تعلن مؤسسة عامل الدولية للرأي العام ببالغ الأسف، أن مراكزها في الشياح (مركز بشار مهنا ومسلم عقيل)، حي السلم (مركز للتنمية الاجتماعية والتربوية) ومركز الرعاية الصحية الأولية، الخيام (مركز صحي تنموي اجتماعي)، ومركز النبطية (كفر جوز)، ومركزي العرقوب والفرديس للرعاية الصحية والتنمية الاجتماعية، التي ساندت الناس لخمسة عقود في مجالات الرعاية الاجتماعية، التربوية، والصحية، والحماية، وتمكين المرأة، ورعاية العمال والعاملات المهاجرين، قد تعرضت لدمار أو تضرر نتيجة الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة، ما أدى إلى خروجها عن الخدمة.
وهي المرة الأولى منذ العام 1979 التي تغلق فيها أبواب مراكز لعامل، نتيجة القصف الاسرائيلي، فقد صمدت هذه المراكز لعدة حروب وظروف كثيرة، واليوم تؤكد المؤسسة أنها ستعيد بنائها والعمل فيها، لأن "عامل" هي فكرة ورسالة جوهرها تعزيز إنسانية الإنسان وصون كرامته، والأفكار لا تمحوها الحروب والاعتداءات بل تزيدها قوة.
وفي تعليق أولي على الحدث، صرح الدكتور كامل مهنا رئيس مؤسسة عامل الدولية بالقول "إن أرواحنا هي أول ما وضعناه فداء لقيم الإنسانية والعدالة التي تقوم عليها عامل، ولذلك فإن دمار مراكزنا أو تضررها، يؤلمنا، ولكن لن يثنينا عن الطريق الذي اخترناه منذ عقود. ففي مسيرة عامل شهداء وجرحى، واليوم جزء كبير من فريقنا هو مهجر من بيته ومنطقته، يعملون مع الناس نهارا لصون حقوقهم وكرامتهم، وفي المساء يتشاركون معهم صعوبات التهجير والحرب. على الصعيد الشخصي، لقد دمرت منازلنا للمرة الثالثة في الخيام، وكما سنعيد إعمار هذه المنازل، سنعيد الأمل إلى مراكزنا ريثما تنتهي هذه الحرب الشعواء ضد الإنسانية".
لقد كانت هذه المراكز ملاذاً آمناً للناس من جميع الخلفيات، تعمل وفق مبادئ حقوق الإنسان وكرامته، تستقبل آلاف الأشخاص، لبنانيين ولاجئين ومهاجرين، بالتعاون مع مؤسسات محلية ودولية وهيئات الأمم المتحدة، لكن التدمير المتعمد لها يوضح مدى الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة للقوانين الدولية والاتفاقيات التي تحمي المؤسسات الصحية والإنسانية.
ولا تزال مراكز مؤسسة عامل الأخرى مهددة بالخطر في ظل استهداف مناطق متعددة بشكل مكثف، في ظل غياب الحماية وعدم المساءلة الدولية لإسرائيل، الأمر الذي يمهد الطريق لمزيد من الانتهاكات ضد المنشآت الإنسانية التي تقدم الدعم للمدنيين وللفئات المهمشة. نؤكد أن هذه المراكز كانت وما زالت تقدم برامجها لكل الناس بدون تمييز، وتستند في عملها إلى مقاربة تشاركية معهم، كي يكونوا قادة للنهوض في مجتمعاتهم.
ورغم الخسائر التي تكبدتها المؤسسة، فإن عامل لن تتخلى عن مسؤولياتها تجاه الناس، وستظل في طليعة المستجيبين لاحتياجاتهم، وستكون آخر من يغادر المناطق المتعرضة للقصف، هذا عهد "عامل" للناس. تعمل المؤسسة حالياً عبر 21 عيادة نقالة لتقديم البرامج الصحية والتربوية والإغاثية، وتخطط بالتنسيق مع شركائها لإضافة 20 عيادة جديدة، إلى جانب مواصلة عملها في مراكزها ال30 غير المتضررة بعد بقيادة 2300 عامل ومتطوع، ومن خلال فرقها في 170 مركزا للإيواء.
إن مؤسسة عامل تؤمن بأن التضامن مع الناس في ظروفهم الصعبة، هو جوهر العمل الإنساني، وعلى الرغم من خسارة هذه المراكز التي كانت تقدم الدعم لعشرات الآلاف من الأشخاص، فإن رسالتها الإنسانية، بوصفها حركة نهضوية، لن تتزعزع أمام أي حرب أو اعتداء، بل باشرت اليوم التخطيط للمستقبل الذي ترى فيه فرصة لبناء لبنان دولة المواطنة والعدالة.
تطالب مؤسسة عامل المجتمع الدولي والمؤسسات المعنية باتخاذ مواقف حاسمة، والعمل على المحاسبة جراء هذه الجرائم الموصوفة، وكذلك تطالب الدولة اللبنانية بإضافة هذه الجرائم إلى ملف كبير من الانتهاكات الإسرائيلية ضد القانون الدولي في لبنان، لتقديم شكوى رسمية بهذا الصدد.
تعليقات: