عدنان سمور: خارت قوى الغول من التغول.. والضحية ما زالت تنزف وتقاوم

المهندس عدنان سمور
المهندس عدنان سمور


منذ بداية تبلور الحلم الصهيوني ، على يد ورثة المشروع الإستعماري الغربي بزعامة بريطانيا يومها ، خرج مجموعة من المحللين الإستراتيجيين الكبار ، من الصهاينة والغربيين ، الذين شخصوا ببراعة ، العقبات التي يمكن أن تواجه هذا المشروع الإستعماري والإلغائي والإجتثاثي الجديد ، وكان من العقبات التي توقعوها ، تحديات الواقع الجغرافي المترامي للمنطقة ، والواقع الديمغرافي للمنطقة الذي سيشكل عقبة كأداء في وجه هذا المشروع الشيطاني الإجرامي الصهيوني الغربي ، وكان من العقبات المهمة التي توقعوها أيضاً ، إحتمال حصول يقظة ووعي جماعي لشعوب المنطقة ، الأمر الذي يمكن أن يشكل تهديداً للمشروع الصهيوني الإستعماري الجديد ، كما قام مجموعة من المتنورين من قادة مشروع النهضة في المنطقة من مثقفين وزعماء ورجال دين ، بالإستشعار المبكر لخطورة هذا المشروع على مستقبل المنطقة ، وتوقعوا أيضاً أن هذا المشروع سيصطدم في نهاية المطاف بالعقبات الجغرافية والديمغرافية ووعي الناس ، الأمر الذي سيؤدي الى انهياره في نهاية المطاف ، وعمل المخلصون منهم لمدة تزيد على المئة عام على تعزيز نقاط القوة ف مواجهة هذا المشروع وإجهاض أهدافه ، رغم ضعف الإمكانات وكثرة المؤامرات والجهود التي بذلها الغرب لتعطيل فعالية عوامل القوة الثلاث سابقة الذكر ، وكان من بين الحلول التي عمل عليها الغرب لتحقيق أهدافه ، تقسيم المنطقة جغرافياً بواسطة اتفاقية سايكس بيكو وما تلاها من مشاريع تقسيم ، لتسهيل عملية السيطرة عليها ، وخلق الفتن فيما بين أقسامها ومكوناتها ، وفي المجال الديمغرافي سعى الغرب الجماعي لتعويض الفارق بين شعوب المنطقة ومستوطني الكيان ، بتكريس التفوق العسكري والتكنولوجي والعلمي للكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين على كل دول وشعوب المنطقة مجتمعة ، وفي حال حصل ضعف بتفوق الكيان في مقابل المقاومات التي ستواجهه ، فإن الغرب الجماعي المتمثل بحلف الناتو بزعامة أميركا ، جاهز للتدخل مباشرة ودعم الكيان ، لتعويض أي نقصٍ يتعرض له ويشكل خطراً على وجوده ، وقد فعلها اكثر من مرَّة ، أما في مجال إعاقة وإفشال محاولات نمو وعي شعوب المنطقة ووصولها الى مرحلة تمكِّنها من ان تشخص بشكلٍ دقيقٍ سبب مشكلاتها وبلاءاتها وعجزها عن النهوض والتنمية والتقدم ، فقد سخَّر الغرب الجماعي وكيانه الغاصب لفلسطين كل برامجهم وسياساتهم وفنونهم وإعلامهم وعلومهم وصناعتهم وإقتصادهم وأنظمتهم وقوانينهم وتربيتهم وتعليمهم وعسكرهم وسلاحهم ومساعداتهم ، لتحقيق هذا الهدف ، ولكن رغم بذل كل هذه الجهود العظيمة والمُكلفة ، فقد تمكنت شعوب المنطقة من تحقيق خروقات معتدٍّ بها في جدار هذه المعوقات الثلاث ، وقد تمكن مشروع المقاومة ببطىءٍ وتدرج من

عبور الكثير من المطبات والأفخاخ والصعوبات والمواجهات والحروب ، حتى وصل الى لحضة الذروة في المواجهة ، التي تمثلت بانتصار الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 ، حيث تأسست ولأول مرة في تاريخ المنطقة الحديث ، دولة عظيمة التاريخ والجغرافيا والديمغرافيا والثروات ، مع امتلاكها لوعي كبير وعميق ومتجذر في التاريخ ، إضافة لوجود لإمتلاكها إرادة صلبة وعنيدة ، في دعم قوى التحرر والممانعة في المنطقة ومواجهة النظام العامي الإستعماري المهيمن ، وقد تمكنت هذه الدولة الفتية ، بتعاونها مع شعوب المنطقة التواقة الى الحرية والخلاص ، من كل أوجه الإستعمار الذي يمارسه ضدها نظام الهيمنة العالمي بزعامة أميركا ، تمكنت قوى المقاومة من مراكمة مجموعة انجازات وانتصارات أهَّلتها ، لتنضيج الأرضية الصالحة لتوظيف جغرافيتها وديموغرافيتها وثرواتها ووعيها في معركة حاسمة ، في لحظة وصولها الى لحظة الذروة في المواجهة التاريخية ، وهي اللحظة التي أطلقت فيها المقاومة الفلسطينية بقيادة القائدين الملحميين محمد الضيف ويحي السنوار من قطاع غزة باتجاه الأرض المحتلة ، ضد الكيان الغاصب لفلسطين ، وهي ملحمة طوفان الأقصى ، ولاقاهما من لبنان المقاومة البطلة بقيادة قائد مشروع المقاومة الأبرز في المنطقة العربية ، شهيد الأنسانية الخالد السيد حسن نصر الله ، ومن العراق لاقاهم الشعب العراقي الشجاع ممثلاً بالحشد الشعبي المظفر الذي تمكن من طرد امريكا وداعش من أرض العراق بعد حروب ومواجهات ضارية ، ومن اليمن لاقاهم القائد الهمام السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي وشعب اليمن الملحمي العظيم ، الذي انتصر على الحرب الكونية التي خيضت ضده وتمكن مجدداً من توحيد اليمن السعيد ، وبقيت سوريا قلعة الصمود والثبات العربي، من خلال دعمها لمحور المقاومة بدأً من فلسطين ومروراً بلبنان ووصولاً الى العراق وايران ، سوريا التي تمكنت أيضاً من الانتصار بشعبها وقائدها الأسد على الحرب العالمية التي خاضها الغرب والعُرب ضدها ، ولاقتهم أيضاً إيران التي قاد مسيرة دعمها لمحور المقاومة قائد فيلق القدس ، وحبيب السيد الشهيد حسن نصرالله ، الشهيد قاسم سليماني ، المفوض من قائد محور المقاومة في المنطقة ومناطق كثيرة في العالم ، سماحة الإمام الخامنئي الذي يشكل الركيزة القيادية الداعمة الأساسية لمحور المقاومة ، حتى تمكن في نهاية المطاف محور المقاومة ، من المحافظة على مقاومته الفتية والفاعلة ، رغم كثرة التضحيات وكثرة الجراح النازفة ، وأوصل أعداءه المتكالبون عليه ، إلى مرحلة (الغول الذي خارت قواه من كثرة ما تغول على ضحاياه) ، وها هو يقترب اليوم من الخضوع لشروط محور المقاومة ، الذي سيحقق في هذا الإنجاز والإنتصار نقلة نوعية في مشروع تحرر شعوب المنطقة من مخالب الهيمنة الغربية المتوحشة ، ويؤسس لحياة وحضارة اكثر انسانية وعدلاً ومحبة ، وسيكتب التاريخ في الآتي من الأيام ، أن غول الحضارة الغربية المتوحشة خارت قواه وهزم نتيجة استكلابه في التغول على شعوب المنطقة ، الذين ظلوا يقاوموه بكل شرف ونبلٍ وفروسية ، رغم اسمترار مشاريعه وحروبه الخبيثة والظالمة ورغم أدائه المستعلي والمتوحش والمجرم ، وقد قدموا في هذه الحروب أعظم تضحياتهم وتحمَّلوا تدفق النزف الهائل من جراحهم ، بشكل أدهش القريب والبعيد ، والعدو والصديق ، حتى استحقت شعوب المنطقة بجدارة إسم شعوب الملاحم وقادتها ومجاهدوها وشهداؤها استحقوا أيضاً بجدارة واستحقاق إسم القادة والمجاهدين والشهداء الملحميين

تعليقات: