عدد الجرحى اللبنانيين غير مسبوق: تشوهات لشبان بعمر الورد

كل الإصابات تحتاج إلى أكثر من عملية جراحية (Getty)
كل الإصابات تحتاج إلى أكثر من عملية جراحية (Getty)


لامس عدد جرحى الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، والجنوب على وجه الخصوص، منذ الثامن من تشرين الأول 2023، إثنا عشر ألف جريح. عدد كبير من بينهم أصيب بتفجيرات أجهزة "البيجرز" واللاسلكي، التي استهدفت مسؤولين وعناصر في "حزب الله" في النصف الثاني من شهر أيلول الماضي، وبلغ تعدادهم -حسب بيانات المستشفيات- 3362 شخصاً. ما زال الكثير من هؤلاء المصابين يتلقون العلاج في مستشفيات داخل لبنان وخارجه، بينهم العديد من الحالات الحرجة. تتنوع الإصابات، وتتوزّع ما بين الرأس والعين والبطن، أوالكسور والحروق التي تحتاج إلى عمليات جراحية وتجميلية متكرّرة.

وبهذه الحصيلة يكون عدد الجرحى والمصابين جرّاء الحرب الحالية، قد تجاوز عدد جرحى حرب 2006 بأضعاف مضاعفة، خصوصاً وأن عدداً من المصابين، وهم فتيان في عمر الورد، بات يعاني من تشوّهات جسدية وإعاقات مختلفة وفقدان للبصر، ما اضطر غالبيتهم إلى ملازمة منازلهم أو الأماكن التي هجروا اليها.


أتشوّق للعودة إلى مهامي

بعد كلّ عدوان إسرائيلي، يكون حمزة مناع من أوائل الواصلين للمساعدة في نقل الجرحى والمصابين ورفع الأنقاض، كواحد من فريق الدفاع المدني في كشافة الرسالة الإسلامية، التي قدّمت أكثر من عشرين شهيداً وعشرات الجرحى، جرّاء الغارات الإسرائيلية على مراكز للجمعية وسيارات الإسعاف.

كان حمزة إبن بلدة البرج الشمالي، يتولى مع ثلاثين مسعفاً من زملائه في كشافة الرسالة والهيئة الصحية الإسلامية، عمليات رفع الأنقاض في مبنى داخل بلدته دمرته طائرات العدو، حين شنّ الطيران الحربي غارات ثانية على المنطقة مستهدفاً فرق الإسعاف، ما أدى إلى إصابته وزملائه بإصابات مختلفة. خلّفت الإصابات ندوباً على جسد الشاب المندفع والمتحمس والمتفاني، وحالت دون ممارسته العمل الذي يعشق، وهو مساعدة الناس وإنقاذ حياتهم. تستمر معاناة مناع جراء الاصابة. في مقابلة مع "المدن" يقول مناع "أتابع علاجي في بيروت، ضريبة المهمات الإنسانية التي تربينا عليها في جمعية الرسالة، مسألة بديهية، خصوصاً عندما تهبّ لمساندة أهلك المصابين، نتيجة العدوان الإسرائيلي، الذي لا يميّز بين مدني ومسعف ومقاوم. عندما أتعافي إن شاء الله، سألتحق مجدداً بنداء الواجب، وأعود إلى أداء مهماتي مع رفاقي وزملائي، للذود عن أبنائنا الذين هم في أمسّ الحاجة لمساندتهم وتضميد جراحهم".


الجريح السيد: أنتظر العودة للعمل

مضى على إصابة الشاب العشريني، حسين السيد، حوالى الشهرين. صودف مروره لحظة استهدفت مسيّرة إسرائيلية سيارة على طريق عام صور- الناقورة، ما أدى الى إصابته. آلام إصابة حسين، في ساقة وخاصرته، لا تزال تلازمه نتيجة عدم التئام الجروح الغائرة في أنحاء من جسمه، وتمنعه من الحركة بسهولة، أوالعودة إلى ممارسة عمله، خصوصاً بعدما أصبح نازحاً في مدرسة رسمية في منطقة صيدا، فيما هو بأمس الحاجة للعمل لإعالة شقيقتيه ووالدته، التي كانت أصيبت بجروح بالغة في عدوان تموز 2006. يؤكد السيد لـ"المدن" أن وزارة الصحة اللبنانية، تكفلت بعلاجه الإستشفائي، خلال الفترة القصيرة، التي أمضاها في المستشفى، لكن الأوجاع رفيقته ليل نهار، لكنه يأمل التعافي للعودة إلى ممارسة وظيفته كعامل "دليفري".


الطبيب المعالج: الأعداد فاقت كل تصور

واكب الطبيب الجراح نعمة يوسف، معظم الحروب والاعتداءات التي شنتها إسرائيل على الجنوب. كان خلال حرب تموز 2006 حاضراً مستنفراً مع من تبقى من طواقم طبية في إحدى مستشفيات مدينة صور، كما هو الحال اليوم في عدوان العام 2024، حيث يمارس عمله إلى جانب فرق عمل المستشفى (جبل عامل).

يلفت الطبيب يوسف لـ"المدن" إلى الجهود الطبية الكبيرة التي تبذلها الطواقم الطبية وفرق الإسعاف في عموم صور، الأقرب إلى الحدود الجنوبية، بعد توقف العمل في المستشفيات في المناطق الحدودية، لا سيما في مرجعيون وبنت جبيل. يقول "إن ما شهدته ويمكن أن تشهده هذه الحرب، التي لا تلتزم فيها إسرائيل بأي ضوابط وقوانين ومواثيق حقوق الإنسان، قد فاق كل التوقعات على مستوى عدد الشهداء والجرحى والمصابين، الذين لامس 4000 إصابة في غضون يومين، أصيبوا جراء إنفجارات البيجرز واللاسلكي، حيث استقبلنا في يوم واحد أكثر من أربعمئة مصاب، بينهم عشرات الأطفال".

وحول نوع الإصابات، التي يقوم بعلاجها مع أخصائيين آخرين، يوضح "أنواع الإصابات بشكل عام بليغة سواء للمصابين جراء انفجار أجهزة البيجرز واللاسلكي أو جرحى القصف العشوائي والغارات، وصواريخ الطائرات المسيرة الحارقة". يشير إلى أن كل الإصابات تحتاج إلى أكثر من عملية جراحية، قد يصل عدد العمليات إلى أربع أحياناً، ويشترك أربعة جراحين في عملية واحدة".


2006 و2024

وعن الفرق بين عدواني 2006 و2024، يقول يوسف "يوجد شيء مشترك بينهما، فأول جريح في العام 2006 كان طفلاً من آل مهدي، من بلدة الناقورة، ومن ضمن ركاب سيارة بيك أب تم استهدافها. ومن بين الإصابات المؤثرة التي عالجتها في هذا العدوان، طفل كان في حضن والده عند انفجار جهاز البيجر. وأنا أعتبر أن الحرب الفعلية بدأت مع هذا العدوان (تفجيرات البيجرز واللاسلكي)". ويلفت إلى أن "عدد الجرحى الذي وصل إلى المستشفى الذي كنت أعمل فيه (مستشفى حيرام) في العام 2006، لم يصل إلى 250، بينما وصل حالياً إلى اكثر من 800 جريح، إصابة غالبيتهم بالغة في الوجه".

وفيما يخصّ الإصابات بغارات المسيرات التي تنشط بقوة في العدوان الحالي، يؤكد يوسف أن "إصابات المسيرات ثلاثة أنواع، بعضها حروق، والبعض شظايا صغيرة مربعة الشكل تخترق الجسم مثل الخردق، وهناك نوع آخر من الإصابات ناجم عن قذف الصاروخ الشخص لمسافة بعيدة ما يؤدي إلى تهشيم الأضلع وتكسير العظام".

تعليقات: