استخدام الخيم لإيواء اللبنانيين مرتبط بحجم الدمار ومستقبل النزوح ومدى تزايده (علي علّوش)
ثمة صراع واضح حول كيفية إطلاق العام الدراسي حضورياً في المناطق التي تصنف "آمنة"، والتعليم المدمج أو عن بعد لطلاب ومدارس المناطق "غير الآمنة" أو للطلاب النازحين قسراً. صراع سياسي بين الداعين لتأجيل العام الدراسي إلى حين جلاء الأمور في ظل الحرب الحالية، وبين الداعين لتعليم الطلاب بالطرق المتاحة كافة. والسؤال المطروح هل سيطلق العام الدراسي بعد أسبوعين أم سيفرض حزب الله وحلفاؤه التأجيل.
ضغوط لتأجيل العام الدراسي
أحد أهداف الاستبيان الذي أرسل إلى الأساتذة، لمعرفة رأيهم عن الالتحاق بالمدارس والثانويات هو فرض أمر واقع على وزير التربية لتأجيل العام الدراسي، بذريعة أن الأساتذة يرفضون الالتحاق بالمدارس. فالاستبيان مخصص للأساتذة النازحين، وغالبية هؤلاء يرفضون الالتحاق بطبيعة الحال. وبالتالي لا يعبر عن رأي كل الأساتذة وتوجهاتهم السياسية الرافضة لتأجيل العام الدراسي.
وبالتزامن مع هذه الاستبيانات راح البعض يطلق شائعات لتحريض النازحين والأساتذة على وكالات الأمم المتحدة والدولة تحت شعار طرد النازحين من المدارس واسكانهم في مخيمات. وقد تداول الأساتذة في اليومين الأخيرين شائعات بأن هناك مخططاً أممياً لإفراغ المدارس من النازحين، لاستخدامها للتعليم، والنيل من كرامتهم من خلال وضعهم في خيم.
وزير التربية عباس الحلبي أكد أن ما يشاع غير صحيح إطلاقاً. لكن تطمينات الحلبي لم تهدّأ من الغضب الذي حصل والتحريض المستمر. بل رُفعت شعارات تعترض على وضع النازحين في خيم، وتبرر بأن نقل النازحين إلى الخيم يسهل على العدو الإسرائيلي النيل منهم. ليتبين أن الهدف الأساسي من هذه الشائعات هو أن البعض يريد فرض تأجيل إطلاق العام الدراسي ليس أكثر. وصحيح أن وزير التربية متشدد بعدم استخدام المزيد من المدارس الرسمية كمراكز إيواء، ويطالب بإيجاد بديل للإيواء غير المدارس الرسمية، إلا أن هذا لا يعني إفراغ مراكز الإيواء الحالية من النازحين.
استمرار الحرب والنزوح
بما يتعلق باستقدام الخيم لإيواء النازحين لم يبحث الأمر في الأمم المتحدة إلا لناحية كيفية إيواء النازحين السوريين والفلسطينيين والعمال الأجانب. وما زال هناك مباحثات مع الدولة اللبنانية في هذا الشأن، تقول مصادر مطلعة لـ"المدن". فالدولة اللبنانية أعطت الأولوية للنازحين اللبنانيين لإسكانهم في مراكز الإيواء، فيما لا يزال النازحون من باقي الجنسيات في عداد المشردين، وتطالب الأمم المتحدة بوضع خطط لإيوائهم، سواء من خلال تأمين مباني للدولة، أو من خلال نصب خيم في مناطق معينة.
وتفيد المصادر أن بعض الأفكار التي طرحت بشأن النازحين اللبنانيين في أروقة الأمم المتحدة، تتعلق بحجم النزوح ومدى تزايده، وبمستقبل النازحين بعد توقف الحرب. كان هناك اعتقاد أن وقف إطلاق النار سيتم في شهر تشرين الثاني. لكنه مجرد اعتقاد. وبالتالي طرحت أفكار حول كيفية إيجاد أماكن لاستيعاب النازحين الجدد بعيداً عن المدارس الرسمية.
الإشكالية التي سيعاني منها لبنان وقطاع التعليم هي بعد توقف الحرب. فرضت الحرب أمراً واقعاً. لكن بعد وقف إطلاق نار هل سيتم إخلاء المدارس من النازحين أم سيبقى النازحون فيها في ظل الدمار الكبير الذي طال المباني السكنية؟ المسألة تتعلق بحجم الدمار ومصير المباني السكنية وعدد النازحين الذين فقدوا بيوتهم. وهذه أمور ستبحث بعد توقف الحرب. وفي حال كانت الأعداد ضخمة قد يصار إلى استقدام الخيم الجاهزة لاستخدامها للإيواء، إلى حين إعادة الإعمار. أو ربما تبقى مدارس رسمية كمراكز إيواء إلى فترة طويلة في حال لم تتأمن البيوت الجاهزة أو الخيم.
البيوت الجاهزة كحل؟
وتشرح المصادر أن البيوت الجاهزة التي تستخدم في حالات الحرب تمول بشكل أساسي من بعض الدول الخليجية. وقد استخدمت هذه البيوت في بعض الدول الإفريقية التي عانت من الحروب. أما في لبنان فهناك تجربة في هذا المجال خلال الحرب السورية وتدفق اللاجئين السوريين إلى لبنان. عرضت بعض الدولة على لبنان استخدام تلك البيوت الجاهزة. لكن تبين أنها ستستخدم في مناطق معنية دون غيرها نظراً لعدم توفر كميات كبيرة تكفي الجميع. ورفضت المفوضية السامية للاجئين استخدام تلك البيوت، انطلاقاً من مبدأ المساواة بين جميع النازحين. وهذا قد يحصل مجدداً بمصير النازحين اللبنانيين الذين فقدوا بيوتهم.
الخيارات أمام اللبنانيين بعد توقف الحرب محدودة جداً وتتعلق بحجم الدمار. قد تصبح المدارس مراكز إيواء لفترة طويلة ويتم تشييد خيم لتعليم الطلاب، أو العكس صحيح. أي تشييد خيم في القرى والمدن المتضررة للسكن، وإخلاء المدارس من النازحين لتعليم الطلاب. لكن من المبكر البحث في هذه الأمور. فالخوف الحالي هو من استمرار الحرب واستمرار مسلسل النزوح وهذا يفرض استخدام المخيمات للإيواء في حال تعذر وجود مدارس رسمية
تعليقات: