تحالف متحدون: قرار صادم من القاضي نصّار بحق أهل الشمال فهل يدخلها في دائرة المساءلة؟


وكأن الحرب الحالية بخسائرها البشرية والمادية والمعنوية والتي أساسها الفساد المدقع في لبنان لا تكفي الشعب اللبناني، حتى تستمر أيادي الفساد المتفشية في الداخل في التسلل من باب الانشغال بتوترات الحرب والتوغل لتزيد من آلام ومعاناة اللبنانيين لا سيما أهل طرابلس والشمال.

فبعد سبع سنوات من الملاحقات القضائية بحق المدّعى عليهم في ملف جبل نفايات طرابلس، بعدما عاثوا في مدينة الفيحاء ومحيطها فساداً واختلاساً وأمراضاً ودماراً للبيئة والاقتصاد وتهديداً لأمن أهل المدينة، ورغم قرارات منع السفر وإشارات الحجز على أملاك المدّعى عليهم، الحارس القضائي على جبل النفايات أحمد قمر الدين وأنطوان بدو أزعور ورانيا وشادي أبو مصلح الذين صدرت بحقهم مذكرات توقيف غيابية (لكنها لم تعمّم بعد!)، تبلغ محامو تحالف متحدون أمس ٢١ تشرين الأول ٢٠٢٤ قراراً صادراً عن قاضي التحقيق الأول في الشمال سمرندا نصار في ١٧ تشرين الأول ٢٠٢٤ قضى بالترخيص لـ "المدّعى عليه مجلس الإنماء والإعمار" ورئيسه نبيل الجسر، و"للمتعهد الذي رست عليه مناقصة مكب النفايات القديم في طرابلس: مؤسسة حمود للتجارة والمقاولات... بالدخول إلى موقع مكب النفايات القديم في طرابلس للمباشرة بمشروع تنفيذ أشغال المعالجة..."

يذكر أن الجهة المدّعية أصولاً لم تتبلغ أبداً لا المذكرة التوضيحية المقدّمة من قبل "مجلس الإنماء والإعمار ونبيل الجسر في ٣/٧/٢٠٢٤"، ولا "طلب الترخيص بالدخول إلى المطمر تاريخ ١٠/٩/٢٠٢٤" وفقاً للقرار، علماً بأن المكب خاضع لـ "الحراسة القضائية"!

على الفور وعلى وقع صدمة محاولة إقصائهم بهذا الشكل كجهة مدّعية عن الخطوات التنفيذية المقررة، لا سيما بعد تحمّلهم مسؤولية الادعاء بالوثائق والمستندات ومتابعتهم الحثيثة ورفضهم لأي ضغوط أو مغريات وتصدّيهم وأهل طرابلس للفساد والسرقات الحاصلة وجهودهم في التقدم بالحلول الصحيحة القابلة للتطبيق في "مؤتمر طرابلس البيئي" ولقاءي "الطاولة المستديرة" بواسطة خبراء دوليين مستقلّين حياديين مشهود لهم، بكل تجرّد ومهنية وشفافية، ورغم الظروف الحالية الصعبة، توجّه صباح اليوم ٢٢ تشرين الأول ٢٠٢٤ محامو التحالف إلى مكتب القاضية نصار لمراجعتها أولاً بهذا الخصوص، مستائين أساساً من كل محاولات "سلطة الفساد" إقصاء العناصر الخيّرة في البلد عن كل ما له صلة بالقرارات التي تتعلق بمصير المواطنين وحياتهم بهدف ترك الساحة مشرّعة لكبار الفاسدين في السياسة من دون حسيب أو رقيب.

جاءت هذه الخطوة باعتبار القاضية نصار من القضاة القلائل الذين كان يعوّل تحالف متحدون وشركائه عليهم في إحقاق الحق وتحقيق العدالة لأهل طرابلس والشمال الذين وقعوا ضحيّة الإهمال والاستهتار بحياتهم وصحتهم وبيئتهم بشكل بالغ، وذلك بعدما كان نعى التحالف "القضاء اللبناني" الذي تحوّل إلى "قضاء غب الطلب أقرب في إجراءاته إلى أجهزة المخابرات منه إلى اتباع الأصول القضائية" وتحديداً فيما يتعلّق بقضايا المودعين وسلامة وأعوانه والمصرف المركزي في مسرحية القاضي بلال حلاوي وسواه كما بان بوضوح للجميع مؤخراً، لكنهم خرجوا من مكتب القاضية نصار خائبين، اللهم إلا إذا عادت وبضمير "قاضٍ نزيه" وضعت الأمور على سكّة كشف ومكافحة الفساد الصحيحة عبر تمكين الجهة المدّعية – التي ستتقدّم باعتراض أصولاً وبالادعاء على مؤسسة حمود المذكورة إن قرّرت أن تكون جزءاً من الصفقة المعيبة – من "مراقبة" تنفيذ الأشغال المذكورة بالحد الأدنى.

إذ وفوق كون الملف أمام القضاء وتحت الحراسة القضائية مما يرفع يد أي سلطة أخرى عنه مهما كانت، فإنه مما لا شك فيه إطلاقاً أن ما جرى بهذه الطريقة هدفه تمكين المدّعى عليه مجلس الإنماء والإعمار وأعوانه، وكر الفساد الأول في لبنان بشهادة اللبنانيين وأهل طرابلس أنفسهم، من اجتراح المزيد من السرقات والاختلاسات "تحت غطاء قضائي"، كما جرى في قضية المودعين، يحوّل القضاة إلى مذعنين لزعمائهم في السياسة غير مكترثين لا بحياة الناس ولا بصحتهم ولا بأي يمين أو وطن أو عدالة أو حق أو حقيقة، بشكل يُدمي القلب ويندى له الجبين يدفع المرء أحياناً وبكل حزن وأسف للتمنّي بأن يقوم "العدو الإسرائيلي" في خضم الحرب القائمة بتخليص البلد منهم لهول ما ارتكبوه بحق الناس!

ليس هذا فحسب، بل علم محامو التحالف اليوم ٢٢ تشرين الأول وفي سياق متصل ولدى مراجعتهم "محكمة التمييز الجزائية" بوجود "طلب نقل دعوى للارتياب" مقدّم من المدّعى عليه أنطوان أزعور تبلّغته القاضية نصار بتاريخ اليوم، إنما لم يجرِ إبلاغه من الجهة المدّعية كونه لم يأتِ على ذكرها بتاتاً!

كيف هذا وقد تبلّغت القاضية نصار الطلب بعد تاريخ صدور قرارها هي بنفسها إقصاء الجهة المدعية، حيث أن الأمر لم يعد يستدعي التعليق عليه أكثر مما هو جارٍ مراراً وتكراراً بشأن إزهاق حقي الدفاع والتقاضي الذي يمارَس تعسّفاً بحق محامي تحالف متحدون في القضايا الكبرى التي تهم المجتمع، من الودائع إلى النفايات إلخ، بشكل لم يعد يصح معه حتى إطلاق لقب "قاضٍ" على كل من ينطبق عليه هذا الفعل.

يبقى أن يهبّ أهل طرابلس والشمال يداً واحدة بوجه كل من يرتكب هذه "المجزرة البيئية والصحية" بحقهم، من سرقهم ونهب خيرات المدينة ودمّر اقتصادهم ومن يغطّيهم، حيث سيكون التحالف ومحاميه وإعلامييه وناشطيه سنداً متيناً لهم.

ختاماً، سوف تنقشع هذه الغمامة السوداء والحساب آت، وسوف تعلّق المشانق هذه المرة فوق جبل النفايات. وإن غداً لناظره قريب.

تعليقات: