنا دعا وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الاعمال بسام مولوي لعقد اجتماع استثنائي لمجلس الأمن الداخلي المركزي، شدد خلاله على"وجوب أن يكون خطابنا خطاب وحدة وتماسك كي نساعد رجال الأمن"، مشدداً على ان "الأملاك العامة هي صورة الدولة ولن نقبل بالتعدي عليها ولن نسمح أيضًا بالتعدي على الأملاك الخاصة والقوى الأمنية ستقوم بواجباتها بالطريقة اللازمة".

وقال المولوي: "من يقول إن قوى الأمن ليست موجودة في بيروت نؤكد له أن القوى الأمنية موجودة في بيروت، وتم تعزيزها ولكن ليس من السهل أن نتعامل مع هذا العدد الإضافي من أهلنا النازحين".

تعليقات: