حركة الـ«ميدل إيست» تخسر ربعها .. وإلغاء الحجوزات يقارب 70٪

تراجع السياحة 23٪ في الثلث الأول.. و19٪ الإشغال في الفنادق.

عادت السياحة من جديد لتتصدر هموم القطاعات الاقتصادية في لبنان، بعد مرور 17 يوماً على بداية أحداث مخيم نهر البارد والتفجيرات الأمنية في مختلف المناطق. لم يتخلف القطاع السياحي فعلياً عن صدارة الهموم منذ 14 شباط ,2005 ولكنه تشاركها مع قطاعات أخرى في فترات معينة. اليوم، بدأت مشاعر الإحباط تصيب المسؤولين عن مختلف القطاعات السياحية لجهة إنقاذ موسم الصيف والتعويض عن العامين الفائتين، وإن لم يفقدوا الأمل نهائياً بتمرير جزء من الموسم على خير.

على صعيد الأرقام، يحوم شبح الكارثة حول المؤسسات السياحية، وخصوصاً الفنادق والشقق المفروشة وشركات تأجير السيارات. فالمؤشرات الراهنة تؤكد خسارة القطاع لشهر حزيران، التمهيدي لموسم الصيف، حيث يبلغ معدل الإشغال في الفنادق 19 في المئة، ولا يتخطى الـ25 في المئة بأفضل الأحوال. كما تراجعت حجوزات شهر حزيران في وكالات السياحة والسفر 70 في المئة خلال الأسبوعين الفائتين، علماً انها كانت تقل 10 في المئة فقط عن حزيران ,2006 قبل بداية الأحداث الأمنية. كذلك، انخفض حجم العمل وعدد الركاب على طائرات الـ«ميدل إيست» بنسبة 25 في المئة (30٪ من أوروبا و20٪ من الخليج)، استناداً إلى أحد قادة طائرات الشركة. نسبة التراجع هذه أكدتها مصادر مطلعة في الإدارة، أشارت إلى ان حجم العمل هبط 25 في المئة عما كان متوقعاً في الأسبوع الأخير من أيار الفائت، ولكنها أوضحت أنها لم تلغ الرحلات الإضافية التي تنظمها خلال موسم الصيف. كما أفاد بعض الركاب على خطوط طيران عربية وصول طائرات إلى بيروت على متنها أربعة أو خمسة ركاب، فيما تمتنع إدارات الشركات عن التعليق على هذه المسائل.

حركة السياحة

على صعيد حركة السياحة الوافدة إلى لبنان، أظهرت الأرقام الرسمية الصادرة عن وزارة السياحة، تراجع عدد السياح الوافدين في الأشهر الأربعة الأولى بنسبة 22.9 في المئة، مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الفائت. ومن المنتظر ارتفاع هذه النسبة لشهر أيار، بسبب التراجع الملحوظ لعدد السياح خلال الأيام العشرة الأخيرة من الشهر.

وفي التفاصيل، دخل لبنان حتى نهاية نيسان الفائت، 270 ألفاً و62 سائحاً، مقابل 350 ألفاً و272 سائحاً في للفترة ذاتها من العام ,2006 أي بتراجع قدره 80 الفاً و210 سياح، وما نسبته 22.9 في المئة.

وحافظت الدول العربية على صدارة ترتيب السياحة الوافدة، بـ105 آلاف و234 سائحاً في الأشهر الأربعة الأولى من العام، أو ما نسبته 39 في المئة من إجمالي عدد السياح، تليها الدول الأوروبية بـ76 ألفاً و61 سائحا، أو 28.2 في المئة من العدد الإجمالي، ثم آسيا بـ36889 سائحاً أو 13.7 في المئة، وأميركا بـ28240 سائحاً أو 10.5 في المئة، فإفريقيا بـ15765 سائحاً أو 5.8 في المئة من إجمالي عدد السياح. إشارة إلى ان حصيلة السياح من إفريقيا ليست دقيقة تماماً، في ظل احتساب خادمات المنازل من أثيوبيا كسياح، حيث وصل عدد القادمين من هذه الدولة، حسب وزارة السياحة، إلى 12214 سائحاً، علماً أن عدد السياح السعوديين لا يزيد عن 16 ألفاً.

في المقابل، تصدرت الأردن القائمة الإفرادية للدول بـ37458 سائحاً، أو 13.9 في المئة من إجمالي السياح، تليها فرنسا بـ20325 سائحاً أو 7.5 في المئة، ثم إيران بـ19472 سائحاً أو 7.2 في المئة، فالعراق بـ17241 سائحاً أو 6.4 في المئة، والسعودية بـ15831 سائحاً أو 5.9 في المئة من إجمالي عدد السياح. ويظهر الرقم الأخير تراجع عدد السياح الخليجيين عن السنوات الماضية، إذ لطالما تصدرت السعودية قائمة الدول المصدرة للسياح إلى لبنان.

النشاطات السياحية معلقة

بعد حرب تموز الأخيرة، أعلن المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي، عام ,2007 سنة السياحة العربية في لبنان. ولكن ما هي آليات تطبيق قرار كهذا، خصوصاً في ظل الأوضاع الأمنية والسياسية الراهنة في لبنان؟

سؤال حاولت المديرة العامة لوزارة السياحة ندى السردوك الإجابة عنه، فأشارت إلى أن القرار يشمل إقامة نشاطات سياحية في لبنان وتحفيز القطاعين العام والخاص العربي على زيارة لبنان خلال هذا العام. كما عملت الوزارة مع عدد من القطاعات السياحية على تقديم عروض لجذب السياح، ومن ضمنها تنظيم مؤتمر مجلس السياحة العربي، بالإضافة إلى توقيع اتفاقات ثنائية بين القطاعات الخاصة اللبنانية والعربية، وخصوصاً قطاع وكالات السفر والسياحة، لا سيما مع الأردن.

«ولكننا لا نستطيع القيام بأي شيء تجاه الأحداث الأمنية»، تقول السردوك مشيرة إلى أن محاولة تسويق لبنان سياحياً في هذه الظروف، يكاد يكون مستحيلاً. ولم ينقطع بث الإعلانات السياحية التسويقية عن شاشات الإعلام طوال الفترة الأخيرة، ولكن صور المعارك في الشمال والتفجيرات في المناطق تبقى أشد تأثيراً على نفوس الناس.

وعن النشاطات والمؤتمرات السياحية التي تم إلغاؤها نتيجة الأوضاع الراهنة، أوضحت السردوك أن المعرض السياحي الثاني لمنظمة الدول الإسلامية تأجل من آذار الفائت إلى حزيران .2008 كما تم تأجيل مؤتمر لاتحاد الصحافيين السياحيين العرب إلى أجل غير مسمى، علماً أنه كان مقرراً عقده في أيار الفائت. ولفتت السردوك إلى أن اللجان المنظمة لنشاطات «صيف 2007» تقوم بتأجيلها من شهر إلى شهر، «ولكن إذا طالت الأزمة فستؤجل النشاطات لمدة سنة». أما معرض «آوتي» (AWTEE) السياحي، فما زالت التحضيرات جارية لإقامته في موعده في كانون الأول المقبل.

في المقابل، تحدثت السردوك عن انعقاد اجتماعي مجلس السياحة العربي ولجنة الشرق الأوسط في منظمة السياحة العالمية في بيروت، واللذين وضعا آليات تطبيقية لتحفيز القطاع السياحي في لبنان، حيث تم الإعلان عن يوم السياحة العربي في 21 حزيران 2007 في العاصمة اللبنانية. ولكنها استبعدت إمكانية تطبيق هذا القرار في ظل الأوضاع الأمنية الراهنة في البلد.

الفنادق فارغة

من جهة ثانية، تراجع حجم الإشغال في الفنادق الكبرى والمتوسطة في لبنان بنسبة 70 في المئة عما كانت عليه في 20 أيار الفائت، أي قبل يوم من اندلاع معارك الشمال. إذ يتراوح معدل الإشغال اليوم بين 18 و20 في المئة، بعد أن ناهز الـ70 في المئة قبل الأزمة.

ولم يخف أحد المسؤولين في فندق «الموفنبيك» هذا الواقع، وأشار إلى أن نسبة الإشغال تبلغ 18 في المئة، لافتاً إلى إلغاء حجوزات بشكل كبير لشهر حزيران، بالإضافة إلى إلغاء مؤتمرات وأعراس. وأوضح أن جميع الزوار الأجانب في الفندق هم من رجال الأعمال الخليجيين والعرب الذين يأتون لفترة يومين أو ثلاثة بحد أقصى. وقال إن شهر حزيران ضرب نهائياً، ويبقى الأمل بتحصيل 50 في المئة مما هو متوقع لشهر تموز، أما آب وأيلول فيمكن إنقاذهما بالكامل إذا ضبطت الدولة الوضع الأمني بشكل سريع. ولفت إلى تراجع حجم العمل بنسبة 50 في المئة عن الفترة ذاتها من العام الفائت، ويعول الفندق على مردود المسبح الذي لم يتأثر كثيراً بالأحداث، كونه يرتبط أكثر بالسياحة الداخلية.

ولا يختلف الأمر بالنسبة لفنادق الـ«سفير هيليوبوليتان»، «ريفييرا»، «بريستول» و«جيفيتور روتانا»، حيث تحــوم نســبة الإشغــال في الفــندقين الأولين حول 15 في المئة، فيما لا تزيد عن عن 25 في المئة في «بريستول» و«جيفينــور».

وتجـدر الإشارة إلى ان فارق الإشغال بين هذه الفنادق قد يعكس في كل يوم، حسب مؤسسات الأعمال أو المؤتمرات التي يستضيفها الفندق. ولكن معدل الإشغال لا يزيد عن 25 في المئة.

من جهته، أوضح الأمين العام لاتحاد المؤسسات السياحية جان بيروتي أنه لا يمكن الحديث عن إلغاءات في الحجوزات لأشهر تموز وآب وأيلول، والتي تكون قليلة قبل منتصف حزيران.

ولفت إلى عدم وجود سياح أو لبنانيين مغتربين في البلد اليوم، مؤكداً تراجع الإشغال في الفنادق أكثر من 65 في المئة عن العام الفائت.

واعتبر أن الوضع في لبنان أكبر من الحديث عن هدنة المئة اليوم، في ظل المعركة الوطنية الكبيرة التي يقوم بها الجيش اللبناني، «وما نريده فقط هو مساعدة القطاعات الاقتصادية لتتمكن من الصمود». وقال: «إذا حسمت المعركة في الشمال وعدنا بعدها إلى السجالات السياسية، فستذهب دماء شهداء الجيش هدراً، وسنشهد عمليات صرف للعمال بالجملة في المؤسسات». ولكنه لفت إلى أن الأخيرة لا تستطيع صرف أي عامل بانتظار تحديد مصير موسم الصيف.

مؤشرات سلبية إضافية

إلى جانب قطاع الفنادق، تشير أرقام وكالات السفر والسياحية إلى جمود تام في السياحة الداخلية، مقابل ارتفاع في سوق قطع التذاكر بنسبة 5 في المئة لشهر أيار، ما يزيد من المؤشرات السلبية على الصعيد الاقتصادي. وأوضح رئيس نقابة أصحاب وكالات السفر والسياحة جان عبود أن زيادة قطع التذاكر، تدل إلى ان اللبنانيين يغادرون للعمل في الخارج أو للاستثمار في أعمال جديدة.

وأضاف ان الحجوزات إلى لبنان المتبقية لشهر حزيران ما دون الـ20 في المئة من تلك المسجلة قبل بداية الأحداث في الشمال. كما تصل نسبة الإلغاءات لشهر تموز إلى 33 في المئة، يمكن تعويض جزء منها في حال استتبت الأوضاع الأمنية.

وعن جنسية السياح المحتملين، أشار عبود إلى ان الأوروبيين صرفوا النظر عن لبنان كوجهة سياحية هذا العام، «وما زال بإمكاننا جذب السياح العرب والمغتربين اللبنانيين الذين يحجزون في آخر لحظة. ولكن لم يعد لدينا أكثر من 15 يوماً قبل أن نخسر 50 في المئة من السياح المحتملين».

وقال أحد المسؤولين في وكالة «نخال تورز» للسياحة والسفر إن نسبة إلغاء الحجوزات لحزيران تصل إلى 20 في المئة، كون بعض السياح الأوروبيين ينتظرون استتباب الأمور قبل نهاية الشهر. في المقابل، لفت أحد قادة طائرات الـ«ميدل إيست» إلى انعدام السياح الأجانب القادمين إلى لبنان، مشيراً إلى أن معظم الركاب هم من المغتربين اللبنانيين. وكشف أن معظم الرحلات من أوروبا والخليج تقلع بثلث الأعداد المتوقعة.

تعليقات: