المهندس عدنان سمور: من يخرج عن قواعد العقل والمنطق في أدائه، وعن سنن التاريخ وسنن الله التي أودعها في هذا الوجود، سيلفظه التاريخ وترفضه الجغرافية
لن يتمكن الطارئون على هذه المنطقة بطائراتهم الفتاكة ولا ضخامة صواريخهم العملاقة والذكية التي يلقونها على المدنيين الأبرياء من النساء والأطفال والشيوخ ، بدعم غربي استعماري غير محدود ، لا يعرف معنى الرحمة والإنسانية، ورغم امتلاكهم لبرامج الذكاء الاصطناعي العظيمة، التي يوظفوها في هذه الحرب بأقصى ما يمتلكون من قدرات وطاقات ، فهم لن يتمكنوا رغم ذلك من ان يمحوا ويزيلوا ويشطبوا من الوجود شعوب منطقتنا الأصيلين ، المتمسكين بجذورهم التاريخية وبأرضهم وحقوقهم وذاكرتهم الجمعية وبتراثها الحضاري الراقي انسانياً وعلمياً وفكرياً وايمانياً وعمرانياً ، الأمر الذي يطلِق عليه الخبراء والمحللون الاستراتيجيون إسم البيئة الاستراتيجية التي تعتبر عاملاً مرجحاً للإنتصار في الحروب ، وهي في هذه المعركة حاسمة لمصلحة محور المقاومة ، مهما بلغت درجة توحش المعتدين عليه والطامحين للهيمنة على ثرواته ومقدراته .
انهم يقتلون في لبنان وفلسطين ويدمرون بأسلوب أعمى ، وبأداءٍ فاقد لميزان العقل المُدرِكِ لكيفية إدارة الحروب ، وفاقد لمراعاة القواعد الأساسية لتحقيق شروط الإنتصار الممكن أو المتاح ، فهم يحاربون بروحية من يخوض آخر حروبه مستخدماً كل طاقته وطاقة داعميه وامكانياتهم الأسطورية ، دون ان يحسب اي حساب لحلول وسط أو لخط رجعة ، فهو يسير في حربه هذه على طريقة المراهنين ، اما يربح كل شيء أو يخسر كل شيء ، مع تغييبه الكامل لاهمية البيئة الاستراتيجية المرجحة لإنتصار شعوب المنطقة الأصليين عليه هو ، الطارئ على جغرافية وتاريخ المنطقة ، لذلك فهو يتابع تشغيل أدوات القتل العملاقة التي يمتلكها ورغم ذلك لا يحقق اهداف الحرب التي اعلنها ولا التي أضمرها ، من هنا نستخلص أن على مجتمع المقاومة الظافرة ، مجتمع أشرف الناس ، خاصة في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ الصراع ، ان يصبر ويتقبل تقديم التضحيات الجسام ، لأن صبره في هذه المرحلة ، يؤسس لحياة اكثر حرية واكثر امناً واكثر عزة وكرامة وشرفاً ، واكثر انتصاراً في الآتي من الأيام ، الإنتصار الذي سيكون هو الثمن الطبيعي لوقوف مجتمع المقاومة في وجه قوى التوحش العالمي ، التي تعيش في هذه الأيام اعقد وأعمق ازماتها في بنيتها الداخلية وفي افتضاح مشاريعها التوحشية القائمة على الإبادة الجماعية والتطهير العرقي ، والقائمة على التنكر ورفض قوانين وضوابط منظمات المجتمع الدولي ، هذا الإفتضاح المدوي الذي يحصل اليوم امام سواد العالم الأعظم . لذلك يعجز الطاريء على منطقتنا عن تحقيق اهدافه أيضاً بسبب انقساماته الداخلية وبسبب تضعضع منظومته الإقتصادية والإجتماعية ، وان كل ما يصدر منه في هذه المرحلة من تهديد ووعيد ورفع اسقف توقعاته من الحرب ، انما هو ناتج عن محاولات هروبه وإنكاره للواقع المأزوم الذي يعيشه لدرجة تجعل واقعه قريباً من حدود الإنفجار الكارثي المدمر ، كل ما سبق من أداء يصدر عنه انما يحصل لأن الطارئين على منطقتنا يستبدلون واقعهم المرير والمأساوي الذي يعيشونه بأوهام واحلام وطموحات فارغة من المعنى وغير قابلة للتطبيق على أرض الواقع ، ومنافية لسنن التاريخ وسنن الله التي اودعها في نظام هذا العالم .
وقد اثبتت تجارب الإنسان عبر تاريخه العميق والقديم ، أن من يخرج عن قواعد العقل والمنطق في أدائه، وعن سنن التاريخ وسنن الله التي أودعها في هذا الوجود، سيلفظه التاريخ وترفضه الجغرافية ، ولن يكون له مكان لائق في هذا العالم ، طال الزمان أو قصر .
ع.إ.س
باحث عن الحقيقة
19/10/2024
تعليقات: