زينب محمد قاسم (30 عاماً) التي قضت تحت انقاض منزلها في حولا


زينب محمد قاسم.

أمنت فنامت.

فاجأها الغدر في المنام وزارها القدر.

لا اعتراض على الموت ولا على شكله العنيف.

فنحن في حالة حرب والعنف في الحروب محسوب.

والهدوء كان المستغرب.

هدوء جعل أكثرنا ينسى أننا في حالة حرب وأن جنوبنا خط مشتعل.

بعد سبعة عشر عاماً من النكبة كاد يغيب ذكرها الا في نفوس المرابطين.

جنود مجندة دعاها الواجب

وجنود جوار أوجدها العيش والمسكن.

لجنود الواجب أهل يذكرونهم في وحشتهم ويقلقون خوفاً من افتقادهم.

أما المجاورون فلهم اللهم والثبات والنقمة.

يعيشون على مرأى من العدو والخطر الداهم.

ونعيش نحن على بعد منهم فلا نبصرهم هم ولا ما هم يبصرون. وكأننا أوكلنا العاملين الوغى يمتصون خطره. واستأثرنا نحن بالسلم نلهو به ونتنعّم.

والنعم عندنا سياسات ضيّقة. سخافات ترهات أقصاها الوصول إلى كرسي بحكم أو من دونه.

أغشت على أبصارنا حتى تطاولنا على المقدسات فسيسناها وزايدنا عليها. ثم تجرّأ بعضنا واتهم من مثّل لبنان في الاجتماعات العربيّة أنّه تورّط في الموافقة على مشروع تحويل الروافد. وكأن لبنان مراقب وسيط لا طرف نزاع.

…حتى ماتت زينب محمد قاسم.

وكدت أقول حياالله تلك الميتة وذاك الاستشهاد الذي دق الناقوس، وأعطى البرهان المحسوس، ولو أننا لم نكن بحاجة إليه.

فمجرّد وجود اسرائيل هو اعتداء يومي على كياننا وتهديد لمستقبلنا وعار على جبيننا ووصمة في تاريخنا.

نسينا فماتت زينب.

سلام على زينب يوم استشهدت فصحّتنا من لهونا.

وسلام على أرض استشهادها انها تميمتنا ودرع مستقبلنا.


- مقال كتبه غسان تويني بتاريخ 30 تشرين الاول 1965 في جريدة النهار وكانه كتب اليوم.

جاء ذلك في رثاء الشهيدة زينب محمد قاسم (30 عاماً) التي قضت تحت انقاض منزلها في حولا بعد قيام جيش العدو الإسرائيلي بالتسلل ليل 29 تشرين الأول 1965 لتفخيخ ونسف منزل المختار خليل ياسين، من شدة الانفجار تهدّم بيت زينب الترابي.

تعليقات: