صورة عن التلفزيون السوري لعبد الباقي محمود الحسين وهو يدلي باعترافاته (أ ف ب)
الانتمـاء لفتـح الإسـلام، والتمـويـل لبـنانـي وخليـجي...
بث التلفزيون السوري على مدى أربعين دقيقة امس، اعترافات المجموعة التي خططت ونفذت تفجير القزاز في ٢٧ أيلول الماضي، وأدى إلى مقتل ١٧ شخصا وفقا للرواية الرسمية. وتبين من اعترافات أفراد المجموعة ان منفذ العملية سعودي ويلقب بأبي عائشة، وأنه ينتمي إلى تنظيم فتح الإسلام المرتبط بتنظيم القاعدة، وان قرار تنفيذ العملية اتخذ في لبنان، فيما تم التحضير لها عبر تأمين المتفجرات من لبنان، والمال اللازم من سوريا.
وبرزت بين اعترافات أعضاء المجموعة إشارة أكثر من فرد إلى مصادر التمويل الخاص بالتنظيم والتي تبدأ من تجار في شمال لبنان، إلى أثرياء في دول الخليج وفي مقدمتهم السعودية، إلى »تيار المستقبل« والتي تحدثت ابنة شاكر العبسي، وفاء، عن »علاقة والدها الحذرة به«. وتراوحت أعمار من أدلوا باعترافاتهم بين الثلاثين والعشرين من العمر، معظمهم من خريجي معاهد دينية متشددة، أو متأثرين بالفكر الديني السلفي وأصحاب روابط مع »القاعدة«، ولهم »اتصالات مع القاعدة في العراق وفتح الإسلام في لبنان في مخيمات البداوي والبارد وعين الحلوة«.
ولم تقتصر الجنسيات على السوريين، بل ظهر يمني من أفراد تنظيم القاعدة، كما عرض التلفزيون بطاقات هوية شخصية من لبنان وسوريا والسعودية واليمن وتونس، وذلك إلى جانب الأسلحة المتنوعة التي استحوذ عليها وبينها المسدسات وقاذفات »آر بي جي«، والرشاشات الروسية والأميركية، إضافة الى المتفجرات والقنابل والأحزمة الناسفة. واعتمد التلفزيون في عرضه الممنتج على رواية فرد من المجموعة للقصة كاملة، ودعمت أقواله باعترافات الآخرين من شهود ومتورطين.
وقال عبد الباقي الحسين ابو الوليد، وهو سوري من معرة النعمان (ادلب) والرجل الثاني بعد شاكر العبسي، قدم نفسه على انه المسؤول الأمني والمتحدث باسم فتح الإسلام، انه ارتبط بمجموعة تابعة لتنظيم القاعدة تكونت في معرة النعمان، ثم هرب باتجاه طرابلس عبر الحدود الرسمية وبدأ العمل في دكان صغير مع عضو آخر اسمه مناف، إلى ان جاءه شخص (سمير الأيوبي الملقب بأبي الرحمن) يتبع القاعدة وعلى علاقة مع شخص اسمه نبيل الرحيم، هو أحد مسؤولي تنظيم القاعدة في شمال لبنان.
وقال انه خلال هذه الفترة، كانت معركة نهر البارد دائرة، إلى ان جاءهم في منتصف تشرين الثاني ابو الرحمن لترتيب لقاء بين الحسين (باعتباره من تنظيم القاعدة) وشاكر العبسي (الذي كان فر باتجاه مخيم البداوي). ويبين الرجل في أقواله أنه بعدها التقى مرتين بالعبسي، الذي طلب منه »الاتصال مع تنظيم القاعدة«، وذلك من خلال علاقته بالسوري المسؤول في التنظيم ياسر العناد والذي تزوج لاحقا من وفاء، ابنة شاكر العبسي.
ويروي الحسين ان العناد اتصال بأبي عبيدة في سوريا، وهو صلة الوصل مع تنظيم القاعدة في العراق، موضحا رغبة فتح الإسلام في »معاودة الاتصال مع القاعدة بعد انقطاعه إثر معركة نهر البارد«. ويشير إلى أن هذا الأمر استغرق شهرين، اعتقل خلالها نبيل الرحيم في طرابلس فتمت ملاحقة الأيوبي، ما دفع الحسين إلى الفرار لمخيم البداوي فيما قام العناد بالفرار إلى بعلبك.
بعدها، هرب الحسين الى سوريا برفقة العبسي وآخرين هم »أبو هاشم المعروف بابي الشهيد، وابو معاذ الذي سبق العبسي إلى سوريا، ابو الخابز وهو سوري من حلب، وأبو هاشم من درعا، وابو معاذ من فلسطين، وابو ثابت وهو تونسي مقيم في ألمانيا، وشابان من السعودية هما ابو عبد الله وأبو عائشة وابو أيمن مرافق العبسي«. ويضيف ان المجموعة عبرت باتجاه سوريا برفقة »ابو العبد اللبناني الموجود في القبة في طرابلس«. وفي دمشق، تقيم المجموعة في منزلين أحدهما في الحجر السود وهو لشقيق ابو أيمن، وآخر في المليحة قرب دمشق يملكه ابو عبيدة.
وتابع انه تم الاتفاق مع ابو أيمن لإرسال خبير متفجرات »وهو الملقب بأبي هاجر وهو لبناني من طرابلس«. وحددت لائحة بالأهداف »أولها المراكز الأمنية ثم الدبلوماسيين حيث كان هناك دبلوماسي إيطالي وآخر بريطاني واستهداف سيارات المبيت التي تنقل عناصر الأمن«، إضافة »إلى أهداف اقتصادية لتمويل التنظيم وضروري ان تضرب بسرعة كي لا ينقطع التمويل.. وكان الهدف الأول مركز حوالات موجود في جرمانا، ومكتب حوالات آخر، ومكتب شركة القدموس في البرامكة، والمصرف الرئيسي أثناء صرف الرواتب«، إضافة إلى محطات الوقود، وخصوصا تلك التابعة للدولة ولمالكين مسيحيين.
ويذكر الحسين انه كان »هناك مورد لا يمكن إغفاله، ولكن بفترات غير معلومة لدينا، عبر تجار لهم اتصال مع شاكر العبسي والشباب المحيطين به، يجمعون التبرعات تحت غطاء دعم الفقراء والمحسنين« في مدينة طرابلس.
ويعود إلى روايته قائلا »أبلغنا أبو أيمن أن لديه وسيلة للحصول على الأسلحة وتم تحصيلها عبر شخص يدعى ابو أسامة الذي امن متفجرات«، وذلك قبل أن يستدل أحد أفراد المجموعة على شخص آخر هو اللبناني فايز الليطاني الذي قام بـ»تأمين البضاعة« وبينها صناديق يحتوي الواحد منها على ٢٠ كلغ من المتفجرات يتم تأمينها الى سوريا ونقلها لاحقا للمجموعة.
وقال الرجل ان المسؤول عن تفجير السيارة المفخخة في دمشق »هو ابو عائشة السعودي الذي قتل فيها« وتم إخفاؤه عن الأنظار لحين تنفيذ العملية. واضاف ان »السيارة المفخخة سرقت من احد السائقين العراقيين وهو طه حسن عبود الدليمي في ٢٦ أيلول عندما اعترضه أربعة أشخاص من فتح الإسلام وهم انس عثمان واحمد رمضان وعبد الحليم رعد واليمني نبيل احمد الذهب وأخذت السيارة لتفخيخها الى مزرعة في خان الشيح (تبعد عن دمشق حوالى ٢٥ كلم) وذلك بكميات كبيرة من المواد المتفجرة تم تهريبها عن طريق لبنان«.
وفي معرض حديثه عن التمويل، يتقاطع كلامه مع كلام وفاء العبسي، عبر الحديث عن العلاقة المالية التي ربطت بين تنظيم فتح الإسلام و»تيار المستقبل«. ويقول الحسين عن علاقته بابي أيمن أنه كان »يسأل دائما ما المانع الشرعي من ارتباط التنظيم (فتح الإسلام) بتنظيم سياسي؟« مشيرا أنه تم إطلاعه لاحقا من قبل العناد على »ان التنظيم قائم على إرشادات واتصالات تأكدت أن الجهة... هي تيار المستقبل كونهم كانوا يتصرفون بأمان في الأماكن التي يتواجد فيها عناصر تيار المستقيل حيث يتصرفون بتحرر من الشكل الأمني«.
من جهتها، تقول وفاء العبسي وهي زوجة ياسر العناد (ومتزوجة سابقا من السوري محمد طيورة الذي قتل على الحدود السورية العراقية)، ان القيادي في فتح الإسلام ابو هريرة شهاب قدور كان على علاقة خاصة بأحد مسؤولي التيارات المدعو بلال دقماق التابع لداعي الاسلام الشهال، زعيم التيار السلفي في طرابلس، وأنه كان »يتم التواصل عن طريق ابو هريرة مع هذه التيارات ثم صار هناك دعم مالي من التيارات... وكانت ايضا مصادر التمويل من بعض الأشخاص من السعوديين من التنظيم ذاته ممن تعتبر أوضاعهم المادية ممتازة، كان أبرزهم ابو رتاج السعودي وأبو رياح السعودي«. وتضيف »وأيضا من قبل تيار المستقبل حيث كانت تأتي تحويلات من بنك المتوسط التابع لتيار المستقبل«.
وتختم وفاء أنها سألت والدها »اذا كانت هناك من علاقة (مع تيار المستقبل) فقال ان هناك رسائل متبادلة عن طريق التيارات السلفية«. وسألته لاحقا »إذا كانت العلاقات مستمرة ولكنه أبدى قلقه و(قال): لكن نحن لسنا واثقين منهم... يمكن في اي لحظة وفي مقابل اي صفقة ان تتغير لمصلحة أو عمل سياسي«.
.. ووفاء شاكر العبسي (أ ف ب)
تعليقات: